مطالبة الدكتور صائب عريقات بالحقوق المتساوية للمسلمين والمسيحيين واليهود بديلاً عن حل الدولتين يمثل اعترافاً ضمنياً بفشل تجربة 24 عاماً من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وهذا ما اعترف به السيد محمود عباس علانية في خطابه الأخير في الأمم المتحدة، حين قال: تدمير خيار الدولتين سيضعنا أمام خيار الدولة الواحدة من النهر الى البحر بحقوق متساوية!!
خيار الدولة الواحدة لا ترضى عنه إسرائيل التي عملت على تدمير خيار الدولتين، ولإسرائيل القدرة والامكانية والنفوذ والتفويض لعدم طرح خيار الدولة الواحدة بشكل أكثر نجاعة من تدميرها الفعلي لخيار الدولتين، ولدى إسرائيل عشرات الخيارات لتجاوز هذا الطرح، وقد أعدت نفسها جيداً لمواجهة هذا الخيار، ولديها عشرات المقترحات؛ من ضمنها؛ الإعلان عن ضم مناطق (ج) لدولة إسرائيل، وترك مناطق (أ) تلتحق إدارياً بالأردن، وقد مهدت الأرض لذلك.
الشعب الفلسطيني يقف اليوم أمام واقع جديد، وحقائق قائمة على الأرض، تفرض عليه دعوة المجلس الوطني الفلسطيني للانعقاد فوراً، لا بهدف اعتماد البيان السياسي الذي عرضه الرئيس في الامم المتحدة، كما يطالب الدكتور صائب عريقات، وكما يطالب السيد جبريل الرجوب، وإنما بهدف اتخاذ القرار الوطني الذي يتجاوز الواقع الفلسطيني الممزق، ويراعي المتغيرات الإقليمية، ولا يغفل عن أماني وتطلعات الشعب الفلسطيني، وهذا يستوجب شرطين:
الشرط الأول: كما اعترفت القيادة الفلسطينية مشكورة بفشل حل الدولتين بعد تجربة 24 عاماً من المفاوضات العبثية، على القيادة الفلسطينية الاعتراف العلني بفشل التجربة التفاوضية ذاتها، بما لها وما عليها من آثام وأضرار وآثار مريرة؛ لما تزل عالقة في حلق القضية الفلسطينية.
الشرط الثاني: عدم طرح فكرة الانتخابات التشريعية والرئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة كخيار فلسطيني يحدد شكل القيادة المناسبة للمرحلة القادمة، وإنما طرح فكرة انتخابات المجلس الوطني حيث أمكن، والتوافق على بقية الأعضاء حين تتعذر الانتخابات، وذلك لأن القضية الفلسطينية لا تخص سكان غزة والضفة وحدهم، بل هي قضية ملايين اللاجئين والنازحين في المنافي، وعليه فإن المطلوب هو ترتيب البيت الفلسطيني من خلال إعادة الروح إلى منظمة التحرير الفلسطينية، ومجلسها الوطني، ذلك الجسم الناظم للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
إن قيادة منظمة التحرير بعد تصويب المسار السياسي هي الأقدر على تمثيل مصالح عموم الشعب الفلسطيني، وهذا ما يغيظ إسرائيل التي عمدت إلى التخلص من فلسطيني الشتات، حين رفعت من شأن السلطة الفلسطينية وصلاحياتها، وقصرت القضية على سكان غزة والضفة الغربية.
إن طرح فكرة الدولة الواحدة بديلاً عن حل الدولتين فيه دغدغة للأطماع الإسرائيلية، ويؤكد على قصر القضية الفلسطينية على فلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، من هنا يأتي دور كل القوى الوطنية الفلسطينية، وكل التنظيمات والكفاءات، وعموم الشعب الفلسطيني للتحرك ضد فكرة الدولة الواحدة، والعودة إلى الأصول التي انطلقت من أجلها منظمة التحرير الفلسطينية.