أعلن وزير العدل علي أبو دياك، أن مشروع تعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 ما زال في المرحلة الأولى من النقاش والصياغة والإعداد، وما تم تقديمه لمجلس القضاء وغيره من مؤسسات قطاع العدالة ما زال مسودة أولى قيد البحث والتشاور بين الحكومة ومؤسسات قطاع العدالة والمجتمع المدني.
وأضاف أبو دياك، في بيان اليوم الخميس، أنه تم إرسالها إلى مجلس القضاء الأعلى لأخذ رأيه بها بموجب المادة (100) من القانون الأساسي التي نصت على أن "يؤخذ رأيه في مشروعات القوانين التي تنظم أي شأن من شؤون السلطة القضائية بما في ذلك النيابة العامة"، كما تم إرسالها لكافة المؤسسات الرسمية لقطاع العدالة، وإلى المؤسسات الحقوقية الشريكة لقطاع العدالة الرسمي ونقابة المحامين، بهدف التشاور وفتح نقاش وحوار موسع مع مؤسسات قطاع العدالة الرسمية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني حول مسودة التعديل المقترحة، للخروج بأفضل صيغة قانونية من شأنها النهوض بقطاع القضاء والعدالة في فلسطين، بما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
وأكد، على أن هذا المشروع لم يطرح على جلسة مجلس الوزراء للنقاش والإقرار ولم يتم عرضه بالقراءة الأولى، وإنما تمت الإشارة لمسودة التعديل المقترحة فقط، وبأن الحكومة بانتظار رأي مجلس القضاء الأعلى، وتمت توجيهات رئيس الوزراء لعرضه على كافة مؤسسات قطاع العدالة الرسمية وغير الرسمية، والمؤسسات الشريكة لقطاع العدالة وعلى المؤسسات والدوائر القانونية المختصة، تمهيدا لإعداده بالصيغة القانونية الملائمة التي تحقق المصلحة العامة.
وأضاف أبو دياك، أن من واجب الحكومة التقدم بمشاريع القوانين واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذها، وفقا للقانون الأساسي لا سيما المادة (70) التي نصت على أن "لمجلس الوزراء الحق في التقدم إلى المجلس التشريعي بمشروعات القوانين وإصدار اللوائح واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القوانين"، وفي حال عدم انعقاد المجلس التشريعي تتقدم الحكومة بمشاريع القوانين لرئيس دولة فلسطين الذي يتولى صلاحياته الدستورية بإصدار القرارات بقانون في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي بموجب المادة (43) من القانون الأساسي.
وقال، إن مجلس الوزراء بموجب المادة (69) من القانون الأساسي، يختص بوضع السياسة العامة في حدود اختصاصه، وفي حدود برنامجه الوزاري، ويختص بتنفيذ السياسات العامة المقررة من السلطات الفلسطينية المختصة، ومتابعة تنفيذ القوانين وضمان الالتزام بأحكامها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، وإعداد الجهاز الإداري، ووضع هياكله، وتزويده بكافة الوسائل اللازمة، والإشراف عليه ومتابعته، ولا يوجد سلطة أو مؤسسة في الدولة ليس لديها جهاز إداري، أو ليست ضمن الجهاز الإداري للدولة، ولا يجوز الخلط بين ما ورد في القانون الأساسي بشأن استقلال السلطة القضائية، وبين صلاحية إصدار القوانين التي تنظم السلطة القضائية.
وأضاف، أن القانون الأساسي نص في المادة (97) منه على أن "السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، ويحدد القانون طريقة تشكيلها واختصاصاتها وتصدر أحكامها وفقاً للقانون، وتعلن الأحكام وتنفذ باسم الشعب العربي الفلسطيني"، وأن مجلس القضاء يؤخذ رأيه في مشروعات القوانين التي تنظم أي شأن من شؤون السلطة القضائية بما في ذلك النيابة العامة بموجب نص المادة (100) من القانون الأساسي، موضحا بأن هذا النص يخلق التوازن والفصل بين السلطات بحيث أن القانون هو الذي يحدد طريقة تشكيل القضاء واختصاصاته، وبأن إقرار القوانين وإصدارها هو اختصاص أصيل لرئيس الدولة والسلطة التشريعية، وإصدار الأنظمة واللوائح هو من اختصاص الحكومة، ولا يختص مجلس القضاء بالتشريع وإنما يختص القضاء بتطبيق القوانين والأنظمة الصادرة عن الجهات التشريعية والتنفيذية المختصة.
وأوضح أبو دياك، أن عبارات تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية هي عبارات غريبة عن مبادئنا القانونية وثقافتنا المجتمعية، مؤكدا أن مبدأ سيادة القانون هو أساس الحكم في فلسطين، وتخضع للقانون جميع السلطات والأجهزة والهيئات والمؤسسات والأشخاص وذلك بموجب المادة (6) من القانون الأساسي، وأكد بأن سرعة الفصل في القضايا أمام المحاكم هي حق دستوري من حقوق المواطن، ولا بد من معالجة ظاهرة بطء الفصل في القضايا، وطول أمد إجراءات التقاضي، وتراكم قضايا المواطنين في المحاكم، وتدوير الدعاوى المنظورة أمام القضاء، ويجب إعمال المادة (30) من القانون الأساسي التي نصت على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل فلسطيني حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وينظم القانون إجراءات التقاضي بما يضمن سرعة الفصل في القضايا"، مؤكدا بأن القانون الأساسي الذي نص على استقلال القضاء هو نفسه الذي نص على ضمان سرعة الفصل في القضايا أمام المحاكم، وهو نفسه الذي نص على اختصاص الحكومة في متابعة تنفيذ القوانين وضمان الالتزام بأحكامها واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
كما وأشار إلى أن النيابة العامة مستقلة فنيا ووظيفيا وتستمد صلاحياتها من القانون، وتتولى إقامة الدعوى الجزائية، وتعتبر خصم للمتهم أمام المحاكم الجزائية، وهي الوكيل عن الحكومة في القضايا الحقوقية التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها وفقا لقانون دعاوي الحكومة أمام المحاكم الحقوقية، وتمثل السلطة التنفيذية والإدارية في الدعاوى الإدارية أمام محكمة العدل العليا، وهي بطبيعتها الوظيفية ليست جزءا من القضاء وإنما تتخذ بعض القرارات ذات الطبيعة القضائية في الملفات التحقيقية الجزائية.
وقال وزير العدل، إن مسودة التعديل المقترحة تأتي في إطار أجندة السياسات الوطنية التي تبنتها الحكومة للأعوام الستة القادمة 2017 – 2022، لا سيما أولوية تحقيق العدالة الاجتماعية وسيادة القانون التي تمثل جوهر أجندة السياسات الوطنية، وفي إطار الخطة القطاعية الاستراتيجية لقطاع العدل وسيادة القانون للأعوام الستة القادمة التي أعدتها مؤسسات قطاع العدالة برئاسة وزارة العدل، وقد صادق عليها مجلس الوزراء في جلسته رقم (153) بتاريخ 23/5/2017، وتتضمن هدفين رئيسيين وهما: تعزيز الإطار القانوني لنظام العدالة، وتعزيز الإطار المؤسسي والتنظيمي لمؤسسات قطاع العدالة لتعمل بكفاءة وانسجام وتكامل الأدوار.
وأكد، على أن مشروع التعديل المقترح يأتي في إطار استكمال بناء منظومة ومؤسسات قطاع العدالة، والمنظومة القضائية والقانونية للدولة، وضمان حقوق المواطن وكرامته وحرياته الأساسية، وحق التقاضي والمحاكمة العادلة، والمساواة أمام القانون والقضاء، وحق المواطنين في الحصول على العدالة واقتضاء حقوقهم أمام المحاكم، وضمان نزاهة وفعالية وحيادية القضاة واستقلال القضاء، وضمان جودة الأحكام القضائية وتنفيذها، وتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة والحكم الرشيد، ورفع الكفاءة والفعالية والتخصص وتنمية قدرات الجهاز القضائي، وتعزيز الثقة بالسلطة القضائية، والتصدي لإشكالية الاختناق القضائي، وبطء الفصل في الدعوى، وتراكم وتكدس القضايا أمام المحاكم، وتحديث القانون بما ينسجم مع المعايير والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين، وصولاً إلى توفير المحاكمة العادلة، وتعزيز صمود المواطن على أرضه، وتمكينه من الحصول على أفضل الخدمات.
وأشار أبو دياك، إلى أن الحكومة لا تسعى للتدخل في عمل القضاء، ووزارة العدل لا تبحث عن صلاحيات تجاه القضاء والنيابة العامة، مبينا أن المجلس التشريعي الأول الذي عزز استقلال القضاء في القانون الأساسي، قد نص على العديد من الاختصاصات الجوهرية لوزير العدل تجاه القضاء والمحاكم والنيابة العامة ضمن قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 النافذ حاليا، والذي تتمسك السلطة القضائية والنيابة العامة بعدم تعديله، ومن أهمها اختصاص وزير العدل بالإشراف الإداري على جميع المحاكم، وكان هدف المشرع في هذه المادة تجنيب القضاة بأن يكونوا طرفا في أي خصومة إدارية حفاظا على حيادية ونزاهة واستقلال القضاء، كما أن لوزير العدل حق طلب التحقيق مع القضاة وأعضاء النيابة العامة، وطلب إقامة الدعوى التأديبية عليهم وطلب وقف القاضي أو عضو النيابة العامة عن عمله أثناء إجراءات التحقيق عن جريمة منسوب إليه ارتكابها، وندب القضاة للقيام بأعمال قانونية غير عملهم، وقبول استقالة القضاة، وتحديد دوائر اختصاص المحاكم النظامية ومقار محاكم الصلح، بالاضافة أن وكيل الوزارة عضو في مجلس القضاء بحكم القانون، وأضاف أن وزير العدل وفقا للقانون الأصلي النافذ يقرر صلاحية وأهلية معاون النيابة العامة للتعيين بوظيفة وكيل نيابة أو إعطائه مهلة لا تتجاوز سنة لإعادة التقدير بناء على تقرير عن عمل معاون النيابة يرفعه النائب العام لوزير العدل، كما أن تعيين مكان عمل أعضاء النيابة العامة ونقلهم خارج دائرة المحكمة المعينين أمامها يكون بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح من النائب العام، ويؤدي أعضاء النيابة اليمين أمام وزير العدل بحضور النائب العام.
وتابع، أن الجديد في مسودة التعديل المقترحة في هذا المجال هو تعزيز دور دائرة التفتيش القضائي وتمكين وزير العدل من الاطلاع على تقرير التفتيش، وتقرير إدارة المحاكم، حتى يتمكن من القيام باختصاصاته المذكورة في القانون الأصلي، بالإضافة إلى عدد من المواد المعدلة التي تتمحور حول تنظيم عمل مجلس القضاء الأعلى واستحداث الأمانة العامة للمجلس وإدارة المحاكم.
وأشار، إلى أن قضية إصلاح القضاء وإصلاح النظام القانوني للسلطة القضائية ليست جديدة حيث تم تشكيل اللجنة التوجيهية لتطوير القضاء والعدل بقرار رئاسي بتاريخ 14/3/ 2005، التي تمثل كافة مؤسسات قطاع العدالة والقضاء، وكان من أهم نتائج عمل اللجنة التوجيهية إعداد مشروع قانون السلطة القضائية رقم (15) لسنة 2005، وتم إقراره من المجلس التشريعي في جلسته المنعقدة بتاريخ 4/10/2005م، وصدر عن سيادة الرئيس وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 9/11/2005، وتضمن تشكيل مجلس القضاء الأعلى الانتقالي يحل مؤقتا محل مجلس القضاء لمدة سنة ويتكون من تسعة أعضاء من بينهم قضاة من المحكمة العليا والاستئناف العاملين، وقضاة العليا والاستئناف السابقين، وخمسة شخصيات من ذوي الخبرة والكفاءة والاختصاص، ويناط به إعادة هيكلة كافة الهيئات القضائية، وترتيب أوضاع القضاء والمحاكم والنيابة العامة، بما في ذلك تعيين القضاة وترقيتهم وإحالتهم على التقاعد، إلا أن هذا القانون تم إلغاؤه بقرار المحكمة العليا بصفتها الدستورية بتاريخ 27/11/2005.
وأضاف، أنه صدر أيضا قرار بقانون رقم (2) لسنة 2006م بشأن تعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002م بتاريخ 5/2/2006 بعد أخذ رأي مجلس القضاء، وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 14/2/2006، حيث ثار جدل على إصداره بصيغة قرار بقانون في فترة عدم انعقاد المجلس التشريعي وبعد يوم واحد من الجلسة غير العادية الأخيرة التي عقدها المجلس التشريعي الأول بتاريخ 13/2/2006، إلا أنه تم إلغاء هذا القرار بقانون من قبل سيادة الرئيس بقرار رقم (364) لسنة 2006م بتاريخ 4/5/2006 قبل أن يتم عرضه على المجلس التشريعي الثاني، الذي تولى مهامه بتاريخ 18/2/2006.
وأكد في الختام، أن الوظيفة القضائية هي في جوهرها وظيفة عامة، ولا تعني التخليد والتأبيد، ولا بد من إتاحة الفرص للأجيال والخريجين، وأكد بأن مسودة التعديل قد تضمنت مقترح تخفيض سن التقاعد، وأجازت التقاعد المبكر ولكنها جعلت التنسيب بالتقاعد المبكر لمجلس القضاء، وأعاد التأكيد بأن مسودة تعديل قانون السلطة القضائية ما زالت قيد البحث والتشاور بين الحكومة ومؤسسات قطاع العدالة والمجتمع المدني، داعيا الجميع إلى المشاركة بمسؤولية في نقاش وبحث التعديل المقترح، وتزويد الوزارة والحكومة بالملاحظات القانونية عليه، تمهيدا لفتح باب أوسع لنقاش وبحث التعديل للخروج بأفضل صيغة قانونية متوازنة تحقق المصلحة العامة ومصلحة الوطن، وفي حال أي خلاف بين السلطات فإن رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية هو القائد الفيصل باعتباره رأس كافة السلطات، وصاحب الاختصاص الأصيل بإصدار القوانين التي تنظم عمل كافة السلطات والهيئات المؤسسات، وتنظم العلاقة بين المواطنين، وبين الدولة والمواطنين في كافة المجالات، حتى في ظل انعقاد المجلس التشريعي، وصاحب الاختصاص في إصدار القرارات بقانون في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي الذي تعطل دوره ولم ينعقد منذ عشر سنوات.