في ظل ظروف دقيقة تأتي ذكرى استشهاد القائد " ابو علي مصطفى " الامين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعلينا في هذه الذكرى ان نستلهم دروس التضحية والإيثار من تجارب الشهداء ، واين نحن اليوم .
ابو علي مصطفى دافع عن الثورة والمقاومة لأنها تمثل وسيلة الشعوب المستعمرة، لا من أجل التحرر فقط، بل من أجل تحقيق الحرية والكرامة والعدالة والاجتماعية للشعب الفلسطيني ، فهو قضى عمره كله من أجل فلسطين.
فقد دافع الشهيد ابو علي مصطفى عن منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها أهم منجز فلسطيني، حيث يتم استهدافها هذه الأيام، مما يتطلب من الجميع وقفة جادة وصادقة للمراجعة ، اين وصلنا ، ولماذا استمرار الانقسام ، لأن الصراع مع الاحتلال يتطلب وضع كل طاقات الشعب الفلسطيني في مواجهة عدو يريد سرقة الأرض والتاريخ ومصادرة الماضي والحاضر ومنع الشعب الفلسطيني من التطلع نحو المستقبل.
نقف في الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد فارس من فوارس فلسطين ابو علي مصطفى الذي لخص معنى الانتماء الحقيقي لفلسطين وأغمض عينيه على رسم فلسطين, الوطن, المبدأ, الهوية, القضية، ورغم الحجم الهائل من الضغوطات كان شامخاً مرفوع الرأس ، فهو كان ضد المصالح والمراكز والامتيازات ، ورفض لاي مفاوضات لانه يعتبرها تضرب المصالح العليا الشعب الفلسطيني، وتدمر الأخضر واليابس وتتجاوز كل الخطوط والمحرمات.
مسيرة القائد الكبير أبو علي مصطفى ورفاقه القادة الشهداء العظام الرئيس الرمز ياسر عرفات والحكيم وابو العباس وسمير غوشه وابو عدنان قيسى وفتحي الشقاقي واحمد ياسين وعبد الرحمن احمد وطلعت يعقوب تستدعي من كافة الفصائل والقوى ان تقف امام ظروف هذه المرحلة، التي تعتبر بتناقضاتها وتعقيداتها الأكثر صعوبة وخطورة من عمر تاريخ ثورتنا وقضيتنا المعاصرة، من جراء استمرار حالة التصعيد والإرهاب المنظم التي تمارسه دولة الاحتلال الصهيوني بحق شعبنا وأمتنا ومقدراتنا المادية والمعنوية، على مسمع ومرأى من العالم الاجمع ودونما تحريك ساكن، وفي ظل انحياز امريكي مفضوح، اضافة الى استمرار حالة الانقسام الداخلي الذي لا زال ينهش من جسد شعبنا ويمزق وحدته، كما يضرب أسس أحد أهم عوامل قوته وصموده, إضافة الى ما يجري في مخيمات اللجوء والشتات من قبل القوى الظلامية التي تحاول تصفية حق العودة وفق اجندات معروفة , وهذا ما يُضاعف من حجم التحديات المنتصبة في طريق كفاح ومقاومة الشعب الفلسطيني .
اننا في ذكرى الشهيد القائد نرى الاهمية في ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني من اجل رسم رؤية سياسية تكون خطوة على طريق انجاز الاهداف الوطنية ، ومن اجل توحيد الصف الفلسطيني في وجه الاحتلال ومشاريعه ، والتمسك بخيار المقاومة في سبيل الحرية والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
ومن هذا الموقع نرى ضرورة انهاء الانقسام وتطبيق اليات اتفاق المصالحة والذهاب الى انتخابات رئاسية وتشريعية وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على ارضية شراكة وطنية ورسم الإستراتيجية السياسية الجادة القادرة على تقديم الإجابات الحقيقية على الأسئلة التي يطرحها الواقع خاصة بعد أن أثبتت التجربة العملية مدى خطورة غياب الإستراتيجية السياسية الوطنية الشاملة، وفشل كل المراهنات على الحلول الجزئية أو الانتقالية والمفاوضات الثنائية وما لحق ذلك أو النتائج المدمرة التي وصلنا إليها، لاننا نعتقد أن انجاز مهمة الوحدة الوطنية في هذه الأيام كاستحقاق وشرط ضروري ونحن على ابواب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة وتحقيق مطلبنا بانتزاع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية كدولة تحت الاحتلال وليست دولة مراقب ، مع استمرار العمل الدبلوماسي والسياسي و المقاومة بكل إشكالها ووسائلها خاصة بمواجهة الاحتلال العنصري حتى تحقيق الانتصار .
في ظل هذه الظروف نرى أبداع شابات وشباب فلسطين في صون الذاكرة الفلسطينية وتطويرها وحماية الهوية الوطنية بأبعادها الحضارية والتقدمية والإنسانية، واستمرارهم بالمقاومة الشعبية للاحتلال والاستيطان ودفاعهم عن الارض والانسان حيث يكتبون خارطة فلسطين بدمائهم ، كما يتصدون للمشروع الامريكي الصهيوني الذي يحاول مقايضة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس بدويلة منقوصة السيادة في غزة وتقاسم وظيفي في الضفة، ومقايضة الشرعية الدولية والقفز عن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
ختاما : العهد للشهيد القائد أبو علي مصطفى يتطلب الحفاظ على خط الشهداء وصون المبادئ التي مثّلت الإرادة الإيجابية الفاعلة في الحركة الوطنية الفلسطينية، كما تستدعي التمسك بأفكارهم ومواقفهم ، حيث تركوا لنا الكثير، تركوا إرثا فكريا وتجربة سياسية، وتركوا ما يساعدنا على متابعة المسيرة بقوة وثبات.