قامت سلطات الإحتلال الإسرائيلية بعد العملية الفدائية يوم الجمعة بإغلاق المسجد الأقصى مدة يومين حتى ظهر الأحد الماضي في سابقة خطيرة، هي الأولى من نوعها منذ خمسين عاما. تلا ذلك إقتحام قوات الجيش وحرس الحدود المسجد ومواقع الإدارات الدينية والصحية والإشرافية داخله، وكسروا الأقفال، واستباحوا اوراق العمل، وأدوات خاصة بالقائمين على إدارة المسجد، ولم يبقوا شيئا على شيء، نكثوا كل ما هو موجود لعلهم يجدوا ذريعة جديدة لإتخاذ خطوات أسرع في تنفيذ مخططهم. لكنهم لم يجدوا شيئا.
بعدما سمحت الحكومة الإسرائيلية الإستعمارية بفتح أبواب المسجد للمصلين المسلمين، فوجئوا بوضع بوابات الكترونية وكاميرات وجنود مدججين بالأسلحة لتفتيش المواطنين الراغبين بالصلاة بغض النظر عن الجنس، مما اثار ردود فعل آنية وسريعة رافضة للإنتهاك الجديد، والذي يهدف إلى الآتي: اولا مواصلة سياسة التهويد للمسجد الأقصى تدريجيا وفق منطق ومبدأ الخطوة خطوة؛ ثانيا إستحضار ما تم تكريسه في الحرم الإبراهيمي الشريف، بحيث تكون الخطوة القادمة فرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد والدخول والخروج منه؛ ثالثا فرض العقوبات الجماعية على ابناء الشعب الفلسطيني المسلمين، والحؤول دون دخولهم المسجد إلآ وفق الشروط والرؤية الإسرائيلية الإستعمارية؛ رابعا إلغاء طابعه الإسلامي،وإلغاء أي دور للمملكة الأردنية الهاشمية والسلطة الفلسطينية، وربطه مباشرة بالمؤسسة الدينية اليهودية؛ خامسا متابعة خطوات التهويد والتدمير التدريجي للمسجد الأقصى من فوق وتحت الأرض؛ سادسا تغيير معالم المكان برمته، وبناء ما يسمى الهيكل الثالث على أنقاضه؛ سادسا دفع الأمور نحو هاوية الحرب الدينية، وإلغاء طابع الصراع الوطني والقومي.
هذه الإجراءات وغيرها ستتخذها حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف لتفكيك مركبات المكان، وإعادة تركيبه وفق المنظومة الإستعمارية الإسرائيلية. وهذا يتنافى مع ما جاء على لسان نتنياهو، الذي قال في أكثر من تصريح في فرنسا، وقبل الوصول لها في إتصال هاتفي مع الرئيس ابو مازن،" انه ليس مع تغيير طبيعة المكان، ولا يريد هكذا إجراء." لكن ما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يستقيم مع طبيعة الإجراءات والمخطط الإسرائيلي. وبالتالي ما جاء على لسان المتهم بقضايا فساد عديدة لا يعكس حقيقة المخطط الإسرائيلي، إنما هو شكل من اشكال التضليل، والضحك على الدقون. وإن كان نتنياهو صادقا، وهو ليس كذلك، لماذا لم يعد الأمور إلى ما كانت عليه قبل العملية؟ ولماذا وضع البوابات الأليكترونية؟ ومن المستهدف من البوابات؟ أليس الغالبية العظمى من ابناء الشعب الفلسطيني؟ وما هو الدور، الذي ستلعبه تلك البوابات؟ وأين إستقلالية وقدسية المسجد الأقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟ واليس من يصدر التصريح تلو التصريح من قادة إسرائيل عن ضم المدينة المقدسة، عاصمة الشعب العربي الفلسطيني، ويدعي بأن الحائط الغربي من الحرم القدسي الشريف، هو مكان يعود لليهود، وايضا بان مكان الهيكل الثالث يقع في نفس مكان المسجد الأقصى، رغم كل القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظماتها كاليونيسكو وغيرها الرفضة المنطق الإستعماري الإسرائيلي، إنما يريد ويستهدف تدمير اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟
الرد على الهجمة الإسرائيلية الإستعمارية يقوم على الآتي: اولا رفض الإجراءات الإسرائيلية برمتها؛ ثانيا توجه الفلسطينيون من كل محافظات الوطن ومن الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل إلى المسجد الأقصى للصلاة امامه وفي محيطه، وتنظيم الإعتصامات والمظاهرات، والسعي لتحطيم البوابات الأليكترونية إن أمكن ذلك؛ ثالثا تطوير وتصعيد المظاهرات الشعبية في كل المدن داخل الوطن وفي والشتات، والإرتقاء بالمقاومة الشعبية إنتصارا للقدس والمسجد الأقصى؛ رابعا مواصلة القيادتان السياسيتان والدينيتان الفلسطينية والأردنية التنسيق الثنائي ومع الأشقاء العرب في المغرب والسعودية ومع قيادة الأزهر الشريف في مصر والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والفاتيكان وحتى مع القيادات الدينية اليهودية الرافضة للخيار الإستعماري للقيام بنشاط سياسي وديبلوماسي وديني يستهدف الضغط على حكومة نتنياهو لإلغاء كل الإنتهاكات الخطيرة، التي إتخذتها او يمكن ان تتخذها في الأيام القادمة؛ خامسا التوجه مجددا للامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية وإلى كل المنابر ذات الصلة لإنتزاع قرارات أممية وقارية جديدة تدعم الحقوق الفلسطينية والعربية في المسجد الأقصى والقدس العاصمة الفلسطينية، وفضح وتعرية سياسات إسرائيل في آن.
لا يجوز ان يمرر الإنتهاك الإسرائيلي في المسجد الأقصى، وعلى ابناء الشعب العربي الفلسطيني بكل تلاوينهم ومشاربهم السياسية والدينية والإجتماعية في الوطن والشتات أن ينتصروا لذاتهم وحماية عاصمتهم وحوضهم المقدس من التدنيس الإسرائيلي الإستعماري، وقطع الطريق على المخطط الإسرائيلي الإستعماري.