كشفت مناقشة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية الإسرائيلية "الكابينيت" مشروع توسيع مدينة قلقيلية والبناء في منطقة "ج"، النقاب عن عمق الخلافات وتباين الموافق داخل الائتلاف الحكومي حيال المخطط الذي يقضي ببناء 14 ألف وحدة سكنية، وإضافة 2500 دونم إلى مناطق نفوذها مع تصاريح بناء.
وناقش "الكابينيت" أمس الإثنين، بضغوطات من وزراء في الحكومة وشخصيات بمعسكر اليمين المخطط، زاعمين بأن المصادقة على المخطط في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2016، كان بمثابة تضليل وأن حتى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لم تكن لديه المعلومات أن الحديث يدور عن بناء 14 ألف وحدة سكنية.
وعلى الرغم من الضجة والحملة التي قادها شخصيات من معسكر اليمين ضد المخطط، فالحديث عن بناء 14 ألف شقة سكنية للفلسطينيين في مدينة قلقيلية في الضفة ليس صحيحا، وإنما الحديث عن مخطط لبناء 5 آلاف وحدة سكنية فقط، ويمتد المخطط على مدى 18 عاما.
ويشير المخطط إلى إعداد خارطة هيكلية محلية لتوسيع حيز البناء في قلقيلية، على مساحة 4428 دونما، بينها 2679 دونما للبناء، والباقي مناطق عامة وحديقة حيوانات ومركز رياضي وغير ذلك.
ولم يشتمل المخطط على بناء شقق سكنية بشكل فوري، بل سيجري الإعداد لذلك خلال 18 عاما، ويتم البناء بشكل تدريجي، باعتبار أن عدد سكان قلقيلية سيصل إلى قرابة 80 ألفا بحلول العام 2035.
الجدير ذكره أن مداولات الجلسة شهدت انتقادات وتراشق التهم ومواجهة بين وزراء الحكومة، في أعقاب القرار بإضافة وحدات سكنية إلى قلقيلية، ففي حين تمسك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بموقفه بعدم علمه بمصادقة 'الكابينيت' على المخطط، أتى رد وزير الحرب، أفيغدور ليبرمان، الذي وجه انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو ووزراء بالحكومة، قائلا: "هناك بروتوكولات وتسجيلات تثبت إقرار المخطط والمصادقة عليه بعلم ودراية جميع الوزراء".
وكشف ليبرمان النقاب عن أن الوثائق والمستندات تؤكد تداول المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية مخطط توسيع قلقيلية وبناء وحدات سكنية إضافية، وأكد ردا على سؤال أحد الوزراء خلال الجلسة أنه "سيكون بناء جديد وتوسيع لقلقيلية".
وبحسب المخطط، يتم إضافة 2500 دونم من منطقة "ج" الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي لتنتقل إلى نفوذ مدينة قلقيلية، وبناء 14 ألف شقة على هذه المساحة، التي من شأنها أن تأوي أكثر من 50 ألف شخص، أي ضعف عدد سكان المدينة حالياً.
وحاول نتنياهو التملص والتهرب من المخطط ونفى علمه أصلا بذلك، إلا أنه وخلال جلسة "الكابينيت"، تراجع عن موقفه وزعم أنه قصده كان أنه لا يتذكر إذا ما عقدت مشاورات وجلسات حول عدد الوحدات السكنية المشمولة بمخطط توسيع قلقيلية.
وخلافاً لتردد نتنياهو، أتى الموقف الواضح الذي عبر عنه وزير التربية والتعليم وزعيم حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، ووزيرة القضاء إيليت شكيد، اللذان شاركا في حينه في جلسة "الكابينيت" التي تم خلالها المصادقة على المخطط، حيث أكدا على موقفهما الرافض والمناهض للمخطط وتصويتهما في حينه ضد إضافة وحدات سكنية لمدينة قلقيلية والسماح للفلسطينيين البناء في منطقة "ج".
وزعم بينيت خلال جلسة "الكابينيت"، الاثنين أن "المخطط ما هو إلا مقدمة تسمح للفلسطينيين السيطرة على الأراضي بالضفة الغربية"، قائلاً: "هذه جائزة للإرهاب، فتوسيع قلقيلية مقابل تجميد الاستيطان في القدس، بمثابة نهج واتجاه يبعث على القلق".
مزاعم الوزير بينيت حول تجميد البناء الاستيطاني فندتها الاحصائيات الرسمية، ويتضح، بحسب معطيات الدائرة المركزية للأحصاء الإسرائيلية، أنه حصلت زيادة في العام الماضي بنسبة 70% في عدد الوحدات السكنية التي بدئ البناء بها في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية.
على الرغم من ذلك، إلا أن شكيد تبنت موقف بينيت، حيث زعمت أيضاأن مداولات "الكابينيت" لم تتطرق في حينه إلى عدد الوحدات السكنية، بل كان جل النقاش تطبيق قوانين البناء والتنظيم بالضفة الغربية وهدم منازل شيدت دون تراخيص ومناطق صناعية.
ووجهت شكيد انتقادات شديدة اللهجة الوزراء بالحكومة، واستهجنت الانتقادات التي وجهت إلى الجيش وإلى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق" المحتلة، اللواء يوءاف مردخاي، ومحاولة تحميله مسؤولية ما جرى في "الكابينيت"، قائلة: 'الجيش ينفذ سياسة وأجندة المستوى السياسي، وعليه الانتقاد يجب أن يوجه إلى وزير الأمن الذي يتحمل مسؤولية ما حصل".
وحيال هذه الانتقادات العلنية وتحميل ليبرمان كامل المسؤولية، صعد وزير الأمن من لهجته ضد الوزراء بالحكومة قائلا: "بحوزتي كافة الوثاق، قلقيلية محاطة بالجدران، التوسيع والبناء على أراضي بملكية خاصة للفلسطينيين وإن كانت داخل نفوذ مناطق "ج" الخاضعة للسيادة الإسرائيلية، إذ لا يصل المنطقة أي مستوطن ونسيطر هناك على 230 ألف فلسطيني، وبالتالي يتم التخطيط، فالحصول على المصادقة والكابينيت لا يبحث بعدد الوحدات السكنية وإنما بمخطط شمولي".
ووجه ليبرمان انتقاداته للوزراء قائلا: "هذا الصراخ والانتقاد هدفه إرضاء بعض نشطاء الأحزاب والمنتسبين للأحزاب التي تشهد انتخابات تمهيدية، بقصد جني إرباح سياسية على حساب ومصلحة أمن إسرائيل، فهناك استغلال وتوظيف خاطئ لمجلس الوزراء المصغر لتحقيق مآرب سياسية، وهذا بمثابة انعدام سيطرة وإهمال".
وعندما سؤال ليبرمان عن دوافع نتنياهو لإجراء مداولات ثانية بكل ما يتعلق في المخطط، أجاب قائلا: "يمكن إجراء مداولات وجلسات إلى ما نهاية، فصاحب السيادة هنا وزير الأمن، وقائد لواء المركز بالجيش، وسنعمل بموجب الاعتبارات والأحكام، ليس صدفة تم اختيار قلقيلية التي تميزت بالهدوء خلال الهبة الشعبية، وهذا ينسجم مع سياسة العصا والجزرة التي نتبعها بوزارة الأمن والجيش".