الصفوة، والجرب في إسرائيل!

توفيق أبو شومر.jpg
حجم الخط

سألني متابعٌ  نَشِطٌ للمجتمع الإسرائيلي عن سبب كره اليهود الشرقيين للفلسطينيين، وأن غير الشرقيين، (الإشكنازيم) هم أقلَّ كرها لنا، أو هكذا يَظهرون!
قلتُ: سؤالُكَ مهمٌ، وفق المنطق الجدلي، فبما أنَّ الشرقيين محتقرون من الإشكنازيم، أي يهود أوروبا، إذن، يجب أن يكونوا أقرب إلى الفلسطينيين، يشعرون بمعاناتهم على الأقل، فما بالُ الحاخام السفاردي الأكبر الراحل، عوفاديا يوسيف، العراقي النشأة، يصبحُ عدوا لدودا لنا؟!!
هذا الحاخام الذي افتنَّ في نحتِ مصطلحات العنصرية ضد الفلسطينيين، فهو قد نزع عنهم صفاتِ البشرية، شبَّههم  بالأفاعي، والصراصير.
إنَّ كتاب (توراة الملك) وهو أشد الكتب عنصرية في العالم، لأن به فتاوى إرهابية، أبرزها: إباحة قتل أطفال الفلسطينيين في الحروب، لأنهم حين يكبرون سيحاربون إسرائيل!! هذا الكتاب ألَّفَهُ الحاخام السفاردي، يتسحاق شابيرا، ومعه الحاخام، يوسيف إليتسور، بتشجيع من ابن الحاخام الأكبر، يعقوب، ابن عوفاديا يوسيف العام 2009م وهم يهودٌ شرقيون!
هذا التمهيد ضروريٌ للإجابة عن السؤال المطروح، لماذا يتحول اليهود الشرقيون إلى ألدِّ أعداء الفلسطينيين؟
يعود السبب إلى أنهم يودون إثبات ولائهم لإسرائيل أكثر من خصومهم ومُضَطهِديهم، الإشكنازيم، ممن أوصَوْا بن غوريون العام 1948 بشأن طائفة (القرَّائين)، وهم المؤمنون بالتوراة فقط من اليهود الشرقيين، قائلين:
(لا تُدخل جَرَبا إلى كَرم إسرائيل) فهم عند الإشكنازيم (كمرض الجَرَب).
قال مسؤولٌ رفيع آخرُ في الوكالة اليهودية في التاريخ نفسه: «خُذْ عشرة يهود شرقيين، وأعطني يهوديا أوروبيا واحدا، بدلا منهم»؟
هذه البغضاء نوع من المرض النفسي، فالسفارديم الشرقيون محتقرون في إسرائيل، إذن، يجب إيجاد فئة أكثر ضعفا، للتنفيس عن ضائقة القهر التي يعانونها؟
كتب الصحافي، كوبي نيف، مقالاً في صحيفة هآرتس، يوم 17-8-2017 يُحلل فيه ضائقة السفارديم، ومرضهم، في صورة تحليلٍ نفسي، اجتماعي، اقتصادي، أشار إلى النقاط الآتية:
كان اليهود السفارديم في بداية تأسيس إسرائيل في المرتبة الاجتماعية الثانية، والأخيرة، فقد كانت السيادة للإشكنازيم الشرقيين، ممن كانوا يقودون حزب ماباي، وهعفودا، ومبام، ثم الحزب الوطني الديني، المفدال.
ساد تقليدٌ في معظم الحكومات الإسرائيلية، وهو تعيين وزير سفاردي، شرقي، في الحكومة، يتسلّم منصبا ثانوياً للدعاية فقط، يتسلم وزارة البريد مثلا، أو الشؤون الاجتماعية، فالوزارات السيادية للإشكنازيم! كما استُخْدِمَ اليهودُ الشرقيون، خدما، وسائقين، وطهاة، وميكانيكيين في الجيش، ولم يحصلوا على رُتبٍ عسكرية رفيعة.
يضيف الصحافي كوبي نيف: عندما اشتعلتْ حرب 1967 حلَّ الفلسطينيون محل السفارديم، كخدمٍ في المهن الصغيرة، فارتفعتْ مكانةُ الشرقيين (السفارديم) اقتصاديا، واجتماعيا، صاروا مقاولين، وأصحاب شركات كبرى».
إذاً، على السفارديم أن يتمسكوا بهذا الواقع، عليهم ممارسة ساديتهم على الفلسطينيين، فبقاءُ الفلسطينيين مضطهدين ضمانة لبقائهم أسياداً، لذا فهم من أكبر المعارضين لحلِّ الدولتين، أو زوال الاحتلال!!
إليكم حكمة من سفر الأمثال في التوراة 21-24:
«تحتَ ثلاثٍ تضطربُ الأرضُ، وأربعةٍ، لا تستطيعُ احتمالها:
تحتَ عَبْدٍ إذا مَلَكَ، وأحمقٍ إذا شَبِعَ خُبزا، وشنيعَةٍ إذا تزوّجتْ، وأَمَةٍ إذا وَرِثَتْ سيِّدتَها».