احتوى كتاب (فن التراسل قديما وحديثا) لمؤلفيه المغربيين عبد القادر بنعبدالله وعبد الحميد اسقال، على قراءة جديدة تبحث في موروث هذا النوع من الكتابة التي غدت فنا ابداعيا ادبيا يحظى باهتمام الدارسين والمؤرخين.
يلقي الكتاب الصادر حديثا عن منشورات كتاب المجلة العربية بالرياض، نظرات على هذا الكم الوفير من فن التراسل في الأدب العربي، والاطلاع على البعض منه، حيث يجعل المرء مشدوها أمام هذا التراث العظيم، مما يفرض ضرورة العودة الى ادراج هذا اللون من الأدب في مقررات الكتب الدراسية الأدبية والعلمية في المدارس والجامعات، وغير ذلك سيكون اجحافا وظلما لهذا الموروث الخصب.
يرجع الكتاب الأسباب التي جعلت هذا الفن العربي يتوارى وينحصر نوعه في دوائر ودواوين الدول المعاصرة، الى طغيان فنون أدبية أخرى استاثرت باهتمام القراء منها: المسرحية والسيرة الذاتية والقصة بأنواعها، في وقت ظل فيه أدب الترسل محدودا، الا في القليل النادر من المناسبات الخاصة.
توزعت فصول الكتاب على جملة من العناوين مثل: التراسل والانتربولوجة الادبية.
ويعرض الكتاب الترسّل في العصر الجاهلي وفي صدر الاسلام والعصر الراشدي والعباسي والايوبي، وفي حقبة الأندلس وعهد العثمانيين، وصولا الى نهاية القرن الفائت ، مبينا فيها قراءة في تاريخ وخصائص ومزايا هذا النوع من الكتابة، ومتوقفا على نصوص من الترسّل في العهد النبوي ونماذج من تراسل الخليفة عمر بن الخطاب وعلي بن ابي طالب، والقاسم المشترك بين رسائل الخلفاء الراشدين.
وعن تطور فن الترسّل في القرن العشرين، يعرض الكتاب أدب المذكرات واليوميات لدى كتابات أحمد أمين، وكتابات ميخائيل نعيمة، وعباس العقاد، ومي زيادة، وسوى ذلك من فنون كتابة الرسالة في الادب العربي حيث تحمل في طياتها الوانا من المكاشفة والبوح التي تثري القيمة الأدبية لما اشتملت عليه من اشارات وعلامات يستدل عليها المؤرخون والباحثون في قراءة أحوال تلك الحقبة، ومعاينة ما كانت تشهده من أحداث وتحولات جسام.