الاردن ومعركة السيادة على القدس

609.jpg
حجم الخط

 

بداية اتخذ قرار فك الارتباط بالضفة الغربية من قبل العاهل الأردني الملك حسين عام 1988 بإنهاء ارتباط الضفة الغربية إدارياً وقانونياً مع المملكة الأردنية الهاشمية باستثناء الاماكن المقدسة فهي استثنيت من فك الارتباط قكان يعرف سابقا بان الضفة وحدة لا تتجزء من الاردن بضفتيه منذ عام 1949 الى عام 1967م ومنذ مؤتمر اريحا اتى هذا القرار في ظل مطالبات منظمة التحرير الاعتراف بها كممثلة شرعية ووحيدة للشعب الفلسطيني وعكفت على اثارة هذه القضية امام الجامعة العربية وكل من الدول العربية على انفراد ولذلك قررت جامعة الدول العربية عام 1974م بالاعتراف بمنظمة التحرير ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وفي ظل تعاملها مع القرار 242 واعتبار الضفة الغربية جزء من اراضي فلسطين المحتلة ويخضع لبرنامجها السياسي الذي سمي بعد بحل الدولتين واقامة الدولة على حدود ما قبل الرابع من حزيران عام 1967م

في عام 1988 أعلن رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات دولة فلسطين. وبناء على طلب ياسر عرفات قام الملك حسبن بأخذ القرار بفك الأرتباط بالضفة الغربية

كثيرًا ما ناضلت منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية من أجل فك الارتباط مع الأردن باعتبارها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني. وتحت هذا الإلحاح اتخذ الملك الراحل حسين بن طلال قرارا بفك الارتباط عام 1988 مع الضفة الغربية إداريا وقانونيا، وتم ذلك بطلب من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي أعلن في نفس الوقت قيام دولة فلسطين، لكنه رغم فك الارتباط أبقى الرئيس عرفات للملك حسين حق الوصاية على المقدسات بشكل شفوي، وبقي الحال على هذا الأمر حتى نهاية مارس (آذار) 2014 عندما قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بإعطاء العاهل الأردني عبد الله الثاني هذا الحق باتفاقية مكتوبة.

وبموجب هذه الاتفاقية المتجددة من ياسر عرفات الى محمود عباس تقع الحماية للمقدسات الإسلامية والقدس ويكون الملك عبد الله الثاني مسؤولاً ووصياً عن جميع الأماكن المقدسة في القدس الشريف، وهذه الاتفاقية التاريخية بين المملكة الأردنية الهاشمية والسلطة الفلسطينية والتي اسندت الحماية للاردن امام مقيدات وقيود اوسلو وفشل نظرية حل الدولتيين وعمليات تهويدية كبرى ما تحت المسجد الاقصى وما فوقه وعدم قبول عرفات سابقا بما عرص عليه في واي رفر وشبكة من المستوطنات الكبرى تلتف حول مدينة القدس لتغيير معالمها الديموغرافية وهذا له دلالات ومعاني امنية وسياسية عميقة فالاردن الدولة المستقرة والتي تحظى بمفهوم خاص في التوازن في المنطقة تستطيع استخدام نشاطاتها الدبلوماسية والسياسية في مجلس الامن والجمعية العمومية للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية الأخرى، وذلك لإرغام إسرائيل والضغط عليها بكافة الوسائل والطرق لإيقاف عملية التهويد والتخريب والتحفير وتشويه معالم المدينة المقدسة العربية حيث أن هناك نشاطاً سياسياً أردنياً مكثفاً في هذا الاتجاه واخيرا القرار الصادر من منظمة اليونسكو بالاصول التاريخية العربية للقدس والحرم الابراهيمي الشريف في الخليل

قد نستطيع ان نوجز الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية ومنذ عام 1924م وفي الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين في مراسلات الشريف الحسين بن علي مع السير مكماهون، وهي اتفاقية باقرار حدود الدولة العربية الكبرى بما فيها القدس وبموجبها تأكدت وصاية الملك الحسين بن علي على حماية المقدسات واعمارها وتجديد حلتها وهو الدور المناط بالهاشميين الى يومنا هذا وتمت مبايعة اهل القدس واهل فلسطين في 11 من اذار عام 1924 م وبما في ذلك بطريركية الروم الارثوذكس والتي تخضع للقانون الاردني رقم 27 لعام 1958م

لقد مر المسجد الاقصى في عمليات اعمار مستمرة منذ عهد الشريف حسين بن علي والتي كانت وصيته ان يدفن في حرم المسجد الاقصى وفي عام 1931 كان جثمانه مستقرا فيه

في عهد الملك حسين بن طلال تشكلت لجنة اعمار المسجد الاقصى برقم 32 لعام 1954م وبدأ الاعمار عام 1958م وبعد الحريق الذي اصاب قبة الصخرة عم 1969م على يد الصهيوني دنيس روهان قامت لجنة الاعمار باعادته الى ما كان عليه من قبل 

وفي عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، وضعت اللوحة الزخرفية الأولى على منبر صلاح الدين عام 2002م، حيث بادرت لجنة الإعمار بوضع التصاميم الهندسية لإعادة تصميم المنبر على صورته الحقيقية، وكان (المنبر قد صنع) من العاج والأبنوس في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي عام 1187م، وفي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني عام 2007م، أُعيدت صناعته من خشب الأرز المعشق، وتم تنصيبه في المسجد الأقصى بكلفة مالية نحو مليوني دينار، وبلغت الموازنة الأردنية لمشاريع إعمار الحرم القدسي الشريف خلال النصف الثاني من القرن المنصرم، وحتى نهاية العقد الأول من هذا القرن نحو 600 مليون دولار، شاملة لموازنة دائرة الأوقاف في القدس، والمحاكم الشرعية وحراسة المسجد الأقصى وموظفيه.

وفي عمان الموافق 31/3/2013م، تم توقيع اتفاقية الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس حيث جاءت الاتفاقية انطلاقاً من العروة الوثقى بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، وذلك نظراً لمكانة القدس في الإسلام كمدينة مقدسة ومباركة، وانطلاقا من الأهمية الدينية العليا للمسجد الأقصى المبارك.

وبناء على توقيع اتفاقية الوصاية 2013م، يعمل جلالة الملك عبد الله الثاني على بذل الجهود للرعاية والحفاظ على الأماكن المقدسة في القدس، بهدف تأكيد حرية جميع المسلمين في الانتقال إليها، وأداء العبادة فيها، وإدارتها وصيانتها بهدف تقدير مكانتها وأهميتها الدينية والمحافظة عليها، وتأكيد الهوية الإسلامية الصحيحة والمحافظة على الطابع المقدس للأماكن المقدسة، وتعزيز أهميتها الحضارية، ومتابعة مصالح الأماكن المقدسة، وقضاياها في المحافل الدولية، وتتيح الاتفاقية لجلالته الإشراف على مؤسسة الوقف في القدس وممتلكاتها وإدارتها وفقا لقوانين المملكة الأردنية الهاشمية.

ويبذل ملك المملكة الأردنية الهاشمية، بصفته صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس المساعي للتوصل إلى تنفيذ جميع المهام المتعلقة بالحرم القدسي الشريف، وتعترف منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية بدور ملك المملكة الأردنية الهاشمية تجاه القدس، وتلتزمان باحترامه.

معركة السيادة الفلسطينية والعربية والاسلامية على القدس امام عمليات جادة يقوم بها الاحتلال لتهويده لا تنفصل وان القيت المهام المباشرة على الاردن وربما تدخل معركة التهويد ومقابلها السيادة ذروتها بعد العملية التي تمت في المسجد الاقصى يوم الجمعة 14 -7 والتي اودت بقتيلين دروز من شرطة الاحتلال واستشهاد المنفذيسن الثلاث وهنا لا نريد ان ندخل في تفاصيل امنية والجهات التي كانت ورائها والتي خدمت بشكل مباشر الاحتلال واطباق سيادته وسيطرته على المسجد وما بداخله وعمليات اذلال للمسلمين المصلصين من خطوعهم لساعات من التفتيش عبر البوابات الالكترونية ونزع سيادة ووصاية الاردن عن المسجد وهيئة الوقف الاسلامي واعتبار ان المسجد الاقصى تحت الوصاية الاسرائيلية المباشرة ومن هنا يكون تبويبا لاعلان القدس الموحدة عاصمة يهودية الدولة ونهاية مأساوية لشعار لطالما رفعته منظمة التحرير بان القدس الشرقية بما فيها المسجد الاقصى عاصمة دولتهم بقبول الحد الادنى لما هو معروض وممكن .

الاردن الذي وقف امام مسؤلياته الايام الماضية من حوارات واتصالات دولية واقليمية ومباشرة ايضا مع الجانب الاسرائيلي فشلت في ردع الجانب الاسرائيلي لانهاء كافة الاجراءات المتخذه بعد العملية وهنا تهدد

 

الاردن باخذ مواقف اكثر شدة وحزما امام التعنت الاسرائيلي سياسيا وقانونيا ، فلقد جاء على صفحة التواصل الاجتماعي الاستاذ المحامي عبد الناصر نصار المستشار الاردني لشؤون المقدسات الاسلامية والمسيحية والذي يؤكد فشل الحوارات مع الاحتلال وتصلبه في مواقفه مما سيجعل الاردن تتخذ مواقف اكثر الزاما قانونيا ودوليا:-

"الأردن يصر على إزالة البوابات الإلكترونية فورا، ويرفض عرضا إسرائيليا.

الأردن يجدد موقفه الرافض للإجراءات الإسرائيلية، ويؤكد على ضرورة إحترام إسرائيل لإلتزاماتها كقوة إحتلالية المتمثلة بعدم فرض الأمر الواقع على الأرض.

عاجل: عقد إجتماع مطول جرى في وزارة الخارجية الأردنية مع السفير الإسرائيلي اليوم ، وأنتهى الإجتماع دون نتائج فيما يتعلق بتسوية أزمة البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى المبارك .

وكانت المداولات قد جرت بعد أن رفض الأردن نصب إسرائيل هذه البوابات، وطالب بإزالتها فورا.

وقدم السفير الإسرائيلي عرض مساومة تقضي بنصب كاميرات في قلب الحرم مقابل هذه البوابات، إلا أن الجانب الأردني أبلغه رفض الأردن القاطع للطلب الإسرائيلي

وحمل الأردن السفير رسالة خاصة إلى حكومته بموقف الأردن المعبر عن رفضه التام للإجراءات الإسرائيلية، مؤكدا ضرورة إحترام إسرائيل لإلتزاماتها كقوة إحتلالية، المتمثلة بعدم فرض الأمر الواقع على الأرض."

ويوضح المستشار الاردني ومضيفا موقف الاردن من مجمل المتغيرات التي تعصف بالمسجد الاقصى ومراميها السياسية التي ترفضها الاردن جملة وتفصيلا :-

رؤية هامة حول البوابات الإلكترونية والمتغيرات القانونية والتاريخية وإنعكاساتها على الوضع القائم

نعلم أن إسرائيل عقب حادثة الجمعة الماضي شرعت بإتخاذ سلسلة إجراءات أحادية جديدة على الأرض تهدف إلى تغيير الوضع القانوني والتاريخي في الأماكن المقدسة الذي يعتبر معه تدخلا سافرا في الشؤون المتعلقة بتلك الأماكن والتي تمثل إنتهاكا لأبسط الحقوق لحرية العبادة وتسهيل الوصول إليها لأداء مناسك الصلوات مما تعد معها خرقا صارخا للإتفاقيات والمواثيق الدولية وعلى الأخص المادة التاسعة من معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل والإلتزامات الإسرائيلية وآخرها إلتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي الخطي بعمان بحضور وزير الخارجية الأميركي جون كيري المتضمن إلزامية الإبقاء على الوضع القائم وخاصة في المسجد الأقصى المبارك الحرم الشريف

هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فزيادة أن هذه البوابات الإلكترونية فرضت لإعاقة الوصول إلى أماكن دور العبادة بكل يسر وسهولة، وأن تحكم إسرائيل الفاقدة لأي شرعية في البوابات الإلكترونية تعني رسم صورة أن السيادة على تلك الأماكن المقدسة هي لإسرائيل مما يؤدي إلى نزع السيادة الأردنية ورعايتها عليها، وأنه لا يوجد دور للأردن أو حتى الإشراف على هذه الأماكن وصولا إلى إحكام السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليها وإخضاع الأردن للوضع القائم

فعلاوة على ما ذكرناه الإذلال الذي سيواجه المسلم من خلال الوقوف الطويل في طابور ضمن مسارات حديدية معقدة ، وفي المناسبات لساعات طويلة في ظروف قاسية، وأن يتحكم بمن يدخل إلى المسجد الأقصى المبارك ، وبالعدد الذي يدخل، والأمر الأخطر هو انه يهدف إلى فرض التقسيم الزماني ثم المكاني على المسجد الأقصى المبارك الحرم القدسي الشريف وهو هنا يساوي بين حق إسرائيل الباطل وحق المسلمين والوصاية الأردنية التاريخية.

وختاما فإن إسرائيل تهدف أيضا من خلال هذه البوابات خدمة لأجندتها التهويدية بغية تحقيق حلم الدولة اليهودية.

بتوقيع المستشار الأردني لشؤون القدس والمقدسات عبد الناصر نصار."

السلطة الفلسطينية ومأزقها في تمسكها باوسلو الذي خلفها الاحتلال وراءه وارتباطها بالتنسيق الامني مع الاحتلال ووضع منظمة التحرير المفكك لن يعطيها أي دور فقدته سابقا وحاليا ومستقبليا في حماية المقدسات وحماية المواطن والارض وهي غير قادرة الرجوع للخلف خطوات ومن اخطأء منظمة التحرير انها طالبت بفك الارتباط مع الضفة قبل التحرير وهو خطأ فادح ومسؤليات لم تستطيع القيام بها سواء من خلال اطر منظمة التحرير الميته او من خلال سلطة يتعمق فيها الفشل والفساد، منظمة التحرير التي لم تفكر استراتيجيا وعملت بنرجسيات عالية التردد لتودي بطموحات الشعب للردى وتستغل كأداة لتوقيع اتفاقيات وتنازلات واستيطان ياكل الاخضر واليابس ولذلك يبقى الاردن هو القوة الرسمية الاساسية التي تواجه اسرائيل وغاياتها في تهويد المدينة المقدسة وتقسيم المسجد الاقصى وبواباته والقوة الاساسية ايضا بقدرات الشعب الفلسطيني والمرابطين في القدس بان يجعل الاحتلال مكلفا لوجوده في المدينة المقدسة والارض الفلسطينية ومن خلال دعم المقاومة الشعبية في الضفة الغربية وشعبنا في 48.

ان للاردن قاعدة شعبية وثقافية في الضفة الغربية يجعلها تمتلك اكثر من عنصر مواجهة وتحدي للمشروع الصهيوني في القدس والضفة فهي تمتلك الدولة ذات الوزن والتوازن الاقليمي في المنطقة وهي قادرة ان تمارس دورها القوي في الامم المتحدة والمجتمع الدولي وقادرة ايضا ان تفعل القاعدة الشعبية في الضفة فالفلسطينيون في الضفة اردنيين الهوى وفلسطينيين العشق.