بعد اسبوع او اكثر من عملية القدس وتداعياتها دعا الرئيس ليلة امس لاجتماع مع قيادات السلطة السياسية والامنية في ظل ترقب مزدوج للفلسطينيين بشكل خاص والعرب بشكل عام اما دول الاقليم وأمريكا واسرائيل والغرب كانت لديهم شفرة مفردات بيان الرئاسة الذي القاه امام قيادات السلطة وعلى الهواء مباشرة .
لقد نوه الرئيس انه اجرى اتصالات مختلفة مع دول الاقليم وغيره من الدول ، وقطع برنامجه الخارجي متباطئا في العودة الى رام الله ليرى كيف يمكن ان تكون النتائج على الارض وتداعيات قد تحدث مفاجئة وليست في الحسبان ولكن الاسرائيليين وظفوا العملية بأحسن توظيف واقتنصوا الفرصة التي حاول شارون من قبل نتنياهو ان يمررها على المقدسيين وعلى الشعب الفلسطيني بأغلاق ابواب المسجد الاقصى ووضع الحواجز الالكترونية ، واصرار من المقدسيين بان يمارسوا العبادات في ظل الحواجز خارج ابواب المسجد الاقصى ، الرئيس عباس الذي انتظر الدور الاردني النشط بان يدفع الاسرائيليين عن فك حواجزهم ..... ولكن مع قرار الكابينت الاسرائيلي بان ازالة الحواجز تعني بالنسبة للإسرائيليين فقدان ما عملوا عليه من سيادة احتلالية طوال سنوات الاحتلال ... وفرصة لوضع بصمات لوقائع جديدة لاخراج الاردن من الوصاية وكذلك لجنة الاوقاف ولجنة القدس وعملها المقرة برئاسة مملكة المغرب.
دوافع الاحتلال تأتي في ظل ما يسمى محاربة الارهاب وانتشار الحواجز الإلكترونية على اماكن العبادة في الدول العربية والغربية ايضا ، لتحاول إسرائيل تعريف نفسها من جديد ليست كقوة احتلال بل كدولة تحافظ على الاماكن المقدسة ودور العبادة مثيلها مثل الدول العربية وهنا نستطيع القول ان اسرائيل لو مررت هذا الواقع فستقطف منه ثمار سياسية على قاعدة التطبيع الواسع مع الدول العربية وتحت ذريعة محاربة الارهاب بقواعد مشتركة ومنطلقات مشتركة .
عموما ماء في بيان عباس امام قياداته لا جديد يذكر فيه عن نصوص الخطاب السياسي القديم للسلطة الذي تجاوزته المتغيرات السياسية الاقليمية والدولية والموضوعية والوقائع التي يفرضها الاحتلال على الارض واندثار فكرة حل الدولتين مالم تغير منظمة التحرير والسلطة برنامجها الداخلي على صعيد الجبهة الداخلية وبخطوات ليست خطابية وعاطفية بل بخطوات تعبويه وتنظيمية وثقافية وذات توجهات سياسية ونضالية يشترك فيها الكل الفلسطيني بحالته الشعبية والسياسية وبحالة اشتباك مباشر مع الاحتلال لاخلال وتغيير الموازين الامنية في الضفة التي من اهم نتائجها وبشكل مؤكد ان يعيد الاحتلال حساباته بالنسبة للمستوطنات ووجودها وليقتنع بفرضية حل الدولتين على الارض من هنا يأتي الانعاش لفكرة الدولة على حدود ما قبل 67م وليس من خلال الزيارات المكوكية والترجي واطلاق شعارات السلام الذي لا يفهمها نتنياهو واسرائيل وترامب ن وبهذا الخصوص الرئيس الامريكي ترامب لم يذكر ولو لمرة واحدة دولة للشعب الفلسطيني منذ توليه الرئاسة خلافا عن اوباما وبوش وكلنتون وكارتر ، ويعلم عباس ان الاتجاه لحل اقليمي يتجاوز فكرة دولة فلسطينية ذات سيادة بحل اقليمي وروابط اقاليم او مدن ان كثرت برؤيا امنية اقتصادية اقليمية .
اما ما جاء في المحددات السياسية من فقرة تجميد الاتصالات مع الاسرائيليين على كافة المستويات فهي جملة باهته سطحية عائمة قد تجعل كل من يفهم ومستوعب ومطلع على اتفاقية اوسلو وملحقها الامني بان يقهقه واكثر من ان يبتسم او يتشأم، وان كانت تلك العبارة صفق لها قياداته ومعلقا الرئيس على تصفيقهم "" طبعا اعجبتكم"
اولا: تجميد الاتصال بالاحتلال غير ممكنا اطلاقا سواء مدنيا او أمنيا ولا يمكن الانسحاب من اللجنة الامنية المشتركة في القدس التي امريكا طرف فيها
ثانيا: أجهزة امن السلطة مشتركة مع الاسرائيليين والامريكان في لجنة محاربة الارهاب سواء محليا او اقليميا ويبرز هذا النشاط بدور ماجد فرج بتمكن الامريكان من اعتقال ارهابي ليبي في طرابلس ونشاطات اخرى من خلال مكاتبها الامنية في السفارات
ثالثا: هناك حالة تشبك اقتصادية وتجارية وانسانية بين السلطة والاحتلال لا يمكن ان تتوقف ولان اقتصاد السلطة اقتصاد لم يصل للحالة الوطنية بل مرتبط بمؤسسات وشركات ومقاولين وغيره مع الاحتلال وهناك مشاريع مشتركة .
رابعا : موردخاي هو المسؤول لإدارة الاراضي المحتلة وله علاقات ثنائية وثيقة مع قادة الاجهزة ومنظمات المجتمع المدني ولقد سبق ان نوه ليبرمان عن تجاوز السلطة بالعامل مع الادارات المدنية والوجهاء وهناك فئة تخضع مواقفها لمصالحا فقط تحت حماية الاحتلال .
تجميد التعامل لا يعني وقف التنسيق وعندما يكون التنسيق مقدسا في وجهة نظر الرئيس يعني يعني انه يسمو عن أي قوانيين او مواقف وضعية اخرى.
اما بخصوص الوحدة الوطنية ومناشدته لحماس بحل اللجنة الادارية ، اعتقد هو نفس الخطاب القديم والذريعة التي قام عباس تحت مظلتها بأخذ عدة قرارات بحق غزة بدأت بفصل قيادات وكوادر من فتح وقطع رواتب وقطع كهرباء واسر شهداء وجرحى واسرى وتضييق الخناق على غزة وعدم سريات قرار توظيف لأبناء غزة ، في حين انني ارى ان تلك اللجنة الداخلية لا تشكل عقبة بان يمارس الرئيس بما يكتسبه من شرعية اقليمية ودولية من ممارسة نشاطاته من داخل غزة والاعلان عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تلزم الجميع، فاتوني ببرهانكم ان كنتم صادقين ، وعندئذ ستتلاشى تلك اللجنة تلقائيا .
وبخصوص دعوته للجنة التحضيرية للمجلس الوطني اعتقد ان اللجنة اجتمعت في بيروت ومن اوقف توصياتها السيد محمود عباس
اما ما جاء به لدعوة المجلس المركزي للانعقاد لوضع برنامج للحفاظ على المشروع الوطني ومنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد.. نسأل الرئيس..؟ من الذي اوقف قرارات المجلس المركزي وتوصياته والتي طالبه فيها بوقف التنسيق الامني ..؟؟! والمجلس المركزي قال كلمته في توصياته منذ عدة شهور .. ونذكر بالمشادة التي حدثت بين الرئيس والقيادية في الجبهة الشعبية خالدة جرار عندما طالبته بالالتزام بقرارات المجلس المركزي وتنفيذها وعلى رأسها وقف التنسيق الامني ... وماذا كان رد الرئيس عليها :: بالعند فيكي لن اوقفه...؟؟!! رئيس يتحدث هكذا مع قيادات الشعب الفلسطيني ..!! واين هي خالدة جرار الان ..؟ في المعتقلات الاسرائيلية للمرة الثانية .
واخيرا تجميد الاتصال بالإسرائيليين لا يعني توقفه ، وان اعلن توقفه ... يعني الطرف الفلسطيني سحب اعترافه بأوسلو .... واذا سحب اعترافه بأوسلو يعني سحب اعترافه بإسرائيل .... ولا اعتقد ان السلطة قادرة على اتخاذ موقف كهذا في ظل انقسام حاد في حركة فتح الذي يقودها ، وتجهيل ثقافي وتعبوي وانحرافه عن القضايا الوطنية ... فهل يجرؤ الرئيس عن التراجع بكل القرارات التي اتخذها سابقا ..؟؟ وهل يعود للخلف خطوة للتقدم للأمام ..؟؟ وهل قادر على نسف وهم ومضيعة اوسلو ووضع برنامج جديد يتناسب مع كل المتغيرات ..؟؟ ان فعل ولن يفعل سنقول ان الرئيس اسس لما يبنى عليه بعد ذلك... فلعلّ وعسى ..ولكن .. اتونا ببرهانكم ان كنتم صادقين ..!!