انها أكثر المجموعات السياسية مبغوضة في المانيا. يحتقرها كل من نشطاء التيارات اليمينية واليسارية، المسلمون يخافون منها والجالية اليهودية لا تفهمها، أعضاء "JewGida" يقفون وحدهم، معتبرين أنفسهم خط الدفاع الأول ضد الأسلمة-وتطرف معارضيهم. "دافعنا الحقيقي هو حماية الحياة اليهودية في ألمانيا"، يشدد أعضاء خلية "بيغيدا اليهودية"، بالرغم من وصفهم بأنهم عنصريون وحتى يهود-نازيين. "العكس هو صحيح -نحن الحراس ضد النازيين، على حساب سلامتنا".
بدأت المجموعة نشاطاتها العام المنصرم كمجموعة على موقع فيسبوك، مع هدف معلن لمعارضة كل من اللاسامية والأسلمة، اللذين "يسيران جنبا الى جنب"، وفق وصف المجموعة. "هناك موجة جديدة من معاداة السامية في ألمانيا وهي بمعظم أجزاءها مستوردة، وتحديدا من قبل المهاجرين المسلمين"، أوضح أحد الأعضاء الأكثر نشاطا، ألماني من أصول يهودية، والذي عرف عن نفسه بإسم مايكل، خشية على سلامته. مايكل سمع عن المجموعة من صديق له وأصبح يشارك في المظاهرات الاسبوعية لفرع بيغيدا في برلين، "بيرغيدا".
تضم مجموعة "جوغيدا" الآن 150 ناشط من كافة أنحاء ألمانيا، بينهم مؤيدون لإسرائيل غير يهود، لكن القليل منهم ينشطون خارج المجال الافتراضي. هذه الحفنة من الناشطين تشارك بفعاليات مختلفة، من تسليم مذكرات تقول "لا تقتل" في المناطق التي تقطنها أغلبية مسلمة، وحتى رعاية النصب التذكاري لشاب إسرائيلي قتل في برلين مطلع شهر نيسان، والذي يتم تخريبه بانتظام.
"نحن لسنا ضد المسلمين أو حقوقهم"، أكد مايكل. "نحن فقط لا نريد للإسلام أن يصبح جزءا من أنظمتنا القضائية والاجتماعية. المسلمون هم الأقلية الوحيدة التي تطالب بحقوق أكثر وأكثر، لكن لأن صوتهم هو الأعلى، هذا لا يعني بأنه يسمح لهم أن يضايقوا الآخرين بمعتقداتهم. لديهم الحرية بأن يمارسوا ديانتهم في المنزل، لكن لا يمكنك ان تنتقل للعيش في دولة أخرى وتتوقع من هذا المجتمع أن يتكيف معك. كمية التنازلات التي قدمت لهم حتى الان مخيفة".
"نحن لا نخاف من الاسلام" أكد سام انايات-تشيستي، ناشط رئيسي آخر. " الخوف من الاسلام هو خوف غير عقلاني، لكني لست خائفاً –انا قلق، وما يقلقني هو الرغبة المعلنة للمسلم بأن يحتل، إما عن طريق السيف -الذي لن يجدي نفعا في أوروبا-أو عن طريق كسب القلوب والعقول. لذلك يقومون بخداع الأوروبيين عن قصد وتضليلهم عن أجندتهم الخفية، حسب تقييمهم. نحن نريد تحرير ألمانيا من سياسات الاسترضاء تجاه الإسلام".
سام، ناشط أمريكي يهودي يبلغ من العمر 60 عاما يعيش في المانيا منذ 26 عاما، أُلهم للانضمام للمجموعة بعد خطاب للناشط الإسرائيلي روتم أفيطوف، خلال مظاهرة لبيغيدا في فرانكفورت في كانون الثاني. أفيطوف، الذي تعرض لاحقا لانتقادات شديدة في إسرائيل لـ"عفوه عن الالمان"، دعا مستمعيه لحماية بلدهم من الإسلام. سام، الذي يعتبر افيطوف كرائده، يؤمن أن مظهره-وعمل جوغيدا-لديه القدرة على أن يكون فعال جداً. "يمكن لليهود أن يقولوا أمورا لا يستطيع الألمان قولها. في حال قال ألماني هذه الأمور، سيوصف بالنازي. لكن إذا قالها يهودي – الناس قد تصغي له".
هذه الحقيقة أيضا لم تسلم من انتباه النشطاء الأكثر تطرفها في حركة بيغيدا، وتركت العديد من أعضاء جوغيدا يخشون من إمكانية استغلالهم لمصلحة أجندة اليمين المتطرف. "على الرغم من أن النازيين الحقيقيين يفضلون عدم تواجدنا هنا، هناك نازيين معتدلين الذين يريدون استغلالنا ويقولون "نحن لسنا متطرفين، حتى أنه لدينا يهود معنا، وهذا مثير للاشمئزاز"، أكد مايكل. "لا أريد أن أكون اداة بأيديهم. بعضهم حاولوا التسلل إلى المجموعة، ولكن نحن دائما قادرين على اكتشافهم".
سام، من جانبه، لا يرى أن هذه الطريقة هي بالضرورة سلبية-فهذا يعتمد على الأجندة المطروحة. "أنا أستطيع ان أحول نفسي لأداة واستغل هويتي اليهودية لإيصال رسالتي، ولكن هذا اختياري". حتى الآن شارك في جميع مظاهرات بيغيدا معتمراً قلنسوة واضحة، قلادة مرئية لنجمة داوود، بلوزة ضد الشريعة وبرفقة أصدقاء حملوا العلم الإسرائيلي. "أحظى بنظرات غريبة لكن لا اهتم"، مضيفاً "لا تريد أن ترى يهوديا؟ انا موجود هنا، تغلب على الأمر".
لكن حتى أنه يعترف أنها معركة عقيمة. "تطرف برغيدا بدأ يحدث، النازيون نجحوا بالدخول وسيستولون على الأمور في نهاية المطاف"، نوه سام. "رؤساء اللجنة المنظمة لـ"بيرغدا" حضروا عدة مناسبات لـ NPD(حزب الشعب الديموقراطي) وهم سعداء تماما بأن يكونوا وسط نازيين، لكن هناك بعض الاشخاص الذين لا يزالون يحاولون التصدي لذلك ونحن سنقف الى جانبهم لطالما ما بوسعنا".
اخرون ليسوا مصممين بنفس الدرجة. أقسم مايكل أن يبقى بعيدا عن مظاهرات بيرغيدا بعد رؤيته لمسؤول في حزب اليمين المتطرف NPD خلال إحدى التظاهرات. "لربما الانضمام لمظاهرات "بيغندا" كان خطأً بالأساس"، قال برؤية الى الماضي. "كان من السخف أن نعتقد بأننا قادرين على منعهم فقط بتواجدنا، ولكن لفترة من الوقت بدا وكأننا نجحنا بذلك-النازيون كانوا قد اختفوا أو بقوا هادئين. الآن ربما نقاد بيغيدا محقون".
مع ذلك، هو لايزال مقتنعا بصحة قضية بيغيدا."نحن الاغلبية. غالبية الناس يرغبون بطرح نفس الأسئلة التي نطرحها، لكنهم خائفون. لا يوجد مكان في المانيا للذين ليسوا يساريين أو يمين متطرف. كل شخص الذي لا يؤيد الإسلام بشكل كامل ويحب الهجرة، يعتبر نازياً. كيف يمكن مقارنة شخص عادي مسالم مع نازي فقط لأنه انتقادي؟ هنالك افراط باستعمال هذه الكلمة وهذا يؤدي الى تسخيف الضحايا".
وهو يعتقد أن المصطلح "يهودي-نازي" مؤذ بشكل خاص. "انا وآخرين في المجموعة، فقدنا أفراد من عائلاتنا في الهولوكوست، لذلك كيف لكم أن تدعونا بالنازيين؟ لم لنا ان نستثني أشخاصاً بعد ما حدث لأجدادنا؟" يتساءل مشيراً الى ردود الفعل التي يتلقونها. "لم أتوقع أي شيء من اليمين أو اليسار، لكني اعتقدت أنه على الاقل المجتمع اليهودي سيحاول أن يفهم دوافعنا، وهذا أكثر ما خاب أملى منه. نحن نحاول حمايتهم وندفع ثمنا باهظاً مقابل ذلك".
رسميا، المنظمات اليهودية في المانيا تعارض بيغيدا، خشية قيام أعضائها بالانقلاب على اليهود بمجرد أن ينتهوا من المسلمين. مايكل يتعامل مع هذا القلق بتفهم، في حين أن سام مشكك أكثر: "لا أعتقد أن فرص استهداف اليهود أصبحت أعلى الان بسبب بيغيدا. لكن بغض النظر عن ذلك، لم أتوقع دعم المسؤولين اليهود. انه لأمر مخجل كيف أن مجلس اليهود المركزي يحاول استرضاء المسلمين ويتملقون لهم. انا لا أظن انه يجب عليهم ان يقولوا "اقتلوهم جميعا"، ولكن مصاحبتهم ورفض رؤية الطبيعة الحقيقية للإسلام -هذا ليس حلالاً".