هبة من الله

رامي مهداوي.jpg
حجم الخط

بكامل الجرأة أقول، عندما حاولت الكتابة هذا الأسبوع، تزاحمت في عقلي العديد من القضايا العامة التي يجب أن أكتب عنها، لكني فقدت شهية الكتابة، وكلما حاولت فشلت لانشغالي بقضايا خاصة، إذن ما المانع أن يكتب الكاتب عن قلقه؟ ومحيطه؟ فالكاتب أولاً وأخيراً جزء من مشهد النص.
إذن هل يستطيع الكاتب أن يكتب لنفسه؟ وهل سيكترث القارئ بما كتبه الكاتب لذاته؟ سأحاول الكتابة بتجرد عن واقع جديد سأغوص به خلال الأيام القادمة. فالدخول والخروج من واقع لواقع ليس بالأمر السهل، وخصوصاً إذا ما كان التغيير يلامس إطاراً عاماً في الحياة الذي يحتضن مفاهيم وعادات وتقاليد ودين واجتماعيات ومناسبات وخصوصيات ومجاملات وأكثر من ذلك؛ ما يجعل دينامو الحياة يُولّد طاقات مختلفة من المشاعر والأحاسيس... وهذا ما سأحاول كتابته هنا!!
جميعنا يعلم بأن الحياة رحلة، لكن اختيارنا خوض الرحلة وشكلها يختلف حسب إمكانياتنا. مع إدراكنا التام بأن لهذه الرحلة بداية ونهاية، وفي هذه الرحلة هناك العديد من الرحلات التي ستقودك الى ما تستحق بالاعتماد على مقدار إيمانك بما تحلم، ومقدار الجهد والحب الذي ستضعه حتى تستمتع في مواجهة قدرك.
إذن، لنتفق بأنه في خوض الرحلة لا يوجد خطأ أو صواب في مواجهة قدرك، لأنك الوحيد الذي ستتحمل نتائج أفعالك مهما كانت، لهذا قراراتنا في الحياة هي ليست فقط نتائج الخبرة، وإنما ما نطمح به أن نكون في جميع نواحي الحياة التي نعيشها، فكلما كانت قراراتنا معقدة نتائجها أيضاً كذلك ستكون والعكس صحيح.
تعلمت أيضاً بأن الحياة بحر من الأولويات، واذا ما تخطينا في المجداف واجباً عن آخر ستضع ذاتك أمام خيارات ومتاهات جديدة، لكن المهم في الموضوع هو مقدار فهمنا للتغيرات في بناء الأولويات، بالتأكيد توجد أولويات ثابتة، لكن هناك متغيرات تصيبنا في كبد حياتنا نمرض من خلالها ما لم نعالجها بوقتها، لكنك في نهاية المطاف أنت صاحب القرار لك الحرية فيما ستختار لتتحمل بعد ذلك النتائج.
في تحمل نتائج القرارات تكمن متعة الحياة، فلكل قرار نتائج، ولكل نتيجة تفاصيل ترهقنا في الخلاص مما نواجهه، حتى لو كانت النتائج فرحة.. إيجابية.. علينا التعايش معها بروح المسؤولية، فالأفراح ليست دائمة كالأحزان، فالمطلوب في نهاية الأمر أن نجدف بحذر في النهر مع الاستمتاع بمنظر الطبيعة المليئة بالمفاجآت.
أمّا المفاجآت فعلينا الاستعداد لها بكامل طاقاتنا، أن نخوضها مجردين من التوقعات، مجردين من الذكريات، مجردين من الأحزان اذا ما كان الفرح هو من يطرق الباب، مجردين من الآلام، مجردين من الخيبات، مجردين من الفشل.
كل الأفكار السابقة في المقال هي المعارك الذاتية الدائرة في عقلي التي تقاتل بعضها البعض، لذلك لم أستطع الكتابة في الشأن العام، لأنني أستعد لرحلتي الخاصة التي تنتظرني خلال أيام مع هبة من الله، لهذا أعتذر منكم أعزائي القراء مسبقاً بسبب عدم تمكني من الكتابة خلال الأسبوعين القادمين، لانشغالي في بدايات رحلة العمر.