ازمة الانقسام لم يدفع ثمنها الا ابناء غزة ،والحصار لم يأكل الا اهل غزة ، والبطالة لم يتأثر بها الا هؤلاء الخريجون والعمال ... اذا من اكتوى بالنار لا يحس بها جاره ... والهموم الوطنية لا يمكن ان تخلو من جانبها الانساني .... لا نتحدث بعاطفة وان كانت عاطفة الارتباط بالوطن وبالتاريخ والتراث ثقافة شعبنا الذي صمد في الداع عن هويته ووجوده على هذه الارض ، ولكن ما يحدث من متغيرات على الارض وفي طبيعة التفكير في ازمات غزة والازمات الوطنية هو نقطة البداية لتجاوز الماضي وانسلاخاته وخصوصيات كانت طفت على السطح في ذاك الوقت ، وما حملت من ثقافات وتعبئة لم يحصد منها اي طرف من الاطراف الا الخسارة وفي النهاية وليس الانتهاء كانت تلك الثقافات تحمل معها تدمير للسلم الاهلي وغياب متدرج زمنيا لاي منجز وطني لتحقيق الحلم الفلسطيني او جزء منه بناء عللى وجهة نظر من حمل الفكر وسياسة الواقعية اوصرباعات على نموذج اللون الواحد وبالتأكيد ان تلك الثقافة انتجت تفسخ للمجتمع الغزي ونرجسيات فصائلية لادارة شؤونة ، وهنا لا نريد في هذا المقال ان نحدد سوابية برنامج هذا الطرف او ذاك بالقدر الذي نستطيع ان نقول فيه ان كافة الاطراف وضروؤرة المرحلة والمرراحل اللاحقة كل منهما بحاجة للاخر ، وخاصة ان المتغيرات الاقليمية والرياح الامريكية القادمة لن نتأثر فقط بغبارها ، بل ستؤثر فلسطينيا على التعريف الشمولي للوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها .
ان لم يأتلف اهل غزة بحل ازماتهم لن تستطيع قوى اخرى حلها ، وما يحدث من لقاءات في القاهرة في اعتقادي لن يؤدي الى وحدة اندماجية مؤسساتية ثقافية امنية بين غزة والضفة فالقطار مضى بسرعة عشر سنوات من الانقسام ، تلك السنوات ارست منهجيات وبلرامج مختلفة في كلا من الضفة وغزة ، والمسارات السياسية والامنية في الضفة تختلف كليا عن مساراتها في غزة وما تحمل من برامج وثقافات . ولن نبتعد كثيرا عن المتغير الاقليمي وتطور العلاقات بين الانظمة العربية والاحتلال بما يتجاوز المبادرة العربية وحل الدولتين ، نتنياهو يصف العلاقة مع اللعرب بانها الاحسن منذ تاريخ وجود اسرائيل ، وفي نفس الوقت وفي اخر تصريحاته في تجمع للمستوطنيين يقول : ان يهودا والسامرة هي جزء من اراضي اسرائيل التاريخية وينطبق عليها كما ينطبق على ارض الجليل ، في هذه اللوحة ذات المشاهد التي لها مؤشرات لمستقبل الخطوط السياسية في الضفة ، يشارك قادة من الامن الوطني الفلسطيني ورجال اعمال وقادة من فتح في حفل وداع لقائد منطقة جنين للشؤون المدنية والارتباط ويقف هذا الوفد احتلراما للنشيد الوطني الاسرائيلي واحد المتحدثين من الوفد في هذه الاحتفالية يشيد بمواقف قائد تلك المنطقة العقيد سمير كيوف " جنين" ولم يتذكر الاجتياحات والاعتقالات وهدم البيوت والشهداء في مخيم جنين التي قام بها الجيش الاسرائيلي .
لم اخرج عن سياق عنوان المقال بل اردت ان اوضح ان ما يحدث في الضفة يدفع لتحديد خيارات غزة حمساويها بفتحاويها وبكل فصائلها ، فاضاعة مزيد من الوقت تحت التعلق بامر لن يحدث من وفاق مع سلطة رام الله التي هي ماضية في تنفيذ مشروع انفصال وبعكس ما يتم طرحه للراي العام فالاجراءات على الارض تختلف تماما مضافا اليها الاجراءات القاسية والتي ليس لها اي مفهوم ومهما كانت الذرائع والتي اتخذها عباس تجاه اهل غزة .
العلاقة بين دحلان وحماس علاقة استراتيجية :-
بناء على ما تقدم فان العلاقة وتفاهمات القاهرة بين النائب دحلان ورئيس حماس في غزة السنوار بنيت بمحطات استراتيجية وليست تكتيكية لكل منهما فالاجماع الوطني لن يحدث بدون تلك التفاهمات والشراكة التي بدأت محطاتها بفكفكة ازمات غزة واهمها المصالحة المجتمعية ولان السلم الاهلي واذابة رواسب الماضي هي اهم المعالجات للوصول الى المصالحة الوطنية والمضي قدما لتوحيد البرنامج والاليات لمواجهة ازمات المرحلة السياسية والامنية والاقتصادية .
بالأكيد ان اي يعمل يقفز عن المعتاد والمألف لمراحل سابقا سيجد معارضة وتحريض من هؤلاء الذين يعيشون في الماضي ولا تأخذهم احاسيسهم بضرورة مرحلة واستحقاقات شعب وبالتالي من يشكك في تلك التفاهمات هم هؤلاء واطراف اقليمية بنت نفوذها على حالة الانقسام الداخلي .
بالتأكيد ان النائب محمد دحلان وعضو الثوري سمير مشهراوي تحدثوا عن رؤية استراتيجية لتلك التفاهمات وكما اوضح الاخ السنوار في لقاءات متعددة بان اي حوار مع اي طرف اخر سواء فلسطيني او اقليمي لن يكون على حساب تلك التفاهمات ، البعض يتحدث عن خلافات داخل حماس وهذا امر طبيعي ويتحدثون عن حماس الضفة وحماس الخارج بانه تقف ضد التفاهمات وتفضل التوافق مع ابو مازن عن التفاهمات مع دحلان .... اولا حماس لها مؤسساتها المنضبطة التي تخضع لها ولم نرى احد من قياداتها يخرج على الفضائيات ويغني خارج سرب قراراتها ......اما ثانيا ليس حماس وحدها تفهم الواقع الاقليمي والسياسات الاقليمية وما هو قادم قد يفرض اوراق كثيرة على الفلسطينيين فالتيار الاصلاحي يفهم ذلك وكافة الفصائل ، فالغزل مع ابو مازن دفع شعبنا ثمنه الكثير من مستقبل ابنائة ومشروعه الوطني ، وغزة بكل قواها لن تقف مكتوفة الايدي فبناء الانسان في غزة من اهم الواجبات الوطنية والحفاظ على السلم الاهلي وازالة الاحقاد المجتمعية البينية هما الوسلة لخلق مجتمه وطني صحي تسوده ثقافة المشاركة ، واريد ان اذكر هنا ان غزة في اخر الخمسينات اسقطت مشروع الوطن البديل عندما اتحدت كل قواها الوطنية .