ما حققه المقدسيون من نصرٍ وإنتصارٍ تاريخي،سيجعل يوم 27/تموز/2017،يوماً مميزاً ومحطة مفصلية في تاريخ الشعب الفلسطيني وسفر نضاله،يوماً يقول بأن الفلسطيني المقدسي المتسلح بإرادته ووحدته وثباته وصموده،حول سجادته وصلاته الى سلاح مقاومة شعبية،أقوى من أساطيل وطائرات وجيوش امة باكملها،لم تصمد جيوشها في وجه الإحتلال الإسرائيلي،عام 1967 أكثر من ستة أيام.
نعم المقدسيون في القدس وفي معركة كسر الحصار عن الأقصى،وصد وإفشال العدوان الصهيوني عليه،حققوا نصراً كبيراً يبنى عليه في معركة طويلة ومستمرة مع المحتل،تراكم لنصر وإنجاز اعظم،من شانه ان يدفع نحو إنكفاء المحتل عن أرضنا الفلسطينية المحتلة،إذا ما احسنا إدارة الصراع والمعركة معه،بقرار موحد وقيادة موحدة وهدف موحد واستراتيجية موحدة،هو نصر يحدث تراكمات وتعديلات متدرجة في ميزان القوى،يجب ان نبني عليها للوصول الى الهدف النهائي بكنس الإحتلال وزواله وتحرير الأقصى والقدس،وما تحقق من نصر كبير،حققه المقدسيون بفعل وحدتهم وصمودهم وثباتهم وإراداتهم وقدرتهم على التحشييد الشعبي والجماهيري والإستمرارية والثبات والصمود في المواجهة،اما المرتجفون والمرتعشون من الحكام العرب فهم كانوا جزء من حلف يريد إفشال وإجهاض التحرك الشعبي ولم يكونوا لا في قلب الحدث ولا في صناعته،بل تحول معظم القادة العرب الى وسطاء أذلاء مع نتنياهو يستجدونه الحلول،وقد سقط القادة العرب ومعهم القادة المسلمين كما سقطت معهم جامعتهم العربية ومنظماتهم الإسلامية المشكلة باسم القدس امام عظمة وصمود اطفال القدس وحرائرها،ولقد كان فعل سجادة صلاة المقدسيون وشعبنا في الداخل الفلسطيني- 48 - أقوى بكثير من فعل طائراتهم ودباباتهم التي ندرك جيداً بأن صواريخها ومدافعها قبلتها ووجهتها ليست القدس ولا الأقصى،فالقدس والأقصى خارج تغطيتها،وفقط تستغل منهم للتجارة والمزايدات والعنتريات ولازمة الشجب والإستنكار الممجوجة والإسطوانة المشروخة حول دعم القدس والأقصى.
لا إتصالاتكم ولا لقاءاتكم مع نتنياهو والإدارة الأمريكية هي من صنعت هذا النصر الذي سيجعل المحتل يعيد حساباته ألف مرة في صراعه مع شعبنا الفلسطيني،نصرٌ صنعته سواعد وقبضات رجال كانوا في الميدان،يقارعون المحتل في كل زقة وشارع وحي،يطاردون جنوده ورجال شرطته المربكين الخائفين المرتجفين الملتفتين للخلف في كل تحركاتهم،والواضعين أيديهم على زناد أسلحتهم الجاهزة للقتل،حيث أضحى المقدسي الأعزل إلا من الإرادة بمثابة كابوس لهم.
التخبط والإرباك لم يكن فقط من نصيب جيش الإحتلال،بل قيادته في كل مستوياتها كانت متخبطة ومربكة ومتفاجئة من حجم رد فعل المقدسيين وقدرتهم العالية على الصمود والثبات والتنظيم،رغم غياب الحوامل السياسية والروافع التنظيمية،سيل بشري يزحف نحو الأقصى،يشارك فيه شعب باكمله بكل مكوناته ومركباته وأعماره،من اطفال بسن الورود الى شيوخ وكهول تجاوزوا السبعينات والثمانينات من اعمارهم،والحشد الشعبي في ازقة وشوارع القدس يوحي بأن يوماً يشبه يوم القيامه قد حصل،حيث الناس يخرجون وينفرون من كل زقة وشارع وحارة،والنفير تجد من يقوم على رعايته رغم حجمه الكبير واعداه الضخمة،حيث سجل المجتمع المقدسي وضرب أروع صور التلاحم والتضامن والتكاتف والتعاضد،فهناك من يقدم ويوزع الأكل والماء والفواكه والعصائر وحتى الحلويات على الجموع المحتشدة على مدار الساعة،وكأنهم يقولون لكل العرب والمسلمين،سقطتم في إمتحان الإرادة وملاحم البطولة،كذلك سقطتم في دعم والإسناد وحتى في الكلمة الطيبة،ولغتكم وخطاباتكم سادها التلعثم والإرباك،ولم ترتقوا الى مستوى الحدث والجريمة بحق الأقصى،وقادتكم الذي تداعوا لعقد اكثر من قمة وعلى عجل عندما كان الأمر يتعلق بتدمير البلدان العربية وإحتلالها، مسرى الرسول محمد (صلعم) وقبلتكم الأولى لم تحرك فيكم ساكناً او تستثير نخوة فيكم،صرخات نساء وحرائر القدس اللواتي تعرضن ويتعرضن لقمع وحشي همجي من قبل أعتى قوة عسكرية في المنطقة،ثبت كما قال سماحة السيد حسن نصرالله " انها أوهن من بيت العنكبوت"،حيث تتراجع امام اطفال القدس ونساءها،في حين لا تهاب لا جيوشكم ولا أسلحتكم،التي تدفعون ثمنها بالمليارات.
أنتم كنتم قلقون اكثر من نتنياهو وأركان حكومته،بأن ينفرط عقد تحالفكم وإصطفافكم خلف " إمامة " ترامب لكم،الذي صور لكم بان حماية عروشكم المتهالكة وإستمرار سيطرتكم على شعوبكم،لن تتحقق إلا بشرعنة وعلنية علاقاتكم التطبيعية مع دولة الإحتلال،وبأن صراعكم ليس مع اسرائيل،واسرائيل ليست عدوكم الرئيسي في المنطقة،فإسرائيل دولة " مسالمة" لا تملك اعتى ترسانة سلاح في المنطقة ولا تحتل أرضكم ولا تغتصب مقدساتكم،بل هي ايران " المجوسية " الرافضية" و حلفها الممتد من طهران حتى صنعاء..
كل حشود جيش الإحتلال المدججين بالسلاح وكل وسائل القمع والتنكيل،لم تنجح في منع المقدسيين،من الدخول الى أقصاهم،وإقتحام باب حطة المغلق الذي منع المحتل إعادة فتحه،ليكون الإقتحام وليكون الدخول والصلاة في الأقصى ورفع العلم الفلسطيني على أسواره،في رسالة واضحة للمحتل،بان الأقصى لن يكون غير فلسطيني عربي إسلامي،تلك هي حقائق التاريخ والواقع،مهما حاول المحتل أن يزورها او يطمسها.
هذا النصر المقدسي بإمتياز،يجب ان يكون فاتحة خير ومقدمة لإنتصارات وإنجازات اكبر في سياق معركة وإشتباك مستمرين مع المحتل،فكل عوامل الصراع ما زالت قائمة وموجودة،والمحتل يمعن في قمعه وتنكيله،ولذلك علينا جميعاً كفلسطينيين في القيادة والقوى والأحزاب والمؤسسات والفعاليات الشعبية والمجتمعية،ان نعمل على تحويل هذا الإشتباك الشعبي الى مشروع سياسي،يتجاوز اوسلو والإنقسام،بما يوحد و"يصهر" طاقات الجميع في بوتقة ومجرى واحد،دون ان نغفل ان التوحيد وإستعادة الوحدة وإنهاء الإنقسام،على قاعدة برنامج سياسي متوافق عليه،يجب ان يكون للداخل الفلسطيني- 48 – مساحة كبيرة منه في المعادلة والمعركة مع المحتل،فالبقدر الذي يستهدف فيه شعبنا ومشروعنا الوطني في القدس والضفة والقطاع،يستهدف أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني،فها هي مشاريع سلخ المثلث ووادي عارة يجري طرحها مجدداً من قبل الإحتلال،تطهير عرقي بحق شعبنا في الداخل الفلسطيني،مقابل ضم الكتل الإستيطانية الكبرى في الضفة الغربية لدولة الإحتلال.
المعركة طويلة ومستمرة مع المحتل حول الأقصى والقدس،وتحتاج الى إرادة وثبات ووحدة والى دعم وإسناد من قبل القيادة الرسمية يرتقى الى مستوى العدوان والمعركة والحرب الدائرة على القدس والأقصى،فلا إنتصار بدون وحدة،وبدون إمتلاك الإرادة والقرار،وحدة الحلقة المقدسية بكل مكوناتها ومركباتها،يجب ان تكون الدرس والعبرة،لمن يتنازعون على المصالح الفئوية والحزبية وسلطة منزوعة الدسم،فهل تلتقط القيادات هذه الفرصة التاريخية،ام ستسقط في الإمتحان وترسب فيه بإمتياز..؟؟.