عرب يحاصرون عرباً ... والفلسطينيون يحاصرون أنفسهم!!

thumb.jpg
حجم الخط

 

في كل عيد يحل علينا نمني النفس بأن تغادر منطقتنا العربية حروب تدميرها الذاتي، حروبها المذهبية والطائفية، حروب فرضتها عليها قوى الإستعمار الغربي وأمريكا خدمة لمصالحها ومشاريعها في المنطقة، وفي المقدمة منها تحويل أساس الصراع وجوهره من صراع عربي - اسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية الى صراع إسلامي- إسلامي يجري إلباسه ثوب المذهبية (سني- شيعي)، وكذلك نشر مشاريع «الفوضى الخلاقة» التي تمكن من تدمير بلدان المنطقة ونهب خيراتها وثرواتها وتفكيك وتحطيم جيوشها، بما يسمح بتفكيك الجغرافيا العربية تجزئة وتقسيماً وتفتيتا وتذريراً وإعادتها تركيباً على تخوم المذهبية والطائفية والثروات، كيانات إجتماعية هشة فاقدة السيطرة على ثرواتها وقرارها السياسي، مرتبطة امنياً باحلاف ومعاهدات واتفاقيات مع دولة الإحتلال . وفي الجهة المقابلة على صعيد جبهتنا الفلسطينية، كلما قلنا باننا اقتربنا من إنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الوطنية في وجه عدو "متغول" و"متوحش" يريد إنهاء وإقصاء وجودنا والتنكر لكل حقوقنا، حتى نرى بان هذا الإنقسام يتعمق ويتكرس ويتشرعن.

نحن نواجه عدواً يريد منا ان ندين تاريخ شعبنا ونضالاتنا وإعتبارها شكلاً من أشكال الإرهاب، وبما يمنع إطلاق اسماء شهدائنا على أي مؤسسة او مدرسة او شارع، وان لا يتم تخليدهم بنصب تذكارية وميادين بأسمائهم وغيرها...وكذلك قطع رواتب عوائلهم وعوائل أسرانا في سجون الإحتلال...والمصيبة والطامة الكبرى أنه في الوقت الذي يزداد فيه عدونا تطرفاً وعنجهية وعنصرية، نزداد نحن تراجعاً وهبوطاً بسقف مطالبنا، وكذلك نزداد ذلاً وإمتهانا لكرامتنا، حتى بتنا نحاصر بعضنا البعض ...وكأننا نفرغ ضعفنا وعجزنا في التطاول والتحريض على بعضنا البعض.. والمناكفات الداخلية المضرة.

العيد يأتي والقدس تشهد حرباً شاملة تشن عليها، حرب تدور على كل شيء فيها، حرب تستهدف عبرنة أسماء شوارها وحاراتها وأزقتها وأماكنها الدينية والسياحية، فإسم شارع السلطان سليمان في القدس بعد العملية التي نفذت في القدس يوم الجمعة الماضي، أصبح اسمه شارع "البطلات" تخليداً لمجندتين قتلتا في هذا الشارع أو بالقرب منه..والإحتلال اوغل في تطرفه وعنجهيته وعقد إحدى جلسات حكومته بالقرب من الأقصى، ووزير أمن الإحتلال" جلعاد أردان" يتوعد بتغييرات جوهرية في منطقة باب العامود، المنطقة التي شهدت اثنين وثلاثين عملية مقاومة، والتغييرات التي يتحدث عنها تشمل زيادة أعداد الكاميرات واجهزة التصنت الإستخباري، والمزيد من السواتر الحديدية والتفتيشات المذلة واللا انسانية واللا اخلاقية للشبان والفتيان والفتيات والمنتهكة لخصوصية أجسادهم، ونتنياهو يهدد بإغلاق كامل لمنطقة باب العامود وببوابات الكترونية تنصب على مداخل المدينة، وبينت زعيم "البيت اليهودي"، يقول لا لتقسيم القدس ولتبقى تحت السيادة الإسرائيلية للأبد.

القدس يراد تهويد مشهدها ومكانها وفضاءها وان يُزوُر تاريخها وتطمس معالمها وأثارها وتراثها العربي الإسلامي، وينتصب الهيكل المزعوم مكان أقصاها، و"يصهر" و"يقزم" وعي أبنائها ويسيطر على الذاكرة الشعبية لأبنائها.

اما في الضفة الغربية، فما زال ال" تسونامي" الإستيطاني يبتلع أرضها ويقطع اوصالها، واعداد المستوطنين فيها تخلق دولة داخل دولة، وبما يجعل حل الدولتين مستحيلاً.

اما في الداخل الفلسطيني – 48 – فالإستهداف للأرض والحجر والوجود الفلسطيني اكثر سفوراً ووقاحة، حيث مشاريع التهويد تمتد من الجليل الى النقب، وعمليات الهدم تهدد عشرات الآلاف البيوت الفلسطينية تحت حجج وذرئع البناء غير المرخص، حيث كانت المقدمة هدم ثلاثة عشر بيتاً في قلنسوة وهدم قرية " ام الحيران" البدوية في النقب، وهدم قرية العراقيب للمرة الرابعة عشر بعد المئة، ويعمل الإحتلال على تفكيك وتدمير النسيج المجتمعي وسياجه الوطني لشعبنا هناك عبر نشر الجريمة وعمليات القتل ومافيات المخدرات والبلطجة وغيرها.

في غزة حصار متواصل ومستمر وإعمار يسير ببطء شديد ومعابر مغلقة، وكامل الخدمات والبنى التحتية والخدمات الصحية والطبية مهددة بالإنهيار، بسبب توقف السلطة عن دفع ثمن فاتورة الكهرباء للشركة الإسرائيلية، والتي لجأت لتخفيض الكمية التي تزود بها القطاع لمرتين متتاليتين، بما يجعل ويحول حياة السكان لجحيم، بحث لا تكفي كمية الكهرباء لتشغيل لا المؤسسات الصحية ولا الطبية ولا الصرف الصحي ولا المصانع وغيرها، وبما ينذر بكوارث حقيقة، ترافق كل هذا بوقف دفع رواتب محرري صفقة "وفاء الأحرار"، وتخفيض رواتب الموظفين العاملين بالسلطة في القطاع بنسبة (30%)، من قبل السلطة الفلسطينية، والأوضاع الإقتصادية للناس، هي صعبة للغاية، بدون ذلك حيث الجوع والفقر والبطالة، ف (85)% من سكان القطاع يعيشون على المساعدات الخارجية، ونسبة الفقر تصل ل (65)%، والبطالة تجاوزت ال(42)%.

اما شعبنا في الخارج وبالذات في مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان، فهو يتعرض لعملية طرد وتهجير، حيث الجماعات الإرهابية اختطفت مخيم اليرموك اكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا، وكذلك حاولت وتحاول تلك الجماعات تفجير الأوضاع واختطاف مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، والهدف واضح تهجير شعبنا في رحلة لجوء جديدة والتوطين واسقاط حق العودة.

نعم يأتي العيد وما زال العرب يحاصرون بعضهم البعض، ويقتلون بعضهم البعض باموالهم التي يشتري فيها السلاح الأمريكي للجماعات الإرهابية التي تمارس القتل والتدمير في اكثر من بلد عربي وبالذات في سوريا والعراق وليبيا. وكذلك هو حالنا الفلسطيني نحاصر بعضنا البعض باستمرار هذا الانقسام وتجاهل معاناة شعبنا في غزة.

متى يدرك العرب والفلسطينيون، أنه يراد لهم أن يكونوا مجرد ادوات ومنفذين لمشاريع، هدفها الأول والأخير، تجريدهم من كل مصادر قوتهم ونهب خيراتهم وثرواتهم والسيطرة على بلدانهم ووضعها تحت الإستعمار المباشر وتأبيد وشرعنة الإحتلال الاسرائيلي لفلسطين والجولان....؟؟