01 حزيران 2015
كل من احتفل بفوز إسرائيل أو كرة القدم الإسرائيلية في أعقاب القرار الفلسطيني سحب طلب تعليق العضوية من الـ»فيفا» مخطئ في فهم الواقع. فاسرائيل، في أفضل الأحوال، انتزعت، يوم الجمعة، التعادل، او أسوأ من ذلك؛ سجّل الفلسطينيون فوزا حين كان الدوري يقترب من نهايته.
جبريل الرجوب، ولا يهم إذا اعتبر «إرهابيا» أو مقاتل حرية، بنى مدرسة لإسرائيل، وحصل على كل ما يريده تقريبا. فقد عرف بأن المشروع الفلسطيني لن يمر بالتصويت، ولكن حتى هكذا حقق انتصارا سياسيا كبيرا. فهو لم يضغط ويحشر كرة القدم الاسرائيلية فقط – وطريق إسرائيل بأسرها – حتى اللحظة الاخيرة، بل ان مطالبه، ليس فقط من حيث العبور الحر للرياضيين، ستعالجها لجنة تشكيلتها ستكون اغلب الظن مؤيدة للفلسطينيين. في كل الاحوال، فإنه اذا اعتقد العالم حتى الآن – أو الـ 209 أعضاء للـ»فيفا» – بأن هذه فقط ادعاءات تتعلق بقيود حركة رياضيين فإنه على وعي الآن بوجود مجموعة أولاد بيتار ارئيل.
في كل سيناريو، ما كانت لتُجمد اسرائيل من الـ»فيفا». وصرخات النجدة التي انطلقت من زيوريخ كانت مناورة. ما حصل هو أن أربعة من خمسة مطالب قدّمها الفلسطينيون ستفحصها لجنة. واذا لم يكن هذا تدويلا للنزاع، فليس واضحا ما هو التدويل. وسيقول المتشددون ان اسرائيل لم تنتزع التعادل بل خسرت، حتى وان كان بالتمديد او بالضربات الترجيحية.
المصافحة بين الرجوب وعيني والاحاديث عن ترك السياسة جانبا لم تكن سوى عرض عابث. فما الذي فعلتماه، إن لم يكن خلط الرياضة بالسياسة، السياسة بالرياضة؟
عيني، الذي يتبوأ منصبا اكبر منه، سيعود الى الديار كمنتصر رغم أنه لم يكن كذلك. غير أن عيني ليس هو المشكلة، وهو في كل الاحوال فعل افضل ما يستطيع. المشكلة هي السياسة الخارجية الاسرائيلية – تجاهل رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق امكانية المقاطعة الدولية. هذا ليس موضوعا ينبغي لاتحاد كرة القدم ان يعالجه، بل الدبلوماسيون، وكان هنا فشل ذريع وطويل.
من سيعود الى الديار كمنتصر حقيقي هو الرجوب. حتى لو لم يحلموا في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية بانتصار ساحق، وخاب أملهم قليلا من الحل الوسط، فإن من يملك عينين في رأسه يعرف أنه انتصر – فقد أنزل اسرائيل على ركبتيها، وحظي بدقائق من المجد الدولي، طرح على جدول الاعمال القضية الفلسطينية، وتسبب بتشكيل لجنة نتائجها لا يحمد عقباها. الرجل الذي أقاله عرفات في حينه، يشق طريقه الى القمة، وهذه إرادته. لاعب كرة القدم من غزة الذي لا يمكنه أن ينتقل الى الضفة الغربية يهمه أقل.
حتى بدون تصويت، فمجرد البحث يمس بإسرائيل. هذه المرة يبدو ظاهرا أن الامر لم ينتهِ بالمصيبة، اما في المرات القادمة فمن شأن هذا ان يكون في اتحادات الرياضة، في منظمات الثقافة، العلوم، الصحة، إن لم نقل الامم المتحدة نفسها – الامور قد تتدهور. الاتجاه الذي تسير فيه اسرائيل واحد: المقاطعات، العزل، القيود وما شابه. بدون تغيير في السياسة الخارجة، سنشتاق للتعادل المحشور الذي انتزعناه في زيوريخ.
عن «هآرتس»