كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس أن بنيامين نتنياهو أكد للرئيس الفرنسي، ماكرون اثناء لقائه اول امس "انه يشكك في نجاح صفقة السلام الأميركية، التي يحاول إطلاقها الرئيس الأميركي، ترامب." ويعمق رؤيته من خلال "استبعاده إمكانية إطلاق المفاوضاوت." مؤكداً لمضيفه " أن إسرائيل لن تنسحب من الضفة الغربية المحتلة". أضف إلى ان حكومته "لن تقوم بإخلاء أي مستوطنات." مقامة على اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967.
جاءت مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي ردا على مطالبة الرئيس الفرنسي له بضرورة "تجميد الإستيطان، وعدم التوسع الإستيطاني، لخلق مناخ ملائم للمفاوضات مع الفلسطينيين." وكان الرئيس ماكرون أكد لبيبي "انه يدعم كافة الخطوات والمباحثات، التي يجريها الرئيس الأميركي من اجل تحريك المفاوضات والتوصل إلى صفقة سياسية بين إسرائيل والسلطة". وشدد ماكرون امام ضيفه الإسرائيلي إلى ان "خطط الإستيطان والمناقصات للوحدات السكنية الإستيطانية، التي اعلنت عنها حكومته وشرعت بتسويقها في الأشهر الأخيرة، ستصعب من إحتمال إطلاق المفاوضات، وستكون عثرة وعقبة امام مسيرة السلام، وستعقد الأوضاع."
رد نتنياهو جلي وواضح ولا يحتاج إلى مزيد من البحث والتمحيص، وبالتالي لن أكون المراقب الأول، ولست الأخير، الذي يؤكد، أن نتنياهو واركان حكومته اليمينية المتطرفة ليسوا معنيين بإحداث أي نقلة إيجابية في عملية التسوية السياسية. ليس هذا فحسب، بل إنهم جميعا يعملوا وفق مخطط منهجي ومدروس على كيفية تبديد أي بارقة أمل من الأميركيين او الفرنسيين او الأوروبيين عموما او الروس. ولن يتوانوا عن إفشال الجهود الدولية بمستوياتها الفردية او الجمعية. لإن خيارهم الثابت والمحدد، هو خيار الإستيطان الإستعماري، وقتل روح ومناخ السلام وخيار حل الدولتين على حدود الخامس من حزيران عام 1967.
ولتحقيق هدفها تعمل الحكومة الإستعمارية في إسرائيل على حرف بوصلة النقاش مع ممثلي الإدارة الأميركية من خلال التركيز على قضايا ليست ذات صلة بملفات التسوية الأساسية، وتمس بمكانة الهوية والشخصية الفلسطينية ورموزها، فضلا عن انها،هي ذاتها غارقة حتى اذنيها في مستنقعاتها ولوثاتها مثال "ما يسمى التحريض"، وإثارة موضوع "دفع الرواتب لذوي الأسرى والشهداء." وإغراق الأميركيين في هذه المتاهة، الذين للأسف يتساوقون مع القيادة الإسرائيلية، بدل ان يقولوا لهم: كفى هرطقة وتسخيفا للامور، فكل الإسرائيليون مارسوا القتل والإستعمار، ومع ذلك تدفعوا لقتلتكم وقتلاكم جميعا حسب إيغالهم في الدم الفلسطيني، دم الضحية، وتقلدونهم "الأوسمة" والإمتيازات، وبالتالي لا يحق لكم الحديث في أمر، أنتم مدانون به، وتاريخكم شاهد على ذلك. فضلا عن الذرائع الواهية، التي يتلككون بها كحدوث عملية هنا او عملية هناك، مع ان جيش الموت الإسرائيلي وقطعان المستعمرين وسلطة إلإستعمار ما يسمى ب(الإدارة المدنية) في الأراضي المحتلة عام 1967 يمارسون ابشع اشكال الإرهاب والتمييز العنصري، والتهويد والمصادرة للأراضي الفلسطينية، وإعلان عطاءات البناء للوحدات السكنية في المستعمرات، وبناء المستعمرات الجديدة .. إلخ من الجرائم والإنتهاكات الخطيرة، التي تمس بمصالح الشعب الفلسطينية الفردية والجمعية.
ما أعلنه نتنياهو ليس مجرد إجتهاد او تكهن، انما هو موقف وبرنامج حكومته، ويعكس سياسته الإستعمارية وخياره المعادي للتسوية السياسية. وبالتالي هو بق البحصة، وازال القذى عن عيون قادة العالم، وكل الواهمين بإمكانية دحرجة الموقف الإسرائيلي لبناء جسور السلام. بيبي أكد المؤكد في مواقف حكومته. الأمر الذي يفرض على القيادة الفلسطينية والقيادات العربية والعالمية تغيير قواعد العمل مع القيادات الإسرائيلية، والتخلي عن سياسة الإستجداء والتمني والمراضاة. لإن هكذا سياسة لن تفلح في تغيير السياسة الإسرائيلية، لا بل إنها تمنحها الضوء الأخضر لمواصلة نهج الإستعمار الإقتلاعي والإحلالي. وهو ما يستدعي إنتهاج سياسة فرض العقوبات السياسية والديبلوماسية والإقتصادية والعسكرية، دون ذلك سيبقى الحديث عن المفاوضات وجسر الهوة، نوعا من مواصلة ملهاة الدوران في حلقات حكومة نتنياهو الفارغة والعبثية.