مفارقة غريبة انتابتني عند لقائي بعدد من قيادات حركة حماس في رام الله ، وبعد أيام ببعض قيادات حركة فتح في قطاع غزة ،، لا أدري عندما التقيت بكليهما اصابني شعور غريب لم أتوقعه دفعني دون إرادة مني أن اتعمق في العيون وفي نبرة الصوت وفي كيفية طرح القضايا ونمط التفكير ،، وفوجئت كم كان حجم التشابه في طبيعة التفكير ولكن كل طرف حسب طبيعة وضعه ومكانته ..
تعلمت في السابق أن للجغرافيا تأثير على صياغة التفكير ، القيادي الذي يعيش في منطقة متصالحه مع فكره وانتمائه يختلف عن طبيعة القيادي من نفس التنظيم والتفكير حين يعيش في منطقة متصادمة مع فكره وانتمائه ،، وعندما يتواجد القيادي في منطقة يشعر فيها انه هو الحاكم والمسيطر يختلف تفكيره عندما يكون ذات القيادي في منطقة يشعر أنه فيها محاسب أو مطارد أو مراقب ،، هذا كان واضحا تماما في الفرق بين طرفين كل طرف هو الحاكم في منطقة ومطارد أو غير مرغوب فيه في منطقة أخرى ..
القيادي الفتحاوي في الضفة الغربية عندما تجلس معه تشعر بأنه لازال يعيش ماضي وتاريخ حركة فتح التي قادت ولازالت تقود المشروع الوطني ولازلت تجد في عيونه نبرة الانتصار والقوة والقدرة على قيادة الشعب ، ولازالت جوارحه منسجمة مع تاريخه الطويل الذي يفخر به ،، بينما حين تجلس مع القيادي الفتحاوي في قطاع غزة فتشعر بأنك أمام قائد كسرته الأحداث ولا يستطيع الحديث إلا بصعوبة بالغة عن تاريخ حركته الطويل لأن الواقع الذي يعيشه لم يعود عليه ولم يتوقعه ابدا ، فهو لا يستطيع أن يعيش ذات الشعور القديم لانه اسير واقع معقد ، المطلوب منه أن يتجاوز واقعه ولو في الخيال فلا يستطيع لأن حجم المشاكل والتساؤلات التي يجب عليه الإجابه عليها والتي تحيط به من كل جوانب الحياة ليس لديه الإجابة عنها ،، حركة فتح في قطاع غزة كانت هي المنبع وكانت بداية الثورة وهي التاريخ الممتد لعقود من الزمان من القوة والهيمنة والقيادة ولكنها اليوم لا تستطيع القيام باحتفال او عقد لقاء إلا بأخذ موافقة من الطرف الحاكم في قطاع غزة وهي حركة حماس – الخصم القديم لحركة فتح - ،،
والصورة ذاتها معكوسة عند اللقاء مع قيادة حركة حماس في قطاع غزة فهو يشعر بالنصر واقتراب المعركة الفاصلة للنصر العظيم وتجد في عينيه الشعور بالقوة والتحدي ، والكل الوطني في قطاع غزة يلتقي مع حماس بحكمها القوة الأكبر الحاكمة ويحرص الكل عدم الصدام معها او تجاوز لغة الخلاف الحد المتفق عليه دون التصريح به ،،، أما قيادة الحركة في الضفة الغربية فالصورة مختلفة تماما هناك القائد الحمساوي حريص أن لا يتجاوز الحدود المسموح له فيها بالتحرك وهو يحاول أن يميز نفسه عن حالة الانقسام بطريقة ذكية تحفظ وحدة الحركة شكلا وينجو من دفع فاتورة الانقسام موضوعا ، هو مراقب ومتابع من اكثر من جهة أمنية ومطلوب منه دائما أن يكون متزنا وعاقلا في مواقفه حتى لا يحاسبه أحد وكل حراك لهم هناك محسوب ..
صورة نمطية شعرت بها ووجدت لزاما أن أعرضها لنعلم أن وحدة الشعب الفلسطيني في خطر ، وبدأت التربية الفصائلية تأخذ منحى خطير ، وكأن التنظيم أصبح طائفة يعامل أبناؤه حسب انتمائه لطائفته اينما كان وكل طائفة تفرح لنجاح فريقها اينما تواجد ،،، صورة تحتاج الى تأمل بعمق .