لو لم يكن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مهما وحيويا لما نال كل هذا الاهتمام من النقاش من الشركاء كافة، ودعوني أكن منحازا ولكن موضوعيا بنفس الوقت. أن هذا القطاع هو أكثر اهمية وحساسية لدى المستخدمين « المستهلك « المواطن أكثر من غيره لأنه على تماس لحظة بلحظة مع القطاع ويلمس ايجابياته وانتكاساته ويعيشها ولا يحكي له اخرون عنها.
عندما وقع الهجوم الالكتروني كان العبء الاكبر على المواطن الذي تعطلت مصالحه واعماله حتى الشباب اثناء العطلة الصيفية في المنازل تعطلوا لأن استخدام الانترنت ضرورة قصوى، تخيلوا من ارتبط بتعبئة طلب لجامعة عالمية الكترونيا، او طلب توظيف الكتروني وكان الموعد في زمان النكسة الالكترونية السبرانية، وبكل برود اعصاب يقال للمستهلك « بدل الراوتر» وبذات البرود يقال للمستهلك - افتح صفحة «ههههههه» مش في الدفتر على الحاسوب الخاص بك - ، السؤال الاهم الذي لم ينتبه له احد الا ائتلاف جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني التي اصدرت موقفا وتواصلت مع الجهات المسؤولة وقالت بوضوح : لن يبدل المستهلك على حسابه الراوتر، لن يتحمل المستهلك مسؤولية استباحة السوق واستيراد راوترات انتيكة، لم يعد مسموحا ان لا يتحمل مزوّدو الانرتنت مسؤوليتهم عن التحديثات للراوتر اولا باول للمشترك».
نقر ونعترف بأهمية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقد حفظنا درسنا عن ظهر قلب من خلال الاطلاع على تقارير طويلة عريضة، الا أن هذا ليس قيدا على المستهلك بحيث لا يحصل على اسعار عادلة، وخدمات ذات جودة، وأن تصل الخدمات الى المواطنين في اماكن تواجدهم كافة ضمن منطقة الامتياز، ان لا نستمتع بخدمات الجيل الثالث الذي تأخر وطال انتظاره، أن لا تطرح مفاهيم حقوق المستهلك في قطاع الاتصالات بقوة، أن تقر سياسة تناقل الارقام، أن تقر سياسة منع الرسائل الاقتحامية، أن تقر عمليا الغاء الخدمة التي تسجل للمستهلك عبر الهاتف ايضا عبر الهاتف دون اعباء مالية وأن لا نذهب صوب مركز الاتصالات وندفع رسوما لالغاء حدمة لم نطلبها في المركز اصلا.
وبالتأكيد لن نتوجه للشركات الإسرائيلية التي تقوم بمنافسة غير عادلة وتمتلك تقنيات تؤهلها لتقديم عروض اسعار منخفضة الا ان ابراجها في المستوطنات ويقود ادارتها ضباط احتلال سابقون في ادارة الاحتلال المدنية، ولن نروج للشركات الإسرائيلية، وهناك عروض سخية تقدم من هذه الشركات مع شرط اشكرونا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وترفض هذه العروض، الا أن افرادا للاسف يوجهون الشكر على قاعدة ظلم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات!! ونكتشف في النهاية انه مدفوع الاجر مسبقا.
التقيت بصفتي منسقا عاما لائتلاف جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات واستمعت لتفاصيل الجلسة الاولى، كانت تبريرية توضيحية الثانية والثالثة كانتا أكثر شفافية ووضوحا ووضعاً للنقاط على الحروف، وبقي انعكاس هذا الامر على المستهلك ماليا وهذا ما يريده المستهلك ونقطة وسطر جديد، لنا حقوق في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عنواننا الوزارة وهي نافذتنا لمجلس الوزراء. نريد قانونا عصريا للاتصالات يطور قانون 2009 خصوصا ان التطور في القطاع سريع جدا.
التقيت عدة مرات مع شركتي الاتصالات الخلوية الفلسطينية «جوال» والوطنية والاتصالات الفلسطينية على قاعدة ان الشركات مطالبة ان تسمع صوت المشترك ولا تبنى العلاقة رغما عن انف الشركات لأن الامور ليست كذلك. الفيصل هو القانون والمساءلة والشفافية والتعاطي مع مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل حقوق المستهلك، واستمعت لقضايا مفصلية تتعلق بالقطاع والتحديات والفرص والمستقبل وضخ استثمارات جديدة في الجيل الثالث ودخول الوطنية الى قطاع غزة ومعداتها والمنافسة القاتلة غير العادلة مع الاتصالات الإسرائيلية غير القانوينة في السوق الفلسطيني، في بعض الجوانب وجدت صدى خصوصا عندما يتعلق الامر بالعرض للمشترك الجديد وعدم شموليته للقديم، وصدى حول رسم الاشتراك واحقيته وهل من الممكن تحويله الى شكل من اشكال الخدمة والتمييز بين مشترك يستخدم الهاتف الثابت كهاتف وبين مشترك لا يستخدم الهاتف بل يستخدم خط النفاذ ونقطة وكلاهما ذات رسم الاشتراك رغم ان من يستخدم الهاتف يدفع رسوم مكالمات.
كانوا يقولون لنا ان القطاع المالي والمصرفي حساس جدا ولا يجوز التعاطي معه مثل البندورة والجزر، وكان الاصرار لدينا في ائتلاف جمعيات حماية المستهلك انه لا يوجد شئ مستحيل ولا يوجد لدينا اي قطيعة مع احد او تقليل لشأن أحد على أن لا يقلل من شأننا، فذهبنا شركاء في سياسة الاشتمال المالي لتيسير الوصول للخدمات والعدالة في القطاع المالي والمصرفي والتأميني والتأجير التمويلي والصرافة، وبقينا نلح ونعقد اجتماعا تلو اجتماع حتى بدأت العجلة تدور ليس كما نبتغي ولكن شيئا افضل من لا شيء، واخيرا نشرت سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال دراسة الاشتمال المالي التي اعدها معهد ماس كخطوة باتجاه استراتيجية الاشتمال المالي، ولم يعد مهما لنا ان نكون في هذا الفندق او المطعم لاختتام الجهد العام ولكن بصماتنا حاضرة بقوة.
جوهر الامر اننا نضع انفسنا مكانهم نتفهم التحديات والمعيقات والمنافسة غير العادلة وكنا اول الناس في مؤسسة الراصد الاقتصادي علم 2002 اول من فتح ملف منع الشرائع للاتصالات الإسرائيلية وكان الوضع اكثر تعقيدا الا اننا قرعنا جدران الخزان، واليوم نتواصل ولا نتراجع، الا أن اهمية وضرورة وحيوية قطاع الاتصالات يتطلب آلية جديدة للتعاطي مع المشتركين ليس منطقيا ان ننشغل يوميا بقضايا ضعيرة لا تحتاج الى قرار الرئيس التنفيذي ولا المدير العام ولا مدير التسويق بل اجراء روتيني وتتحول بقدرة قادر الى قضية ضغط وتاثير وشكوى ويحفل بريدنا الالكتروني بعشرات الشكاوى جميعها ليست بحاجة الى هذا الاخذ والرد وتحل بيسر في مركز الخدمات دون رمشة عين.
إن التأخر في تأسيس منظم مستقل لقطاع الاتصالات قد أثر بشكل سلبي على القطاع ، وحرم السوق من فرص استثمارية كبيرة التأخير في تشكل هيئة تنظيم قطاع الاتصالات يفقد القطاع إمكانيات هائلة للنهوض وفتح باب المنافسة الجدية والعادلة.
لا ارى في اي جهة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خصما ابديا يجب ان اهشم رأسه او يهشم رأسي أو انه فوق القانون ، بل نرى فيه ككل القطاعات ان كل المواضيع قابلة للنقاش، قابلة للضغط والتأثير، قابلة للوصول الى الخصومة الحقوقية، ولكني لا ارى في قطاع الاتصالات مجرد سلك وجهاز، بل اعرف انه يؤثر على قطاعات اخرى لا تستقيم الحياة بدونها، وهو قطاع حيوي نريد له ان يتطور على قاعدة المنافسة والتنظيم واسعار عادلة وتعامل عصري مع الشكاوى ولا يجوز ان يكون عبارة عن طلاسم وكأن المشترك المستهلك هو الوحيد الذي لا يعرف. نريد ان نرى الوزارة قادرة على لعب دور المنظم المؤقت لحين اطلاق هيئة تنظيم قطاع الاتصالات والتي قد تصبح بالممارسة مؤسسة مثل بقية المؤسسات ليس الا دون فعالية نتوقعها اليوم.
اعرف تماما ان هذا القطاع لا يسير على هواه من قبل الشركات او ان الوزارة غير ابهة به، ولكن هذا لا يهم المشترك بشئ بقدر حصوله على نتائج تنعكس عليه، ويجب ان توضح الامور بشكل دوري من خلال تعاميم ونشرات وتوضيحات تؤكد ان المشترك هو الاهم في القطاع.