مهزلة إسرائيلية يجب أن تتوقف

20152305083741
حجم الخط

منذ البداية ما كان ينبغي أن يكون مرشح «المعسكر الصهيوني» لرئاسة الوزراء؛ كان عليه أن يستقيل، بالضبط مثل نظيره إد ميلبند، عشية هزيمته، ولكن حتى لو كان تجاوز هذين العائقين، أمس، اليوم، أو في أقصى الأحوال غداً، فإن عليه أن يستقيل من منصبه في أعقاب الفيلم الوثائقي الذي كشف النقاب عن سلوكه في حملة الانتخابات.
من آمن قبل الانتخابات بأنه هو الرجل، من آمن بعدها بأن عليه أن يبقى ويواصل القيادة، كان ينبغي أن يشاهد فيلم عنات غورين، «هرتسوغ»، الذي بث القسم الأول منه، الأربعاء الماضي، في برنامج «همكور» في القناة 10. وكل ذلك من أجل الفهم بأن اسحق هرتسوغ قد يكون رجلاً ممتازاً، لطيف المعشر، نزيهاً، مثقفاً ومستقيماً، ولكن من هذا التيس لن ينتزع حليباً رئيس وزراء، زعيماً، أو سياسياً على الأقل.
غداة الانتخابات، أو في أقصى الأحوال غداة بث «هرتسوغ»، كان ينبغي لهذا الموضوع أن ينتهي، هرتسوغ غير مناسب، هرتسوغ لم يكن أبداً مناسباً، والآن جاء الفيلم أيضاً.
هرتسوغ في «هرتسوغ»، مثل هرتسوغ في الحياة، ليس ملائماً ليكون رئيس وزراء، ولا حتى رئيس معارضة، كان هناك من اعتقدوا ذلك منذ زمن بعيد، ولكن حتى من أخطأ وآمن به لم يعد يمكنه أن يتنكر للصورة التي برزت، الأربعاء الماضي، من الشاشة الصغيرة.
«إذاً، ما الذي تريدونه؟ قولوا إلى أين؟»، يسأل هرتسوغ في إحدى لحظات الهبوط في توثيق حملته. «هل يمكن لأحد أن يأتي إلينا؟ ليوجهنا؟ ليشرح لنا ماذا يحصل؟». 
بدأ يقول في لحظة حرج أخرى من انعدام الوسيلة والعجز، شبه الباعثة على الشفقة. وفعلاً، أين سيقف؟ قرب الشجرة التي زرعها جده في غوش عصيون؟ إذ هنا تقع الشمس على وجهه، ومن هناك لا يرى المرء النصب التذكاري. إذاً، ماذا سيفعل؟ وماذا سنفعل نحن؟ لعله يجب أن نذكر براك أوباما في الخطاب، ولعله لا، ولعله يجب أن يكون هناك ماء على الجدار؟ ولعله لا، وفي كل الأحوال لعله يجب وضع الخطاب على الجدار ولعله لا.
سبق أن شاهدنا هنا سياسيين سخيفين أصبحوا دمى في أيدي مستشارين إعلاميين، مستشارون إعلاميون متبجحون شاهدناهم أيضاً حتى التعب. ولكن الخليط الذي يتكون من روبين أدلر وإسحق هرتسوغ هو بالتأكيد أكثرهم تلفاً: تعابير الغرور والاعتداد من المستشار الساحر، الذي يتفجر من شدة الشعور بالأهمية الذاتية، أقدامه على الطاولة، أمام انعدام الوسيلة لدمية المسرح التي يحاول أن يحركها بخيوطه الوهمية، خليط من السياسي الضعيف واليائس والمستشار المغرور لم يؤدِ أبداً إلى أماكن طيبة؛ فمتى سينهض هنا السياسي الذي لن ينصت أمام المستشارين؟
الرجل الذي شهد على نفسه «عندي إحساس بأني أقف على رأس معسكر كبير»، وأنه «يرى خطوات إلى الأمام»، ما كان ينبغي منذ البداية أن يتنافس على منصب أكبر من حجمه، ولكن السياسي – النبي لم يتنازل، لعل هذه هي مأساته ولعلها مأساة حزبه، وقد أصبحت الآن مهزلة، وقريباً ستصبح مصيبة.
وهكذا هو وجه الأمور: الحكومة الأكثر يمينية، قومية، ودينية في تاريخ الدولة صعدت إلى الحكم بأغلبية طفيفة. عناصرها تجاوزت حدود الهذيان، وتصريحاتهم تجاوزت حدود الذوق السيئ. حكومة وزير تعليمها يشرح بأن «التعليم هو التطلع ليحب كل طفل وطفلة الوطن»، هي حكومة هواة جمع الأشياء، هكذا تحدثوا ذات مرة في رومانيا نيكولاي تشاوتشسكو. 
ربما أيضا في ألمانيا أنور هوجا. يشرف على هذه الحكومة رئيس وزراء نفد جدول أعماله: إيران نزلت من الصورة ومثلها أيضا الأمل في الدولتين، ولم يتبقَ له غير تقويض نظام الحكم على طريقة الحكام الذين يبقون في الحكم لزمن طويل جداً.
ومن يقف أمام كل هذا؟ اسحق هرتسوغ، زعيم المعارضة، حفيد الحاخام وابن الرئيس.
هذه المهزلة يجب أن يوضع لها حد.
عن «هآرتس»