أسباب الاحتباس الحراري

أسباب_الاحتباس_الحراري.jpg
حجم الخط

الاحتباس الحراريّ

الاحتباس الحراريّ (بالإنجليزيّة: Global Warming) هو عبارة عن الارتفاع التدريجيّ في درجة حرارة الغلاف الجويّ للأرض؛ نتيجة تغيّراتٍ في تحويلات الطّاقة الحراريّة؛ فمصدر الحرارة على الأرض في الأصل هو أشعّة الشمس التي تخترق الغلاف الجويّ، وترفع حرارة الأرض، ولكن بسبب النشاطات البشريّة وخاصّة الثّورة الصناعيّة، ارتفعت درجة حرارتها ارتفاعاً ملموساً، ممّا أثّر سلبيّاً على مناخها ومكوّنات غلافها الجويّ؛ حيث ارتفعت درجة حرارة سطح الأرض في الأعوام المئة الأخيرة ما يقارب 0.6 درجة سيليسيّة،[١]ويُعدّ العالم السويديّ سفانت أرهنيوس أوّل من أطلق اسم الاحتباس الحراريّ على هذه الظّاهرة في عام 1896م.[٢]

 

ظاهرة البيت الزجاجيّ

تحدث ظاهرة البيت الزجاجيّ (بالإنجليزيّة: Greenhouse Effect)؛ بسبب وجود غازاتٍ مُحدَّدةٍ في الغلاف الجويّ بنسبٍ مرتفعةٍ، يُطلَق عليها اسم الغازات الدّفيئة (بالإنجليزيّة: Greenhouse Gases)، وتلعب هذه الغازات دوراً كبيراً في الحفاظ على الطاقة الحراريّة للأرض؛ حيث تمتصّ جزءاً من الأشعّة تحت الحمراء المنبعثة من سطحها، وتحتفظ بها في الغلاف الجويّ، ممّا يؤدّي إلى تدفئة سطح الأرض، والحفاظ على درجة حرارته ثابتةً في معدّلها الطبيعيّ؛ أي بحدود 15°س، وصولاً إلى المستوى الذي يجعل الحياة مُمكنةً عليه، فلولا هذه الغازات لوصلت درجة حرارته إلى 18°س تحت الصّفر.[٣]

 

الغازات الدّفيئة

أدّى ارتفاع نِسَب الغازات الدّفيئة في الغلاف الجويّ إلى الاحتفاظ بكميّةٍ أكبر من الطّاقة الحراريّة في الغلاف الجويّ، وأخذت درجة حرارة سطح الأرض بالارتفاع بشكلٍ يؤثّر على عمليّاتها وأنظمتها جميعها، وتشمل الغازات الدّفيئة الغازات الآتية:[٤]

  • بخار الماء: يعتمد تركيزه في الجوّ على مقدار درجة الحرارة، وحالة الطّقس، وقد تتراوح نسبته فيه ما بين 0-4%.
  • ثاني أكسيد الكربون (CO2): تكمن أهميّته في امتصاص الأشعّة تحت الحمراء، وقد تصل نسبة وجوده في الجو إلى 0.038% تقريباً.
  • أكاسيد النّيتروجين: تشمل أكسيدَ النيتروس (N2O)، وثاني أكسيد النّيتروجين (NO2)، وأحادي أكسيد النيتروجين (NO).
  • الميثان (CH4): ينتج غاز الميثان من تحلّل المُخلَّفات العضويّة، وعمليّات الهضم لدى الحيوانات.
  • الأوزون (O3): يمتصّ هذا الغاز الأشعّة فوق البنفسجيّة.
  • مركبات الكلوروفلوروكربون (CFC): تُستخدَم في أنظمة التّبريد، وفي عدّة صناعاتٍ، مثل: الدّهانات، والمبيدات.
  • ثاني أكسيد الكبريت (SO2): ينتج من عمليّات الحرق المختلفة.

 

أسباب الاحتباس الحراريّ

يمكن تلخيص الأسباب المؤدّية إلى حدوث الاحتباس الحراريّ كما يأتي:[٥][٦]

  • التغيّرات الحاصلة لمدار الأرض حول الشّمس: حيث ينتج عنها تغيُّر كميّة الإشعاع الشّمسيّ الواصل إلى الأرض، ويُعدّ هذا العامل مهمّاً جدّاً في التغيّرات المناخيّة.
  • الانفجارات البركانيّة: تسبّب الانفجارات البركانيّة انبعاث كميّات كبيرة من الغبار والغازات، ومن هذه الغازات المنبعثة غاز ثاني أكسيد الكبريت، ويكمن أثره السلبيّ في أنّه يبقى في الجوّ فتراتٍ كبيرةً، فيحجز أشعّة الشّمس، أمّا دقائق الغبار المنبعثة فتؤثّر على توازن الغلاف الجويّ، وتُحدِث زيادةً في درجة حرارة الأرض.
  • الغازات النّاتجة عن الملوّثات العضويّة: تشمل هذه الملوّثات فضلات المواشي؛ وبخاصّة الأبقار، والأغنام، والدّجاج.
  • تلوّث الهواء: حيث يسهم تلوّث الهواء في اندفاع كميّات كبيرة من الغازات الدّفيئة إلى الجوّ، ممّا يزيد نسبتها في الغلاف الجويّ.
  • استنزاف طبقة الأوزون: تُعرَّف طبقة الأوزون بأنّها طبقة موجودة في الغلاف الجويّ تحوي غاز الأوزون، وتحمي الأرض من الأشعّة فوق البنفسجيّة الضارّة القادمة من الشمس، ويُعدّ استنزاف هذه الطّبقة مُسبّباً فعّالاً في إحداث الاحتباس الحراريّ؛ فالغازات المنبعثة من الصّناعات ومنها مركّبات الكلوروفلوروكربون، تتفاعل مع طبقة الأوزون محدثةً ثقوباً فيها، فتدخل الغازات الضارّة إلى الأرض عبر هذه الثقوب، ممّا يؤدّي إلى انحباسها، وارتفاع درجة حرارة الأرض.
  • قطع الأشجار: يؤدّي قطع الأشجار إلى تقليل الأكسجين الموجود في الغلاف الجويّ، وزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون الذي تستفيد منه النباتات في عمليّة البناء الضوئيّ.
  • التقدّم الصناعيّ: تنتج عن حرق الوقود كميّات كبيرة جدّاً من الغازات الدّفيئة، مثل: غاز ثاني أكسيد الكربون؛ الذي يمتصّ الأشعة تحت الحمراء، ويحبسها في الأرض، بالإضافة إلى العديد من الغازات الضارّة المنبعثة في الهواء؛ حيث تمتزج مع الغازات الأخرى الموجودة في الغلاف الجويّ، مكوّنةً مركّباتٍ سامّةً قد تُلحِق الضّرر بالجهاز التنفسيّ للإنسان.
  • استخدام الأسمدة الكيميائيّة: تُعدّ الأسمدة الكيميائيّة من أشدّ العوامل تأثيراً في الاحتباس الحراريّ؛ وذلك لاحتوائها عدّة مركّبات تساهم في ظاهرة الغازات الدّفيئة، مثل: أكاسيد النّيتروجين، التي تُحدِث ثقوباً كثيرةً في طبقة الأوزون، وبهذا تدخل الأشعّة فوق البنفسجيّة الضارّة إلى الأرض عبر هذه الثّقوب؛ فترتفع درجة حرارتها.

 

تأثير الاحتباس الحراريّ

يؤثّر الاحتباس الحراريّ على الكرة الأرضيّة تأثيراً خطيراً، كما يأتي:[٧][٨][٩]

  • موجات الحرّ الشّديدة: يزيد الاحتباس الحراريّ معدّلات حدوث الموجات الحراريّة الشّديدة، التي تؤثّر سلبيّاً على صحّة الإنسان، وتُحدِث خسارةً كبيرةً في الاقتصاد العالميّ؛ ففي عام 2003م اجتاحت الدّولَ الأوروبيّةَ موجةُ حرٍّ شديدةٌ، قضت على 27 ألف شخصٍ، كما أحدثت خسائر ماديّةً قُدِّرت بـ 14.7 بليون يورو.
  • حدوث الفيضانات: يؤدّي الاحتباس الحراريّ إلى ذوبان أجزاء كبيرةٍ من الجليد، ممّا يرفع مستوى سطح البحر، ويسبّب حدوث فيضاناتٍ، ويشكّل هذا تهديداً للجزر المُنخفِضة والمدن الساحليّة، ومن الجدير بالذّكر أنّ ذوبان الجليد قد تسبّب في ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات ما بين 10-20سم في القرن الماضي.
  • حدوث الجفاف: يزيد الجفاف معدّل حرائق الغابات.
  • تهديد حياة الكائنات الحيّة: يؤدّي الاحتباس الحراريّ إلى خلق ظروفٍ جديدةٍ للكائن الحيّ في المكان الذي يعيش فيه، تُجبِره على التكيّف معها، مثل: تغيّر درجة الحرارة، ونتيجةً لهذه التغيّرات فقد وُجِدَ أن 25% من الثديّيات و 12% من الطيور مهدّدة بالانقراض.
  • تغيُّر الدّوران الحراريّ الملحيّ في المحيطات: يُعرَّف الدّوران الحراريّ الملحيّ بأنّه حركة المياه في المحيطات حسب كثافتها المتأثّرة بدرجة الحرارة، وكميّة الملوحة، وتُسبّبظاهرة الاحتباس الحراريّ ذوبانَ الجليد، فيزيد معدّل المياه العذبة، ممّا يوقِف الدوران الحراريّ الملحيّ أو يُبطِئه.

 

كيفيّة تقليل تأثير الاحتباس الحراريّ

يمكن تقليل تأثير الاحتباس الحراريّ عن طريق العديد من الوسائل والإجراءات، من أهمّها:[١٠]

  • استخدام مصادر الطّاقة المتجدّدة لغايات إنتاج الكهرباء، وتدفئة المنازل، بالإضافة إلى استخدام الموادّ العازلة في الأبنية؛ لتقليل ضياع الطّاقة.
  • استخدام المصابيح الموفِّرة للطّاقة؛ إذ يمكن استبدال المصابيح العاديّة، واستعمال المصنوعة من الفلوريسنت؛ نظراً لتوفيرها ما مقداره 66% من الطاقة المُستهلَكة في المصابيح العاديّة.
  • تقليل استخدام الأسمدة النيتروجينيّة، وذلك بإيجاد حلول فعّالة للمحافظة على التّربة، عن طريق تغذيتها بالموادّ التي تحتاجها دون الحاجة إلى هذا النّوع من الأسمدة.
  • تشجيع زراعة الأشجار التي تستهلك غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في الجوّ.