الوكالة باقية ما بقي لاجىء

thumbgen (2).jpg
حجم الخط

 

هاجس مسألة اللاجئين الفلسطينيين يؤرق عقول وجفون قادة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية. لم ولن يهدأ لهم بال إلآ بالتخلص من هذه القضية الشائكة، لذا طرحوا وصاغوا الكثير من الأفكار والإجتهادات للإنقضاض عليها بهدف طمسها وقتلها. لإنها توازي قضية تحرير الأرض. هاتان القضيتان تشكلا جوهر ولب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولم يكن ما طرحه بنيامين نتنياهو في جلسة الحكومة اول امس الأحد، ويوم الأربعاء الماضي أثناء لقائه سفيرة اميركا في الأمم المتحدة عن ضرورة "تفكيك وكالة الغوث "الأونروا"، هو الطرح الأول له ولغيره من الإسرائيليين الإستعماريين. ولن تتوقف القيادات الإسرائيلية عن إثارة شطب الوكالة، وستعمل على إستقطاب قوى إقليمية ودولية لتحقيق مخططها الإجرامي. لاسيما وان قضية اللاجئين الفلسطينيين المزمنة، هي الشاهد الحي على جريمة العصر المتمثلة بإقامة إسرائيل على انقاض نكبة الفلسطينيين 1948.

 وكما يعلم العالم قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين طردوا من ديارهم عام النكبة 1948، الذين شردتهم العصابات الصهيونية بفعل مجازرها وجرائم حربها في دير ياسين وكفر قاسم والدوايمة وغيرها من المجازر في كل بقعة من فلسطين التاريخية بلغ عددهم حوالي ال800,000 الف فلسطيني إلى بلدان الشتات والمهاجر العربية والأجنبية، ومازال هؤلاء ونسلهم، الذبن زاد عددهم عن الستة ملايين حتى يوم الدنيا هذا ينتظروا تنفيذ إسرائيل القرار الدولي 194، الذي ربط بين إعتراف الأمم المتحدة ودول العالم بإسرائيل مقابل ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وللتخفيف من معانتهم الإنسانية أنشأت الأمم المتحدة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إستنادا للقرار الأممي 302 لعام 1949. وما لم يتم حل مسألة اللاجئين الفلسطينيين، لن تحل (الأونروا). وعلى سبيل الإفتراض، في حال تحقق لإسرائيل ما تسعى إليه قبل عودة اللاجئين، فلن تشهد المنطقة سلاما ولا عيشا مشتركا، بل العكس صحيح.

لذا يخطىء رئيس الحكومة الإسرائيلية كثيرا جدا إذا إعتقد أن قضية اللاجئين الفلسطينيين تتساوى مع اي قضية من القضايا الناشئة عن الحروب القومية والأهلية في اصقاع الدنيا. لإن كل اللاجئين من دول العالم سمح لهم أو سيسمح لهم بالعودة لإوطانهم فور إنتهاء تلك الحروب. ومن فَّضْل البقاء في مكان اللجوء الجديد، فهذا حقه طالما سمحت الدولة المضيفة له بذلك. غير أن اللاجئين الفلسطينيين لم تسمح لهم إسرائيل بالعودة لوطنهم الأم، لإنها تعتبر عودتهم نفيا لمشروعها الإستعماري الإقتلاعي والإحلالي. ومن هنا كلما تثار قضية اللاجئين ترتعد فرائص القيادات الإسرائيلية جميعها دون إستثناء. مع ان إسرائيل سمحت وتسمح لليهود اي كانت قومياتهم ومواطنهم الأصلية بالعودة الوطن الأم للفلسطيني، وتمنع هذا الحق عن ابناء الشعب المشردين منذ عام النكبة. مع انهم اصحاب الأرض والهوية والتاريخ، وهذا الحق كفله لهم القانون والمواثيق والشرائع الدولية والدينية، وهناك العديد من القرارات، التي عمقت القرار 194.

ورغم ان الشعب والقيادة الفلسطينية قبلوا بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وإعترفوا بإسرائيل، وأكدوا على إستعدادهم للعيش بسلام وفي تجاور معها، إلآ انهم لم ولن يتخلوا عن حق العودة. ولن يسمحوا بتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلآ مع عودة آخر حفيد للاجىء فلسطيني لإرض الوطن الأم. لإن بقاء او عدم بقاء الوكالة ليس هدفا فلسطينيا، انما هي أداة لمساعدة اللاجئين لتأمين ابسط إحتياجاتهم الإنسانية من التعليم والصحة والسكن والإغاثة التموينية المتواضعة. وبالتالي عندما تنتفي اسباب وجذور القضية، يتنفي وجود الوكالة فورا.

لهذا على نتنياهو ومن يقف خلفه في إسرائيل والولايات المتحدة وفي اي مكان من العالم الكف عن إثارة هذا الموضوع إلآ إذا كان جاهزا لفتح الأبواب والموانىء الإسرائيلية لعودة اللاجئين الفلسطينيين لمدنهم وقراهم ومؤسساتهم وبياراتهم وتعويضهم عما ألم بهم منذ سبعة عقود خلت. عندئذ فقط سيذهب قادة فلسطين للامم المتحدة ليطالبوا بتفكيك الأونروا.