منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وتزايد الوضع تعقيداً والدعوات بضرورة بلورة مبادرات دولية لحل أزمة القطاع لا تنتهي، لتخرج هذه المرة من على لسان الرئيس الإسرائيلي "روبي ريفلين" والذي دعا أيضاً إلى إجراء حوار مع حماس يوصل لإعمار القطاع وهو موقف غير مسبوق حيال الحركة التي تعتبرها تل أبيب "منظمة إرهابية".
ووفقاً لصحيفة هآرتس العبرية قال ريفلين: "ليس لدي أي نفور من فكرة عقد مفاوضات مع أي شخص على استعداد للتفاوض حتى وإن كانت حماس ".
بعض المراقبين يرون أن هذا التصريح جاء مغايراً لموقف تل أبيب الرافض لإجراء اتصالات مباشرة مع حماس التي تصنفها كمنظمة "إرهابية" مثلما تصنفها أيضاً الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، ومع ذلك تفاوض الطرفان بعد الحرب الأخيرة على غزة الصيف الماضي بطريقة غير مباشرة عبر وساطة مصرية للتوصل إلى تفاهمات بملف التهدئة.
حركة حماس من جهتها منذ أن برز صيتها ودورها على الساحة وهي متمسكة بـ"برنامج المقاومة" وتؤكد على رفضها إجراء أي مفاوضات مباشرة مع تل أبيب.
المختص بالشأن الإسرائيلي حاتم أبو زايدة يعتبر أن هذه التصريحات التي تخرج مسؤول إسرائيلي محسوب على اليمين المتطرف ليست الوحيدة لاسيما مع وجود تصريحات مشابهه من المستوى العسكري والأمني الإسرائيلي التي تطالب بضرورة ايجاد هدنة أو حل ما في قطاع غزة للحيلولة دون وصول الأوضاع إلى الانفجار.
وهنا أكد على أن هذه التصريحات جادة وتدلل على أن تل أبيب تخشى وقوع انفجار وحرب جديدة مع المقاومة بغزة قد تؤدي إلى حالة من الفوضى والفلتان والتي ستضر بشكل كبير على الأمن الإسرائيلي.
وقال أبو زايدة: "كل التقارير الاستخبارية والتقييمات الغربية تشير إلى أن الوضع إذا استمر على ما هو عليه من استمرار الحصار واغلاق المعابر والبطء في الاعمار فالانفجار قادم لا محالة اتجاه إسرائيل والتي ترى أنه لابد من ايجاد حل معين لغزة".
ونشرت في الأسابيع الأخيرة تقارير كثيرة من قبل مختصين وأمنيين سابقين ومحللين علاوة على دعوات من جهات رسمية إسرائيلية كلها تشجع الحكومة الإسرائيلية على تقديم التسهيلات اللازمة لإعادة الإعمار بما يساعد على تنفيس الاحتقان ويبعد شبح المواجهة المقبلة.
ليس ذلك فحسب بل تحقق هذه التسهيلات المصالح الأمنية الإسرائيلية ذات العلاقة بالقطاع والمحصورة بالهدوء الأمني وإعفاء المجتمع الإسرائيلي من أعباء مواجهات عقيمة قد تندلع في أي وقت حال استمرار تفاقم الظروف الإنسانية في القطاع.
وهنا يرى أبو زايدة أن "الاحتلال بات يدرك خطورة استمرار الحال على ما هو عليه في القطاع" , ليقول:" أصبح إعمار غزة وتخفيف التوتر فيه يشكل مصلحة مشتركة لها ولحماس من خلال التوصل إلى اتفاق يشمل تهدئة طويلة الأمد وبشروط أمنية ترضى المقاومة ".
ووفقاً لبعض المراقبين، فإن تل أبيب لا تمانع بذل جهود ومطالبة المجتمع الدولي بالبحث عن قنوات الاتصال للحوار مع حماس للتوصل لاتفاق يمهد لتهدئة ترضى الطرفين خلال المرحلة المقبلة.
المحلل السياسي حسام الدجني يوضح أن هذه التصريحات تحمل رسالة ضمنية لحماس بأن تل أبيب من الممكن أن تفتح قنوات اتصال مباشرة أو غير مباشرة مع الحركة في سبيل التخفيف عن السكان بغزة.
وكما وأكد أنها تصريحات ايجابية من الممكن أن يبنى عليها من خلال وجود أطراف ووسطاء قد تتدخل لإبرام تهدئة شاملة بين تل أبيب والحركة، ليضيف:"إسرائيل ليست حريصة على غزة بقدر انها تخشى أن يكون هناك انفجار ليس بمقدورها تحمله في الوقت الراهن ".
وعلى ما يبدو حسب رؤية بعض المراقبين فإن تل أبيب بدأت تدرك هذا التهديد الواضح وباتت تفضل مصالحه على مصالح الأخرين ما يدفعها الى ابعاد أي ضغوطات تمارس عليها لإفشال التهدئة بل والعمل على استدراكها الوصول الى تفاهمات لإعادة الاعمار وتخفيف الاحتقان القائم بغزة.
وهنا أكد الجني أن تل أبيب معنية أكثر من أي طرف أخر باستقرار الوضع في غزة ما نجدها تسعى لالتقاط أي مبادرة تنشلها من وقوع أي مواجهة مقبلة مع المقاومة التي تؤكد جاهزيتها لخوض أي حرب.