سربت حركة حماس لإحد الإعلاميين الفلسطينيين معلومة غير صحيحة، عنوانها أن "الرئيس عبد الفتاح السيسي قدم للرئيس ابو مازن في آخر زيارة للقاهرة مبادرة من ستة نقاط للمصالحة الوطنية". ووفق ما جاء في الخبر المنشور على صحيفة الحياة اللندنية، ان الرئيس عباس كلف اللواء ماجد فرج بالرد عليها، الذي عاد رئيس وحصرها بمحددات رئيس منظمة التحرير المعروفة، وهي حل اللجنة الإدارية، تحمل حكومة الوفاق مسؤولياتها في القطاع، الإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية والوطنية. وتابع الخبر، ان حركة حماس ردت فورا بالإيجاب عليها، وهي تنتظر جواب حركة فتح!
ورغم ان عزام الأحمد، المسؤول عن ملف المصالحة نفى وجود اي مبادرة، غير أن مصدر مسؤول في حركة حماس، أصر على وجود مبادرة. وقبل تفنيد موقف حركة الإنقلاب، تدعو الضرورة طرح أكثر من سؤال على حماس لسبر اغوار خلفيات ترويجها لبضاعة غير موجودة في سوق المصالحة. اولا لماذا سربت قيادة الإنقلاب موضوع المبادرة المصرية الآن؟ وهل مصر بحاجة لطرح مبادرة جديدة غير ورقة المصالحة، التي طرحتها في العام 2009، وتبنتها حركة فتح والرئاسة الفلسطينية فورا، وتأخرت حركة حماس عامين حتى وافقت عليها؟ ولماذا أكد المصدر الحمساوي المسؤول على موافقة حركته عليها؟ هل اراد إيهام الشارع الفلسطيني بقبول الإنقلابيين لمبادرة جديدة، ردا على قبول فتح القديم لورقة المصالحة المصرية، وبالتالي اراد التحريض على الرئيس ابو مازن وحركة فتح مجددا؟ ام اراد إلهاء الشارع الفلسطيني عموما والغزي خصوصا بمبادرة جديدة، للتغطية على مفاعيل هبة القدس الإيجابية؟ ام ان حركة حماس ترتب للقيام بعمل يتناقض مع المصالح الوطنية؟ وهل تريد ان تشوش على التحضيرات لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني؟
وفقا لمصادر عليمة شاركت في اجتماع الرئيسين عباس والسيسي، فإن رئيس الشعب الفلسطيني عرض مبادرته المعروفة بالنقاط الثلاثة المذكورة أعلاه، كما شرح إجراءاته ضد حركة الإنقلاب الحمساوية، وأبدى الرئيس المصري تفهمه لمواقف ضيفه الفلسطيني. وبالتالي لم يطرح المشير السيسي أية مبادرات جديدة. لا سيما وان لجمهورية مصر ورقة للمصالحة الفلسطينية الفلسطينية. وهي ليست بحاجة لإوراق ولا لمبادرات جديدة تطرحها. والتنسيق قائم بينها وبين القيادة الفلسطينية على قدم وساق، وايضا علاقات جهاز المخابرات المصرية مع قيادة حركة حماس قائمة ومفتوحة. وإستنادا لمصادر مصرية مطلعة، مواقف مصر حتى الآن لم تتغير بشأن المصالحة الفلسطينية، وأكدت لحركة حماس تمسكها بالورقة المصرية المطروحة منذ 2009. إذا لماذا تطرح حركة حماس فيلمها الهندي الجديد؟
حسب القراءة الموضوعية لخلفيات الإنقلابيين، يمكن إفتراض الأسباب التالية: اولا في ظل غيابها، وتلاشي دورها عما جرى في مدينة القدس ما بين 14 و28 تموز الماضي، تسعى قيادة الإنقلاب لإثارة موضوع المصالحة، الذي بات ممجوجا أكثر من أي وقت مضى لكثرة ما أثير النقاش بشأنه، لإعتقادها ان إثارة الموضوع يحمل في طياته تحريضا على الرئيس ابو مازن وحركة فتح؛ ثانيا لتعميق حملة التحريض طعمت خبرها المسرب للحياة اللندنية، بأنها "وافقت" على المبادرة فورا، ولكن الرئيس محمود عباس وفتح، حتى الآن لم تجب. ليس هذا فحسب، بل ان رئيس منظمة التحرير كلف رئيس جهاز مخابراته بالرد على مبادرة الرئيس المصري، وكأن لسان حال حماس يقول، ان ابو مازن رفض مبادرة السيسي، وذلك إمعانا في التحريض؛ ثالثا لدس اسفين جديد بين القيادتين الفلسطينية والمصرية. مع ان القيادتين لا تنطلي عليها الآعيب وتفاهات حركة حماس؛ رابعا ايضا مع تناهي خبر حرص اللجنة التنفيذية للمنظمة على عقد دورة جديدة للمجلس الوطني، ارادت ان ترمي أمام القوى الفلسطينية طعما فاسدا لوضع العصي في دواليب الدورة الجديدة، حيث تعتقد ان فصائل المنظمة، ستطالب قيادة حركة فتح والرئيس عباس "إعطاء" فرصة ل"لمبادرة" المصرية قبل عقد الدورة الجديدة؛ خامسا يبدو ان حركة حماس تنوي الإقدام على خطوة تعميقية للإنقسام والإنقلاب، وحتى تغطي على جريمتها الجديدة، سربت ما سربت من خبر عار عن الصحة. وقد تكون هناك اسباب اخرى.
في كل الأحوال لا يملك المرء، إلآ ان يتمنى إسوة بكل الوطنيين طي صفحة الإنقلاب الأسود، وفتح أفق للمصالحة والوحدة الوطنية بأسرع ما يمكن. رغم القناعة الراسخة بأن حماس ليست معنية نهائيا بالمصالحة، حتى لو أضاءت اصابعها بالشمع، لإنها تكذب، كما تتنفس في هذا المضمار.