أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في تقرير جديد لها، أنه رغم التغييرات الأخيرة في القانون العسكري الإسرائيلي ، فإن سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين المعتقلين لا تزال سياسة منهجية وواسعة النطاق داخل نظام الاحتجاز العسكري الإسرائيلي، ما يؤكد على تقارير سابقة حول الموضوع نفسه أصدرتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال-فلسطين.
وأضاف تقرير "اليونيسف" أنه في حين أصدرت السلطات الإسرائيلية منذ آذار /مارس 2013، أوامر عسكرية جديدة واتخذت خطوات لتعزيز المعايير العسكرية المعمول بها فيما يتعلق باعتقال الأطفال، فإن الأدلة التي تم جمعها منذ 2013 من قبل مجموعة العمل التي تقودها "اليونيسف" تشير إلى استمرار سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية.
والأدلة التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال -فلسطين خلال عام 2014 تظهر أن أكثر من ثلاثة أرباع الأطفال الفلسطينيين المحتجزين تعرضوا لشكل من أشكال العنف الجسدي بين فترة اعتقالهم واستجوابهم، ونصفهم تعرض أيضا للتفتيش العاري ، وفي 93٪ من الحالات حرم الأطفال من الحصول على المشورة القانونية، ونادرا ما أبلغوا بحقوقهم خاصة حقهم في عدم تجريم ذاتهم، وأنه من بين التجارب الأكثر إثارة للقلق كانت فترات طويلة من الحبس الانفرادي لأغراض الاستجواب ، وهي ممارسة قد ترقى إلى التعذيب بموجب القانون الدولي.
وقال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين عايد أبو قطيش إنه رغم الحوار المستمر الذي تجريه "اليونيسف" مع سلطات الاحتلال منذ عامين تقريبا، فقد فشلت السلطات الإسرائيلية في تطبيق تغييرات عملية لوقف العنف وسوء المعاملة ضد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين.
وأضاف أبو قطيش "أن التقرير الجديد لليونيسف يسرد العديد من التطورات والمبادرات التي قام بها عدة مسؤولين إسرائيليين، إلا أن هناك أدلة دامغة تشير إلى أن العنف وسوء المعاملة ضد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين هما القاعدة الممارسة".
ومن التطورات المذكورة في تقرير "اليونيسف" هي الأمر العسكري الإسرائيلي 1745 الذي دخل حيز التنفيذ في أيلول/سبتمبر 2014، وبموجبه تم وضع متطلبات محددة حول تسجيل الصوت والفيديو واللغة المستخدمة خلال استجواب الأطفال الفلسطينيين من قبل الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ، وعلى الرغم من أن الأمر العسكري الجديد يظهر أن تغييرات جوهرية يتم تطبيقها فيما يتعلق بالتحقيق مع الأطفال الفلسطينيين، فإن مدى تطبيق هذا الأمر الجديد مقيد بشدة كونه لا يتم تطبيقه على الأطفال المشتبه بارتكابهم مخالفات أمنية كما هو موضح في الأمر العسكري 1651 ، هذه المخالفات الأمنية يتهم بها تقريبا كافة الأطفال الذين يتم اعتقالهم على أيدي القوات الإسرائيلية والتحقيق معهم عليها من قبل الشرطة الإسرائيلية بدعوى ارتكابها.
وأشارت "اليونيسف" إلى أنها أصدرت في آذار/ مارس عام 2013 تقريرا بعنوان "الأطفال في الاحتجاز العسكري الإسرائيلي : ملاحظات وتوصيات" سلطت من خلاله الضوء على إساءة معاملة الأطفال في نظام الاحتجاز العسكري الإسرائيلي.
وتضمن التقرير 38 توصية لمعالجة صنوف المعاملة السيئة الممارسة على نطاق واسع ومنهجي ومؤسسي ضد الأطفال الفلسطينيين، وبعد إصدار هذا التقرير شاركت "اليونيسف" في حوار مع السلطات الإسرائيلية حول حقوق الأطفال المعتقلين من أجل تحسين حمايتهم بما يتماشى والقانون الدولي.
ووفق معايير قضاء الأحداث الدولي ، التي ألزمت إسرائيل نفسها بتطبيقها بعد مصادقتها على اتفاقية حقوق الطفل عام 1991، فإنه يجب فقط حرمان الأطفال من حريتهم كإجراء أخير.
وقال المحامي ومسؤول المناصرة الدولية في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال-فلسطين براد باركر إن "السؤال الأساسي هو ما إذا كان نظام المحاكم العسكري الإسرائيلي قادر ومهتم على إقامة العدالة؟" مضيفا أنه "بغض النظر عن التغييرات في القانون العسكري الإسرائيلي أو التعديلات على الإجراءات المنفذة ، فإن المدنيين الفلسطينيين - خاصة الأطفال - يجب عدم محاكمتهم في محاكم عسكرية."
وكانت إسرائيل فرضت بعد احتلالها للضفة الغربية عام 1967 نظام الأوامر العسكرية ، ومنذ ذلك الحين يتم اتهام الأطفال الفلسطينيين بـ"مخالفات" بموجب القانون العسكري الإسرائيلي وتجري محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، علما أن القانون العسكري الإسرائيلي يتم تطبيقه على السكان الفلسطينيين فقط ورغم أن المستوطنين يعيشون في المنطقة نفسها، فإن أيا من أطفالهم لا يتم التعامل معهم من خلال نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية.