لم يمضي سوى أيام قليلة على اختفاء آثار المهندسة نيفين العواودة، البالغة من العمر 36 عاماً، ختى عثرت الشرطة الفلسطينية على جثتها فجر الأحد الموافق 16 تموز/يوليو، أسفل العمارة السكنية التي استقرت بها مؤخراً رام الله.
المهندسة المغدورة نيفين العواودة، هي سيدة فلسطينية من مدينة دورا جنوب محافظة الخليل، وجدت جُثتها في ظروف غامضة، بعد أن كشفت ملفات فساد وتعرضت لتهديدات من أهلها وجهات أخرى، عدا عن التشهير بسمعتها من أطراف النزاع، واتهامها بعدم الأهلية وأنها مصابة بمرض نفسي، من قبل عائلتها، علماً بأن والدتها مطلقة.
وقال والد نيفين، إن بداية القضية قد بدأت قبل نحو 4 سنوات، أثناء عملها في مدرسة دورا الصناعية، موضحاً أنها رأت أن هناك أموالاً يتم التصرف بها، تصل إلى (6 آلاف شيقل)، وتصادمت نيفين مع إدارة المدرسة، ومدرسة أخرى تعمل هناك، ما دفعها لتقديم شكوى لدى التربية والتعليم.
وتابع: “موقف التربية لم يعجب نفين، ما دفعها للتوجه إلى رام الله، لتتقدم بعدة شكاوى على المديرة ومكتب التربية ووصلت إلى مكافحة الفساد، وذهبت للمخابرات، والاستخبارات والأمن العسكري، وكانت في كل دائرة تخفق في الحصول على نتيجة، تذهب للأعلى منها”.
وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم أطلعته على كتاب من هيئة مكافحة الفساد يشير إلى تسيّب مالي، وليس اختلاس مالي، مضيفاً أنها توجهت بعد ذلك لرئيس بلدية دورا سابقاً، د. سمير النمورة، والذي نصحها بالتوجه لمؤسسات الخليل، كالمحافظة.
وأردف العواودة: "أنها توجهت بناءً على نصحه للمحافظ، والذي طلب منها تقديم شكوى لدى النيابة العامة على المدرسات، وأرسلت النيابة العامة الشرطة لاعتقال المدرسات، قبل أن يتدخل “إقليم حركة فتح – وسط الخليل” بعد استعانة إحدى المدرسات بهم، ويتدخل بعدها “إقليم حركة فتح – جنوب الخليل” إلى جانب نفين في بادئ الأمر، ويصبح ضدها في نهاية المطاف.
وأضاف: “في ذلك الوقت كان مطلوب مني أن أشتكي عليها، وأن أقول بأنها فاقدة للأهلية، وأكثر من جهة طلبت مني”، رافضاً الإفصاح عن الجهات التي كانت تقف خلف المطالبات.
وأكمل حديثه: "نحن لم نساندها لأننا غير مسؤولين عن هذه البلد حتى نتصادم مع الناس، وكنت أود أن تحافظ على نفسها"، موضحاً أن ذهابها لبيرزيت كان بسبب يأسها من عائلة رفضت مساعدتها في إعطاء موقفاً.
كما نفى أن تكون العائلة قد طردتها، مشيراً إلى أن الاتصال معها لم ينقطع، "بشكل غير مباشر" لأنها كان ترفض الحديث معه أنه لم يقف إلى جانبها.
وبحسب المتداول، فإن إحدى القضايا التي رفعتها الضحية، تتعلق بوجود برنامج مراقبة على الحاسوب الخاص بها في المدرسة التي كانت تعمل بها، حيث يهدف لجمع صور وتسجيلات، وتعرضها على إثر ذلك للتهديد بالحزبية والعشائرية.
وتم بعد ذلك فبركة هذه التسجيلات والتلاعب بها من خلالها استخدام أصوات مقاربة من صوت الضحية، إضافة لصوتها لاستكمال حوارات نسبت لها في الأماكن العامة والرسمية، للإخلال بمجريات القضية، وضرب سمعتها ومصداقيتها.
وتقدمت الضحية بشكوى إلى مكتب النائب العام في رام الله ، ذكرت فيه أنها تقدمت بعدة شكاوى إلى نيابة دورا بتاريخ 16 شباط/فبراير 2016، وتقدمت بتظلم لذات النيابة بتاريخ 23 آب/أغسطس 2016، ما يعني أن النائب العام على علم بالقضية.
واللافت بالأمر أن النيابة العامة ورئاسة الوزراء ومحافظ الخليل كانوا جميعاً على اطلاع بما تتعرض له المهندسة نيفين ولم يحرّكوا ساكنًا، خاصة أن نيفين أرسلت كتاباً لرئاسة الوزراء أوضحت خلاله محاولاتها السابقة من أجل وقف ما تتعرض له من تهديد وتشهير، ورفع قضية ضدها لدى مخابرات الخليل بدعوى "التعاون مع الاحتلال"، وذلك على إثر خلافات العمل داخل وزارة التربية والتعليم.
كما أن المغدورة "نيفين" توجهت إلى هيئة مكافحة الفساد، لكي تطلعها على وجود مخالفات قانونية من خلال اقتطاع أطراف النزاع لمبالغ مالية واستغلالها لمصالح شخصية وممارسة شخصية، ووضع اليد على مؤسسات حكومية.
وبذلك فإن الجهات التي وصلتها شكاوى الضحية لوقف ما يمارس ضدها، هي: "رئاسة الوزراء، ورئيس المحكمة العسكرية العليا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، والنيابة العامة والنيابة العسكرية، ورئيس محكمة العدل العليا، ومحافظ الخليل، ووزير العدل، ووزير التربية والتعليم العالي، ورئيس ديوان الرقابة الإدارية والمالية، والنائب العام، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، واستخبارات الخليل ورام الله".
الجدير ذكره أن المتحدث باسم الشرطة لؤي ارزيقات، قال "إن الشرطة باشرت بالبحث عن نيفين، حتى أُبلغت بالعثور على جثتها، دون تحديد إن كانت سقطت من نافذة شقتها أو أُسقطت بفعل فاعل، فيما سيتم تحويل الجثة للطب الشرعي بغرض التشريح والوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة".
فيما ينتظر أن تحدد نتائج التشريح بشكل قطعي أسباب موت نيفين، وبذلك فإن أسئلة كثيرة تُطرح حول تقصير الجهات التي توجهت لها "نيفين" لحمايتها وإنصافها منذ كشفها قضية الفساد، خاصة بعد أن كشفت عن ملفات فساد مالي وتعرضها للتهديد من قبل جهات لا تعرف الرحمة.