إغلاق الجزيرة هو قتل لحامل الرسالة

thumbgen (7).jpg
حجم الخط

 

حتى بدأت قناة الجزيرة بالبث في العام 1996 لم يرى معظم العرب منذ ولادتهم إسرائيلي واحد على شاشة تلفاز والإعلام العربي كان ذو دعاية تقليدية - سردية تحكمها نظم استبدادية للسيطرة الكاملة على الرأي العام وعندما غيرت الجزيرة هذه الحالة  استطاعت الجزيرة أن تأتي بآراء أخرى ومتنوعة للعرب والإسرائيليين والأمريكيين وجميع المجتمع الدولي.

وقدمت الجزيرة بطريقة عرضت فيها الأخبار لملايين المتابعين في الشرق الأوسط شكلت هزة أرضية ومن المفارقات أن الأنظمة العربية نظرت لها على أنها أداة بيد "إسرائيل" بسبب استضافة إسرائيليين واسماع وجهة نظرهم.

وقد رأينا - ولا يزال أن المواطن الذي يعي ما يدور حوله يصبح هو المدخل لأحداث إصلاحات ديمقراطية ونحن لا نخشى أن نعرض وجهتي النظر في كل المواضيع حتى لو كانت اراء فيها تحدي ومقلقة او لجهات وأحزاب لأنها تبقى وجهة نظرهم وليس وجهة نظرنا وهي قائمة وموجودة في الشارع.

بسبب فتحنا المجال أمام اشخاص ومواضيع مختلفة ومثيرة للجدل واجهت صحافتنا المستقلة نقد كبير ولكننا قمنا بما قمنا به لأننا نؤمن بضرورة عرض كافة الآراء. 

اتهمنا بالتحريض علما أن المسؤولية الإعلامية تلزمنا بعرض الواقع الذي يحتوي على مواضيع مركبة ومعقدة مثل الحروب والصراعات ونحن لا نستطيع ان ننفصل عنها.

اليوم نحن محاصرون من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر كعقاب لنا لردع الأخرين بسبب بثنا لوجهات نظر لا تتناسب مع مصالح هذه الدول وكانت إحدى مطالب هذه الدول من قطر إغلاق الجزيرة وإذا ما نفذ هذا المطلب ستكون هذه خسارة كبيرة للصحافة المستقلة ولملاين المشاهدين في المنطقة الذين يشعرون أنهم عاجزين ومغيبين وسيكون هذا ثمن كبير تدفعه هذه الجماهير.

منذ نشأتها قدمت الجزيرة "لإسرائيل" قناة نادرة لعرض وجهة نظرها ورؤيتها أمام العالم العربي والإسلامي وإقامة حوار معها وحتى قيام الجزيرة كانت "إسرائيل" إحدى الدول المعزولة في الشرق الأوسط وها هي في هذه الأيام يهدد نتنياهو بإغلاقها ومعاقبتها وتغير القوانين لإسكات أصواتنا

في الواقع ليس غريبا أن الأنظمة في المنطقة تريد في إغلاق قناه الجزيرة ولكن لماذا تطمح "إسرائيل" لذلك؟ هل هي ذات نشاط ديمقراطي أقل في المنطقة؟ مؤامرة نتنياهو مع جيرانه تقريبا لا تدع مجالات للشك حول حقيقة الاعلام المستقل والحر  وبرغم الشعور بالأسف الا أن تسلسل الأحداث ليس غريب علينا لأن تمسكنا باستقلالية مهمتنا وعدم خوفنا من الصعوبات والمخاطر تتطلب ثمن باهظ ومراسلينا هددوا واعتقلوا وعذبوا وقتلوا ومكاتبنا فجرت وقصفت ومواقعنا الالكترونية اخترقت وأغلقت.

كنا أول شبكة في الشرق الأوسط التي أدخلت التحقيقات الصحفية وفازت بجوائز بما فيها جائزة ايمي ونحن كثيرا ما نركز على قضايا الفساد في العالم واعمالنا انقذت أناس ودول من تهم ونظريات مؤامرات نسبت اليها تهم بما فيها "إسرائيل".

العرب ينتقدون الجزيرة لأنها تدعم "إسرائيل" حسب وجهة نظرهم والإسرائيليين ينتقدونها لأنها تدعم العرب اتهمنا من الغرب بالإسلامية والإسلاميين اتهمونا أننا مع الغرب الحكومات ادعت اننا مع الثوار والثوار اتهمونا أننا مع الحكومات وهذا لأننا تصرفنا وفق المبادئ الصحفية واسمعنا كل وجهات النظر ووضعناها على طاولة واحدة ودعينا جمهورنا لأن يقرر بنفسه.

السعي وراء الحقيقة لا يحظى دائما بشعبية ولكنه ضروري وأساسي لأولئك الذين يقفون علي الحقيقة ولا يهمهم أي شيء ولا يرتابهم الخوف وإن جمهورنا في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم يثبت أنهم يريدون ان يكون لهم صوت ويريدون قناة الجزيرة لأنهم يريدون ان يسمعوا ويشاهدوا الحقيقة لأنهم يريدون ان يعرفوا ويريدوا ان يقرروا بأنفسهم يريدون الجزيرة لأنهم يريدون سماع الحقيقة

وقد يكون من السهل إسكات وسائل الاعلام الحرة والمستقلة على المدى القريب والقضاء عليها لتحقيق المنفعة السياسية ولكن علي المدى الطويل سيدفع الجميع ثمنا باهظا سيصبح العالم بدون آراء ووجات نظر وهذه خطوه عملاقة إلى الوراء وفي هذه الحالة ينبغي ألا يسمح الإسرائيليون لحكومتهم بقتل حامل الرسالة.

مدير قناة الجزيرة في القدس وليد العمري

عن هآرتس العبرية - ترجمة مؤمن مقداد