منذ العام 1981 وتعيش مصر حلم بناء مفاعل نووي، بعد أن اختيرت له منطقة الضبعة، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (على بعد 130 كيلومتراً شمال غرب القاهرة على ساحل البحر المتوسط)، قبل أن تجمد المشروع في أعقاب كارثة تشرنوبيل النووية عام 1986.
وجاءت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بشأن إتمام بلاده اتفاق بناء محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية، بمثابة إعلان رسمي طال انتظاره عن إطلاق الخطوات العملية لتنفيذ المشروع العملاق الذي داعب طموحات المصريين لعقود طويلة.
وفي العام 2006 أعلنت مصر مجدداً عن عزمها استئناف البرنامج، حيث طرحت مناقصة لبناء المفاعل النووي في طور الإعداد عندما تخلى الرئيس الأسبق حسني مبارك عن منصبه في فبراير 2011، إثر ثورة 25 يناير.
وأعاد السيسي للمصرين الحلم بقوله إنه في فبراير 2015، قد وقع مذكرة تفاهم مع روسيا بخصوص المشروع، مؤكداً على أهمية تنويع مصادر الطاقة.
أسباب اختيار الضبعة
ووفقاً للهيئة العامة للاستعلامات، التابعة للرئاسة المصرية، كانت الضبعة أفضل المواقع الـ23 التي اختارتها شركة (سوفراتوم) الفرنسية، في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، لإنشاء مفاعل نووي، و"أثنى خبراء بالوكالة الدولية للطاقة الذرية على هذا الاختيار".
وقالت الهيئة إن موقع الضبعة "قريب من المياه التي يمكن استخدامها لتبريد المحطات النووية، كما أنها أرض مستقرة وآمنة، بعيدة عن حزام الزلزال، مما يضمن عدم حدوث تسريب نووي"، بالإضافة إلى أنها تبعد "نحو 60 كيلومتراً عن أقرب التجمعات السكانية.
الاتفاق على المشروع
وزار الرئيس التنفيذي لشركة روساتوم الروسية المتخصصة في الطاقة النووية، المملوكة للدولة، سيرغي كيربينكو مصر، في أكتوبر 2015، لبحث مشروع إنشاء محطة الضبعة النووي.
وأوضح نائب رئيس روساتوم للعمليات الخارجية، أنطون موسكفين، حينها، أن شركته وصلت إلى المراحل النهائية من التفاوض على عقد لبناء محطة كهرباء نووية في مصر، على أن يتم توقيع الاتفاق بنهاية العام.
وقال موسكفين إن بناء أول مفاعل نووي مصري في منطقة الضبعة قد يكتمل بحلول 2022، إذا جرى توقيع العقد بنهاية 2015، مشيراً إلى أن العقد سيشمل قرضاً من روسيا لمصر.
وأعلن متحدث باسم روساتوم،وبعد هذه الزيارة بشهر، أن الحكومتين المصرية والروسية وقعتا اتفاقاً لبناء محطة للطاقة النووية في مصر.
المفاعلات الأربعة
وأذاع التلفزيون الرسمي المصري تفاصيل محددة، على لسان السيسي، قال فيها إن المشروع سيتضمن بناء محطة من "الجيل الثالث" تضم 4 مفاعلات، من خلال قرض ستحصل عليه مصر من روسيا سيسدد على 35 عاماً.
وقالت وكالة أسوشيتد برس، إن مصر ستتلقى 25 مليار دولار كقرض روسي، لتغطية 85 بالمائة من نفقات المحطة، بسعة 4800 ميغاوات.
في حين أضاف السيسي حينها أن "الموازنة العامة للدولة لن تتحمل أبداً تكاليف إقامة هذه المحطة، بل بالعكس سيتم السداد من الإنتاج الفعلي للكهرباء التي سيجري توليدها من هذه المحطة".
وأضاف السيسي: "أهنيء الشعب المصري بهذه الاتفاقية، وهذا كان حلماً طويلاً لمصر أن يكون لها برنامج نووي سلمي لإنتاج الطاقة الكهربائية، واليوم إن شاء الله نضع أول خطوة في تنفيذ هذا الحلم".
وبيّن السيسي أنه "تم إجراء دراسات متعمقة أثناء مرحلتي التنفيذ والتشغيل للاعتبارات البيئية واﻷمنية، تؤكد تحمل المحطة أي أخطار محتملة، حتى اصطدام طائرة وزنها 400 طن بسرعة 150 متر في الثانية".
وشدد على أن العرض الروسي كان الأفضل من الناحية الاقتصادية، لافتاً إلى أن "اﻻتفاق يتضمن برامج تدريب وتأهيل شباب وعلماء مصر في هذا المجال، حيث يشكل الجانب المصري 20 في المائة من العاملين في المحطة".
اتمام الاتفاق
وعاد الحديث إلى الواجهة بعد نحو عامين من الاتفاق الأولي مع روساتوم، بعدما استعرض السيسي في أغسطس الماضي، مع الرئيس الجديد لروساتوم أليكس ليخاتشوف، الموقف النهائي لعقود تنفيذ المشروع.
وذكرت وسائل إعلام روسية، الإثنين المنصرم، أن مصر أتمت الاتفاق لبناء محطة الطاقة النووية، وذلك بعد لقاء السيسي بنظيره الروسي فلاديمير بوتن في الصين، حيث يحضران قمة بريكس، مشيرةً إلى أن السيسي دعا بوتن للاحتفال بوضع حجر أساس البناء.
الجدير ذكره أن مصر تنفذ بالفعل مخططات لبناء محطات كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية، ومنشآت طاقة تعمل بالرياح، بقدرة إجمالية 4300 ميغاوات، تنفيذاً لتوجيه السيسي، الذي تولى السلطة في 2014، بضرورة تنويع مصادر الطاقة.
المصدر: سكاي نيوز