القيادة تقرر أهمية التنسيق

images (1).jpg
حجم الخط

 

أعلن وزير الحرب الإسرائيلي، افيغدور ليبرمان أمس، ان "التنسيق مصلحة فلسطينية، وليس لإسرائيل مصلحة به." ونسي زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف، ان اي تنسيق مها كان إسمه ونوعه ومضمونه بين طرفين، إنما يقوم على أرضية التكافؤ والندية. وفي حال تجاوز شكل التنسيق ذلك المعيار، وإعتمد منطق البلطجة، وفرض الشروط من طرف على طرف، وإمتهان كرامة شعب وقيادته تحت ذرائع ومسميات واهية، وإرتكز على سياسة المحتل والواقع تحت الإحتلال، فلا يكون ذلك تنسيقا، إنما هو فرض الإملاءات وعلى حساب المصالح السياسية والإقتصادية والإجتماعية للشعب الواقع تحت الإحتلال.

وقبول الشعب الفلسطيني وقيادته عملية التنسيق مع دولة الإحتلال الإسرائيلية بعد التوقيع على إتفاقية اوسلو في العام 1993، إنما هدفت لتأمين مصالح الشعب الفلسطيني، وبلوغ هدف التسوية السياسية بعد السنوات الخمس الإنتقالية، التي كان مقررا لها ان تنتهي في مايو/ ايار 1999. ولكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سعت منذ اللحظة الأولى لإستخدام التنسيق لتحقيق أكثر من غرض، منها: اولا التشهير بالقيادة الفلسطينية، والإساءة للسلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية وتبهيت دورها ومكانتها؛ ثانيا تحويل القيادة الفلسطينية لإداة في مصلحة الرؤية الإستعمارية الإسرائيلية، معتقدة ان القيادة الفلسطينية، يمكن ان تقبل على نفسها لعب دور سعد حداد او انطوان سعد في الجنوب اللبناني، ونسيت إسرائيل ان القيادة الفلسطينية، هي قيادة حركة تحرر وطني، وندا قويا للقيادة الإسرائيلية، وليست العوبة في يد إسرائيل او اميركا او غيرها؛ ثالثا إستخدمت إسرائيل التنسيق لحسابات مشروعها الإستعماري، وضربت عرض الحائط ركائز الندية في التنسيق بينها وبين القيادة الفلسطينية؛ رابعا سعت اجهزة الأمن الإسرئيلية تجنيد عملاء لها في الأوساط الفلسطينية من بوابة التنسيق.

ورغم إدراك القيادة الفلسطينية للإستهدافات الإسرائيلية من التنسيق، غير أنها تعاملت بمرونة، لكن دون ان تنسى المحددات الفلسطينية من التنسيق باشكاله وتلاوينه المختلفة، ومنها : اولا خلق شروط مؤاتية لبناء ركائز عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ ثانيا حماية المصالح الوطنية الفلسطينية السياسية والإقتصادية والأمنية؛ ثالثا الحؤول دون التغول الإسرائيلي في إستباحة المصالح الوطنية الفلسطينية الخاصة والعامة؛ رابعا ملاحقة كل التجاوزات والإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة، التي تمس بالحقوق الفردية والجمعية الفلسطينية .. إلخ

ولكن القيادة الفلسطينية عندما تشعر ان القيادة الإسرائيلية تجاوزت كل الخطوط الحمر بجرائمها وإنتهاكاتها، فإنها كما جاء في كلمة الأخ الرئيس ابو مازن يوم الجمعة الماضي في اعقاب إجتماع القيادة الفلسطينية الموسع، مستعدة لوقف كل اشكال التنسيق. وهو ما يعني انها جاهزة للمضي قدما في تصعيد خيار المواجهة الشعبية بهدف التصدي لإنتهاكات وجرائم سلطات الإحتلال الإسرائيلية ولحماية المقدسات المسيحية والإسلامية وخاصة اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين والقدس العاصمة عموما. وكما قال الرئيس عباس في اللقاء مع العلماء امس الأحد، اننا نحن، الذين من حقهم وضع البوابات الأليكترونية ومنع دخول اي شخص مشتبه به، لإننا اصحاب السيادة على الأرض وتحتها في القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين عموما وفي الحوض المقدس خصوصا، وليس الإسرائيليون.

إذا التنسيق تقرره القيادة الفلسطينية، وتقرر متى يكون، ومتى لا يكون. والتنسيق بمقدار ما يقوم على التكافؤ والندية، ويخدم المصالح الوطنية الفلسطينية، بمقدار ما ستتعامل معه القيادة. ولكن في الوقت، الذي يشكل إمتهانا وتطاولا على الحقوق الوطنية، فإن القيادة ستضرب بعرض الحائط به، ولن تلتفت إليه بتاتا، وعندئذ سيكون وبالا على دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، لأن القيادة والشعب الفلسطيني يكونوا إتخذوا قرارا إستراتيجيا نحو العصيان المدني الكامل. وبالتالي على ليبرمان ونتنياهو اردان وبينت وكل اركان القيادة الإسرائيلية إدراك الرؤية الفلسطينية للتنسيق معهم. وما لم يدركوا ذلك، فإن الأمور تتجه بالضرورة نحو منحدر خطر.