لاول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومنذ وجد تنظيم "داعش" في المشهد السياسي
الإسلامي والعربي يصدر بيان بإسمه عن تبنيه عملية القدس، التي تمت يوم الجمعة الماضي في باب العمود وسقط فيها ثلاثة شهداء فلسطينيين من قرية دير ابو مشعل غرب رام الله ومن الجانب الإسرائيلي قتلت مجندة وأصيب إثنين، وجاء الإعلان بعدما أعلنت كل من الجبهة الشعبية وحركة حماس مسؤوليتهما عن العمليتين
الأسئلة التي تطرح نفسها على اي مراقب متتبع للواقع الفلسطيني، هل البيان فعلا صادر عن تنظيم
"داعش"؟ وهل "داعش" موجودة في الساحة، وبات لها قدرة على تنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين؟ وهل لدى "داعش" مصلحة في الإصطدام مع الإسرائيليين؟ وألآ يوجد تناقض بين واقع ومهام "داعش" وتبنيها العملية؟ أم أن هناك قوى أخرى تقف وراء هذا الإعلان؟ ومن هي تلك القوى؟ اليست الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، هي صاحبة المصلحة في ذلك؟ وما هي اهدافها السياسية والأمنية من الزج بإسم تنظيم الدولة في العراق والشام في العملية المذكورة؟
مما لا شك فيه، ان "داعش" لا علاقة لها بعمليتي الطعن في القدس. والبيان لا علاقة له بتنظيم الدولة في العراق والشام لا من قريب او بعيد.لا سيما وان التنسيق بين "داعش" والأجهزة الأمنية الإسرائيلية قائم على قدم وساق في دول الجوار العربية، وجرحى التنظيم التكفيري تتعالج في المستشفيات الإسرائيلية، وبالتالي من حيث المبدأ والمنطق العقلاني لا تستقيم عملية التبني مع شروط الواقع.
أضف إلى ان الزج بإسم "داعش" خلف العمليتين لم يكن بريئا ولا ساذجا، ولا يهدف لتلميع التنظيم الإسلاموي المتطرف، وأيضا ليست الغاية منه منافسة الشعبية وحماس، الفصيلان اللذين تبنيا العمليتين. إذا ما هي المصلحة والهدف من زج إسم "داعش" فيما حصل يوم الجمعة؟ القوة الرئيسية، صاحبة المصلحة بالزج في إسم "داعش"، هي إسرائيل واجهزتها الأمنية لا غيرها، لإنها المستفيد من ذلك، رغم أن الجهات الأمنية الإسرائيلية أعلنت، ان العمليات نفذها الشهداء بشكل فردي ودون اي صلة بالتنظيمات. لكنا ايضا لهذا الإعلان بعده الأمني، وتستهدف منه الأجهزة الأمنية رصد وتعقب الخيوط الواقفة فعلا خلف المنفذين لها
وإذا توقفنا امام موضوع الزج باسم "داعش"يمكن للمراقب ان يستشرف الأسباب والخلفيات، التي سعت دولة الإحتلال لقطافها من إلقاء بالون التبني الداعشي، الذي يتمثل في الأتي:
اولا شاءت التحريض على القيادة الفلسطينية امام الرأي العام العالمي عموما والأميركي خصوصا، بالإشارة
إلى ان الساحة الفلسطينية لم تعد آمنة، وبالتالي في حال إنسحبت إسرائيل من اراضي دولة فلسطين
المحتلة، فإنها ستكون قاعدة للجماعات التكفيرية؛ ثانيا استباق اي خطوة أميركية لبلورة صفقة سلام تقوم على ركائز خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، بهدف قطع الطريق على الصفقة السياسية؛ ثالثا تهيئة "داعش" للعب دور في المشهد الفلسطيني بهدف تشويه صورة فصائل العمل الوطني، ودفعها للخلف عن الواجهة السياسية؛ رابعا في ضوء اللعبة والخطة الإقليمية السياسي والأمنية، التي يجري الإعداد لتنفيذها يتم فرض "داعش" داخل الصورة، مما يزيد من ضبابية المشهد، وخلط اوراقه السياسية والأمنية في الساحة الفلسطينية، ما تقدم يفرض على القيادة الفلسطينية عدم إغفال الأمر، ودراسة تداعياته بشكل جيد، وايضا العمل على ترتيب شؤون البيت الفلسطيني بما يخدم المصالح الوطنية العليا