اختتم ديوان فلسطين التابع لمنتدى الشرق الشبابي مساء السبت، مؤتمره الأول في غزة "معرفة وحراك"، الذي استمر على مدار يومين، مجسدًا صورة غير نمطية عن المؤتمرات الشبابية.
وأفاد منظمو المؤتمر في بيان وصل "خبر" نسخة عنه الأحد، أن مؤتمرهم شهد تفاعلًا لافتًا من الجمهور على مدار جلساته، وأثرى النقاش وساهم في تجويد مخرجات المؤتمر وتعزيزها.
وحصد هاشتاغ #معرفة_وحراك الذي أطلق تعبيرًا عن المؤتمر، الترند الأول على مستوى فلسطين على مدار يومي المؤتمر ونشرت عبره آلاف التغريدات.
وكانت فعاليات المؤتمر بدأت ظهر يوم الجمعة 7 يوليو، بجلسة افتتاحية، حضرها وكيل وزارة الشباب والرياضة أحمد محيسن، ووزير الشباب والرياضة الأسبق عماد الفالوجي، ومدير جمعية الثقافة والفكر الحر مريم زقوت.
الجلسة الافتتاحية
وقال نائب رئيس منتدى الشرق، بشير نافع، إن المنتدى يعزز القيم الاجتماعية والعلاقات بين العرب والمجتمعات الأخرى، وما يربطنا أكبر بكثير مما يفرقنا.
وأكد نافع في كلمة المنتدى الافتتاحية، أن الفلسطيني لم يستسلم أبداً للظروف القهرية التي تعرّض لها، آملًا في أن تتزايد الفرص المتاحة لعقد مؤتمرات تدعم الشباب وتغيّر العالم للأفضل.
من جانبه، بين وكيل وزارة الشباب والرياضة أحمد محيسن، أنه لا يمكن للقضية الفلسطينية أن تتحرك إلا بفعل الشباب ودورهم الفعال في التحرير والتغيير لأنهم يتميزون بالحيوية والعطاء.
بدوره، عبر وزير الشباب والرياضة الأسبق عماد الفالوجي، عن فخره بأن شباب فلسطين-شباب غزة تحديدًا-لديهم الثقافة والطاقة التي تمكنهم من الحراك والتأثير.
من جهتها، وجهت مدير جمعة الثقافة والفكر الحر مريم زقوت، نصيحتها للشباب بألا يكتفي بالشهادة الأكاديمية وأن يتوجهوا إلى مؤسسات المجتمع المدني لاكتساب الخبرات.
وقدم بعد ذلك ميسرو المحاور الإعلامية والاقتصادية والسياسية والفنية والفلسفية، عرضًا لمجمل وقائع المؤتمر وجلساته على مدار يومي المؤتمر.
جلسات اليوم الأول
وانطلقت وقائع المحور السياسي، بجلسة حوارية ناقشت واقع المشاركة السياسية للشباب، بمشاركة كل من عبير ثابت، وإبراهيم معمر، ودعاء العمور، ومحمد العمور، وصلاح عبد العاطي؛ حيث شهدت تبادلًا للآراء وإثراء للنقاش من خلال مداخلات الجمهور وردود المشاركين.
وتحدثت ثابت عن مشاركة الشباب ومدى تأثرها بالمتغيرات السياسية، مبينةً أن عزوف الشباب عن المشاركة في المجالات السياسية كان بسبب ظروف الانقسام وتصدع الفكر الحزبي والسياسي.
من جانبه، سعى معمر إلى تحديد أهمية المشاركة السياسية للشباب الفلسطيني وتحري دورها في التغيير، وذلك من خلال ورقة عمل بعنوان "أزمة المشاركة السياسية لدى الشباب–الأسباب والحلول".
بدوره، أشار عبد العاطي إلى أن مشاركة المواطن في عمليات صنع القرار يبدأ منذ نعومة أظافره فمن شارك في اختيار لعبته هو من يستطيع المشاركة في الحراك السياسي، منبهًا إلى أن الشباب الفلسطيني، شقّوا طريقًا ثالثًا من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
وأوصى المشاركون بإقامة إطار قانوني يضمن المشاركة السياسية للشباب، وتشكيل إطار قيادي شبابي لتمثيل الشباب، ومحاربة كل أشكال الهجرة وزيادة انتماء الشباب لوطنهم.
الحركات الطلابية
وجرت جلسة ثانية ناقشت تاريخ الحركات الطلابية ودور القيادات الشابة في حركات التحرر في فلسطين، بمشاركة، حمزة أبو شنب، وصلاح عبد العاطي، ومحمد كشكو، وأحمد الشيش.
وتحدث كشكو والحديث عن تاريخ الحركة الطلابية، منوهًا إلى أن لاحتلال عمل حثيثًا على إفساد الشباب من خلال المخدرات وغيرها مما يغيب القضية واهتمامهم بالدفاع عن الوطن، وهو ما استدعى بروز دور الحركة الطلابية.
وبين أبو شنب دور القيادات الشابة في حركات التحرر في فلسطين، مؤكدًا على أن الأحزاب السياسية اعتمدت بشكل كبير على الحركات الطلابية ومعظم قادتها خرجت من منبعها في الجامعات الفلسطينية.
وطالب الشيش، أمين سر الاتحاد العام للشباب، بمزج خبرة الكبار بطاقة الشباب وترسيخ لغة الحوار لا لغة الحراب، وتعزيز القيم السامية لدى الشباب في المجتمع الفلسطيني.
المحور الفلسفي
وتحدث الناشط الشبابي أحمد أبو رتيمة عن دور الإعلام الجديد في تشكيل الوعي والفهم، مناقشًا دور المؤسسة الإعلامية في مناقشة وطرح قضايا المجتمع والفروق بينها وبين منصات الإعلام الجديد.
فيما تحدثت روند الهور عن القرار الأخلاقي وحسابات الهوية والانتماء، مشيرة إلى أن النظرة المغلقة أو المتجددة للهوية ليست بمنأى عن التطرف، وقد تستغل لصالح أجندات لا تخدم الإنسان خاصة إن كان عاجزاً عن رؤية الجانب المستلب من هويته.
في حين ناقش صبح القيق النظام التعليمي ودوره في تكوين المجتمع على صعيد صناعة وعيه من ناحية، وتشكيل ثقافته من ناحية أخرى.
سياسات التمويل وريادة الأعمال
واستهل المؤتمر فعاليات يومه الثاني، بالمحور الاقتصادي، إذ ناقشت الجلسة الحوارية الأولى سياسات التمويل وعملية التنمية في فلسطين.
وتحدثت المتخصصة في المجال الاقتصادي داليا أبو عمرو عن مسببات الفقر والأسباب التي جعلت الأمور تؤول إلى ذلك، موضحة أن 900 مؤسسة NGOs موجودة في قطاع غزة يُضخ عبرها ملايين الدولارات ولكن الواقع الاقتصادي فيها لم يتغير.
واستعرض الباحث في مجال الاقتصاد محمود أبو ركبة، العوامل المحددة في المساعدات الخارجية، مشددًا على أن سياسات التمويل وعملية التنمية في فلسطين، الأرقام محبطة ولا شيء يتغير في الواقع.
وناقش محيسن ورقة عمل بعنوان "الشباب ما بين أزمة التمويل واستدامة الأثر"، مبينًا أن الواقع الشبابي يشهد تمويلًا كثيرًا، ومؤسسات أكثر مما يعكس أثرًا أقل.
أما في الجلسة الثانية من المحور الاقتصادي، فناقشت ريادة الأعمال ودورها في حل مشكلة البطالة، بمشاركة الرياديين طارق ثابت، ومحمد العفيفي، وسعد حبيب، وسعيد حسن، ومحمد قديح.
مبادرات اقتصادية
وتحدث العفيفي عن واقع ريادة الأعمال في فلسطين، مخاطبًا الشباب: "اخرج من الجغرافيا إلى مكان واسع عبر فضاء الانترنت. انطلق خارج صندوق الوظائف التقليدية".
وأشار إلى مبادرات للعمل الحر في قطاع غزة المبادرة أطلقتها Mercy Corps وGaza Sky Geeks، منوهًا إلى أنها تسعى لتدريب أكبر عدد ممكن من الشباب المهتمين بالعمل عبر منصات العمل الحر.
بدوره، استعرض قديح تجربة نجاح شركة هوية لتكنولوجيا المعلومات، مردفًا: فشلت مرتين ولكن هذه التجارب الفاشلة عرفتني على نقاط ضعفي التي حولتها فيما بعد إلى نقاط قوة وقد أتاحت لي مشاركتي في مبادرون الفرصة الأولى للنجاح.
من جانبه، قال الريادي حبيب: تمكنت من العمل مع 40 شركة من حول العالم في 6 شهور في مجالات الترجمة والسوشيال ميديا والداتا انتري خلال فترة دراستي الجامعية.
وفي سياق متصل، تحدث حسن الذي يشغل مدير برنامج التسريع في Gaza Sky Geeks عن تجربة نجاح شركة زمرد وعن ريادة الأعمال بالخارج، داعيًا الشباب إلى تكوين الفريق الخاص بهم وإثبات قدرتهم على النمو في السوق، وإثبات جدوى المشروع ليتمكنوا من الحصول على الاستثمار.
الفن والإعلام
وناقش المتحدثون في المحور الفني، دور الشباب في الحركة الفنية الفلسطينية، وهم فنانون تشكيليون وكتاب سيناريو، وموسيقيون، في حين عرض على هامش المحور معرض فني.
وقال الفنان شريف سرحان إن المصور الفلسطيني استطاع توثيق أحقية الشعب الفلسطيني في أرض فلسطين، مشيراً إلى تاريخ الصورة في فلسطين.
أما الفنانة التشكيلية مجدل نتيل فأردفت: بعد دراستي للتصميم والديكور توجهت للفن التشكيلي والذي لم يكن بعيداً أبداً عن تخصصي الأساسي.
واستعرض الفنان أحمد شحادة تجربته في مجال التمثيل والكتابة، منبهًا إلى أن "الفن والموسيقى مقاومة"، وأن الانقسام تسبب في تدهور الجانب الفني والاستمرار في تهميشه وإهماله.
من ناحيته، قدم الدكتور إسماعيل داوود عرضاً موسيقياً مميزاً تتمة للحديث عن تجربته الموسيقية، التي بدأت لفت والده الانتباه لها عبر اطلاعه على آلة العود.
مناظرة إعلامية
وبالانتقال للمحور الإعلامي بتسيير الصحفي عمر زين الدين؛ فشرع بمناظرة إعلامية تناقش دور الإعلام اللامركزي في تشكيل الوعي السياسي لدى الشباب.
وتناظر فريقان مؤيد للمقولة ومعارض لها، وأتيح للجمهور للتصويت على الفريق الذي أقنعهم بحجته ووجهة نظره في حين كان للجنة الحكم دورها في التعليق على خطابات المتناظرين وتقديم الملاحظات على حديثهم.
ولدى نقاش دور الإعلام اللامركزي في صناعة الرأي العام، استطرد الصحافي نبيل سنونو في توضيح مساحات الصراع والمنافسة بين الإعلام التقليدي واللامركزي، مشيرًا إلى مساعٍ من وسائل الإعلام التقليدي لمواكبة الثورة التكنولوجية ومد الإعلام الجديد.
بدورها، قالت الإعلامية غالية حمد إنه لا وسيلة تلغي وسيلة أخرى وهذا واضح جدًا من توجه بعض القنوات الفضائية والمحلية من التوجه إلى الإعلام الاجتماعي لزيادة متابعيها، مستعرضة تجربة شبكة الجزيرة في التغطية الصحفية عبر منصات التواصل الاجتماعي.
أما الأكاديمي سامي عكيلة فقدم ورقةً عنوانها "للحياة وليس للامتحان"، منوهًا إلى تحديات تواجه الواقع الأكاديمي والتعليمي وتحد من الابداع، أبرزها مقاومة البعض للتغيير، تشكيك البعض في النجاح، تحديات الوقت والأعباء جميعها.
ومن هذه الزاوية خلص الإعلامي سعدي حمد إلى إشكالية تتعلق بالفجوة بين بعض مدراء المؤسسات الإعلامي وأصحاب الشركات الذين يريدون تسويق أعمالهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وبين متطلبات هذه الوسائل وطبيعة جمهورها.
وقال حمد: لابد للمؤسسات كخطوة أولى التفكير في أن تكون في قلب الحدث وأن تبني العلامة التجارية والثقة مع جمهورها.
تجارب ونجاحات
ولدى الانتقال للتجارب والعروض، فبدأت أسماء وسجى الخالدي بالحديث عن تجربة شخصية تبرز أهمية حضور القصص الإيجابية على الساحة الإعلامية، فيما تطرقت خلود نصار لتجربتها الشخصية في التعريف بغزة وآثارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتحدث مصطفى البنا عن تجربته في إنتاج القصص الإخبارية الرقمية في شبكة قدس الإخبارية، في حين عرض محمد ابو القمبز جانبًا من تجربته، موضحًا كيف يمكن صنع مبادرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأكدت خلود عبد الهادي في مشاركتها على ضرورة التثقيف الإعلامي بكيفية مخاطبة الإعلام الدولي.