06 حزيران 2015
بدأت منطقة اللاذقية في شمال سورية تظهر كطهران صغيرة. السكان العلويون يغادرون، ويدخل الى الشقق ايرانيون وصلوا الى المنطقة مستغلين الاسعار الرخيصة من اجل السكن ومحاولة انقاذ شيء ما من الاستثمار الايراني الضخم في سورية.
تستعد ايران للمعركة الحاسمة على أملاكها في الشرق الاوسط. لن توجد بعد الآن حرب بين نظام الاسد وبين المتمردين. الاسد في أفضل الحالات هو عبارة عن دمية، ووظيفته الأساسية عدم تعويق الايرانيين الذين أخذوا زمام الامور في أيديهم، ويقومون بالفعل بمحاربة المتمردين في ما تبقى من سورية. في نهاية الاسبوع الماضي وصل الجنرال قاسم سليماني، قائد جيش القدس في الحرس الثوري الايراني، الى اللاذقية، من اجل اقامة ما يشبه خط مغينو – خط دفاع من اجل المعركة الاخيرة على الحياة أو الموت للطائفة العلوية. وقد أعلن، هذا الاسبوع، بأن لديه «مفاجأة ستغير الوضع»، وهذا نوع من التهديدات الفارغة التي تثبت أنه ليس لديه أي ورقة قوية وحقيقية.
في منطقة الشاطئ السوري، شمال اللاذقية وجنوبها، تقع مدينة طرطوس، وفوقها يوجد التركيز الاكبر في العالم للطائفة العلوية: أكثر من مليوني شخص. اذا نجح «جيش الفتح»، وهو ائتلاف المتمردين السني، في السيطرة عليها فذلك سيكون نهاية قصة سلالة الأسد. من ناحية سليماني سيكون هذا أشبه بستالنغراد. يتدفق الى الخط الذي يقيمه مقاتلو «حزب الله» ومقاتلون من منظمات مؤيدة لايران في سورية ومنظمات شيعية عراقية وافغانية، يحاولون معا تأجيل النهاية. حسب صحيفة «السفير» اللبنانية المقربة من «حزب الله»، فقد نجح الايرانيون في احضار 20 ألف مقاتل الى هذا الخط من جميع أرجاء الشرق الاوسط، وهم يدافعون عن كل مدينة وكل قطعة ارض.
يقف الايرانيون الآن أمام المفارقة – هل يستثمرون معظم جهودهم في منطقة الشاطئ السوري والابقاء على الميناءين الكبيرين، أم يُدخلون كتائب الحرس الثوري في محاولة لقمع الحرب الاهلية، حتى تعود سورية الى ما كانت عليه عشية الحرب. لقد قالوا في محطة «الجزيرة»، هذا الاسبوع، إنهم لم يتخذوا قرارا رسميا بعد، لكن 1500 من مقاتلي الحرس الثوري الايراني دخلوا الى القطاع السوري من اجل بدء التحضيرات. صحيح أنه ليس هناك طائرات أو قوات ايرانية في سورية، لكن الاسد لم يعد جزءاً من المعادلة، وما بقي من السلطة المحلية يُدار من قبل ضباط وخبراء في نظام آيات الله.
سلاح للمذابح
جيش الفتح، الذي يضم 8 منظمات سنية وتحارب الاسد وصلت الى مفترق طرق. بعد أن احتلت محافظة ادلب ومدينة غسق الشرود وأريحا، يجب عليها أن تقرر اذا كانت تريد الدخول الآن الى معركة الحسم أمام العلويين واحتلال اللاذقية، أم توجيه القوات لاحتلال مدن حلب وحمص وحماة، على أمل أن يؤدي ذلك الى الانهيار النهائي للنظام الحالي.
الدخول الى المنطقة العلوية سيقود الى المعركة الحاسمة الطويلة التي سيُسفك فيها الكثير من الدماء، آلاف بل عشرات آلاف القتلى. يدور الحديث ليس فقط عن الكراهية التي يحملها السنيون ضد العلويين بل ايضا الفوارق الدينية الشاسعة: ليس فقط اعتبار العلويين غير مسلمين، بل كونهم خانوا الاسلام وأدخلوا إليه عناصر من ديانات اخرى. مكانتهم أصعب من اليهود والمسيحيين، وليس غريبا أنهم في حالة فوضى لأنهم يعلمون أن النهاية قد اقتربت.
احتلال محافظة ادلب أدخل الى ائتلاف المتمردين دما جديدا في مجال القدرة العسكرية. توجد في المقاطعة بضعة معسكرات تواجد فيها الجيش السوري، حيث أصبح لدى المتمردين دبابات وسلاح ثقيل. ايضا لديهم صواريخ مضادة للطائرات من نوع «ZSU23 « التي تستخدم ليس فقط لاسقاط الطائرات والمروحيات بل ايضا القتل بوساطة الاطلاق في خط مباشر. هذه الصواريخ سلاح فعال لمن يريد القيام بمذبحة في منطقة مدنية.
بعد الانتهاء من ادلب سيتوجه المتمردون جنوبا من اجل الهدف النهائي وهو محاصرة دمشق من الشمال والجنوب. يملك جيش الفتح دعما مباشرا من دولتين إقليميتين كبيرتين هما السعودية وتركيا. وقد اصبح فجأة في أيدي المتمردين سلاح متقدم وصواريخ، والاموال للتدريب، التي تصل من الاردن وقطر. والملك السعودي الجديد، سلمان، دخل الى الصورة بقوة من اجل اضعاف الجهد الايراني في اليمن.
الطرف الثالث في الجبهة الشيعية، اضافة الى الاسد وايران، هو «حزب الله». العدو رقم واحد لنصر الله – قائد جبهة النصرة التابعة لـ»القاعدة»، الجولاني – وصف وضع المنظمة هذا الاسبوع وقال: «في لحظة سقوط الاسد فإن (حزب الله) سينهار».
اذاً، يقاتل «حزب الله» اليوم على وجوده، ويطلب نصر الله علنا التجنيد العام من اجل الدفاع عن البيت، لكن من وراء الكواليس توجد حالة هستيريا حقيقية ونقصان. يتوجه «حزب الله» الى جهات كثيرة في العالم العربي وايران من اجل الحصول على الوسائل القتالية المختلفة. الـ 100 ألف صاروخ التي خزنها من اجل اسرائيل لا تساعده الآن، والتنظيم الشيعي يحاول اقامة كتيبة فلسطينية في لبنان ودفع الرواتب للمقاتلين.
يُسارعون في النفي
تظهر علامات الخوف على زعيم «حزب الله»، حسن نصر الله. مصدر في المعارضة السورية قال، هذا الاسبوع إن القصف الاسرائيلي في لبنان هو جزء من المناورة والحرب النفسية في محاولة لحرف الانظار عن الجبهة السورية. نجحت المناورة: «حزب الله» ذُعر، وعلى عكس عادته سارع الى نفي هذا القصف الذي كان من شأنه أن يزيد من كراهيته داخل لبنان. انجازات المنظمة العسكرية في الاسابيع الاخيرة محدودة جدا، والتهديد على المناطق اللبنانية ما زال قائما.
يستطيع «حزب الله» مواساة نفسه بالسيطرة على تل النبي يونس الاستراتيجية، لكن المعركة هناك مستمرة وهي تستنزف قواته، وعدد القتلى والمصابين وصل الى الآلاف. اذا كان كل ذلك لا يكفي، فقد أصيبت المنظمة في الآونة الاخيرة بإخفاقات عسكرية كان أبرزها ما حدث، الاسبوع الماضي، في قبرص حيث تم إلقاء القبض على شخص في حوزته 2 طن من المتفجرات كانت مُعدة لخلايا ارهابية في اوروبا. يوجد لدى «حزب الله» شعور بأن شيئا فظيعا يحدث حول أمن المعلومات وأنه مكشوف.
يحاولون في اسرائيل اقناع الأميركيين والاوروبيين بتأجيل رفع العقوبات عن ايران، حيث تخشى اسرائيل من أن تضخ هذه الاموال الادرينالين في صفوف «حزب الله» والايرانيين الذين يقاتلون في سورية. تنتشر الجهود الايرانية الآن في الشرق الاوسط بدءاً من اليمن ومرورا بالعراق وسورية وانتهاء بلبنان. يدور الحديث عن الكثير من النفقات من اجل الابقاء على المصالح الايرانية. الدولارات وصفة للتوسع الايراني، والأميركيون سيقدمون لهم الشيك على طبق من فضة.
عن «يديعوت»