حنا عيسى: قضايا شائكة بشأن الجنسية الفلسطينية

حنا-عيسى
حجم الخط

قال الدكتور حنا عيسى، استاذ وخبير القانون الدولي، "إن هناك بعض القضايا الشائكة بشأن الجنسية فلسطينيا، أولها هو استمرار تدخل الاحتلال الاسرائيلي في الهويات وجوازات السفر وشهادات الميلاد، وقيامه بسحب الهويات ومنحها، إضافة للإغلاقات ومنع التنقل واغلاق الجسور والمطارات والحدود. وثانيا عدم منح السلطة الوطنية الفلسطينية جوازات لسفر اللاجئين والنازحين والمقيمين في الدول العربية او الشتات، وثالثا بطء التحول الى الحياة المدنية بسبب وجود الاحتلال على اجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة. ورابعا هي الاوضاع غير مستقرة لجهة الجنسية".

وأضاف عيسى، "الجنسية يمكن كسبها من الناحية القانونية اما بواسطة الوالدين او احدهما او من خلال مكان الولادة، كما يمكن كسبها بالزواج او المكوث في دولة ما فترة طويلة او من خلال التجنس الجماعي، بالاضافة الى الانظمة والقوانين الخاصة بكل دولة من الدول والتي تشترط بعض الشروط الخاصة، وبالتالي فان العلاقة الرئيسية بين المواطن والدولة تحدد بعلاقة قانونية. وعلى الرغم من ان فلسطين من عام 1923م تعيش مسالة السيادة المنقوصة وعدم وجود حكومة وطنية مستقلة باستثناء حكومة عموم فلسطين الا انه كله لم يؤدي فقدان الفلسطينيين لجنسيتهم، فاستناداً الى القانون الدولي فان الدولة ناقصة السيادة تحتفظ بكيانها الخاص وبملكيتها لاقليمها كما يحتفظ سكانها بدعوتهم الخاصة بهذا الاقليم".

وتابع، "عاش سكان فلسطين تحت الحكم العثماني بصفتهم مواطنين، وقد نظم قانون الجنسية العثماني لسنة 1869 حقوقهم وواجباتهم، وبقي سكان فلسطين من الناحية الرسمية خلال الفترة الممتدة بين عام 1917 / 1922 حاملين للجنسية العثمانية ولكن بعد ان انسلخت فلسطين عن الدولة العثمانية، وبالذات بعد معاهدة لوزان التي تضمنت نصوصاً خاصة لتبديل الجنسية الفلسطينية عام 1924م، اكتسب جميع سكان فلسطين الجنسية الفلسطينية يوم سريان المعاهدة في 6/7/1924، وقد تضمن القانون المذكور قواعد الحصول على الجنسية الفلسطينية وواجبات وحقوق المواطن".

وأشار، "لقد بقي السكان الفلسطينيين متمتعون بالجنسية الفلسطينية طيلة فترة الانتداب البريطاني لفلسطين . ولكن بعد رحيل الانتداب البريطاني عن فلسطين وانشاء اسرائيل بعد حرب عام 1948 بقي جزء من الفلسطينيين من اقليم فلسطين تحت الحكم العسكري الاسرائيلي كفلسطينيين على ارضهم حتى حصلوا على الجنسية الاسرائيلية فيما بعد والتي لم تعطيهم حقوق المواطنة الكاملة لغاية الان".

وشدد د. حنا عيسى، "هذا الاحتلال اثر في الجنسية الفلسطينية سواء للذين بقوا في اراضيهم عام 1948 او للذين هجروا عنها واصبحوا لاجئين، فهؤلاء اللاجئين تختلف جنسيتهم من بلد الى اخر فعلى سبيل المثال اصبح اللاجئين الذين استقروا في الضفة الغربية والاردن يحملون الجنسية الاردنية بينما في سوريا لبنان والعراق يحملون وثائق سفر هذه الدول ولا يحملون في ذات الوقت جنسية هذه الدول ويعاملون معاملة الاجانب، اما دول الخليج فأنها تعامل الفلسطينيين معاملة الاجانب ولاتمنحهم وثائق سفر. وتعاملهم حسب وثيقة سفر الدولة التي يقيم بها اللاجئين".

وقال خبير القانون، د. حنا، وهو امين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، "الامم المتحدة بقرارها 194 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة سنة 1948 اكدت حق العودة للاجئين الراغبين بالعودة الى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الاشخاص غير الراغبين بالرجوع".

وأضاف، "اكدت الجمعية العامة للامم المتحدة مرة ثانية على عودة وتعويض اللاجئين بتاريخ 22/11/1974 بقرار رقم 3236 والذي اكد في مادته الثانية على حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة الى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها، في مقابل ذلك فان جنسية اللاجئين في القانون الدولي حسب الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ان هؤلاء الاشخاص عديمي الجنسية، وبالتالي لا يتمتعون بالحقوق التي يتمتع بها الوطن، ولكن تجدر الاشارة الى ان المنظمة الدولية لحقوق الانسان تعتبر الجنسية حقاً من حقوق الانسان وبالتالي لا يجوز اجبار اي شخص للتنازل عن جنسيته".

ونوه، "اما الجنسية الفلسطينية الضفة الغربية وغزة في السنوات التي تلت احتلال اسرائيل لجزء من الاقليم الفلسطيني، فقد طبقت الجنسية الاردنية على سكان الضفة الغربية، وبقي سكان قطاع غزة يتمتعون بالجنسية الفلسطينية، ولكن اجبرت اسرائيل سكان الضفة وغزة على حمل الهويات الاسرائيلية، اما فيما يخص جنسية المواطن الفلسطيني في القدس فقد بقوا يتمتعون بالجنسية الاردنية، وابقت اسرائيل على جوازات السفر الاردنية بحوزة المواطنين هناك".

ونوه أمين نصرة القدس، "على الرغم من ضم القدس لاسرائيل واعتبارها عاصمة موحدة، الا ان اسرائيل لم تمنح المواطنين جنسيتهم، ولكنها منحتهم بطاقات الهوية الاسرائيلية التي تعطيهم حق الاقامة، اما فيما يخص النازحين والذين رحلوا عن ديارهم بفعل حرب عام 1967 فقد تمتعوا بالجنسية الاردنية، وفيما يخص سكان الضفة الفلسطينية وسكان قطاع غزة جميعهم فقدوا حق الاقامة في هاتين المنطقتين ولم يعود الا جزء بسيط منهم ما يعرف بلم الشمل".

وقال د. حنا عيسى، وهو دبلوماسي سابق في روسيا الاتحادية، "المواطنون الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية بعد فك الارتباط القانوني والاداري بين الضفة الغربية بتاريخ 31/7/1988 فقد اعتبروا مواطنون فلسطينيون لاسيما المقيمين منهم قبل هذا التاريخ، وبالتالي فقد اصدرت الاردن جوازات سفر مؤقتة لمدة عامين للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية".

ونوه، "في الوقت الحالي وخاصة بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية على بعض اجزاء من الضفة وقطاع غزة فقد منح الفلسطينيون المقيمين على الاراضي الفلسطينية، بالاضافة الى كوادر منظمة التحرير الفلسطينية والذين حصلوا على رقم وطني يؤهلهم للعودة للضفة الغربية وغزة، على جوازات سفر وهويات فلسطينية والتي تؤكد الجنسية الفلسطينية لحامله وغني عن القول ان سكان القدس الفلسطينيين لا يستطيعون الحصول على الوثائق الفلسطينية مع انهم شاركوا في الانتخابات الرئاسية والتشريعية اخيراً".

وأشار، "لقد رأينا انه منذ معاهدة لوزان مروراً بانسلاخ اقليم فلسطين عن الدولة العثمانية وفرض الانتداب عليه من قبل بريطانيا واحتلال اسرائيل لبعض اجزائه في العام 1948 وضم الاردن للضفة الغربية وادارة مصر لقطاع غزة واحتلال اسرائيل في العام 1967 لباقي اجزاء الاقاليم، وتالياً قيام السلطة الوطنية الفلسطينية على بعض الاجزاء من الضفة الغربية وغزة كل هذا وذاك اثر على الجنسية الفلسطينية بفعل التوارث لجنسية قائمة لحين قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والتي في نهاية المطاف الى حل من شأنه ان ينهي عقود من التوارث لجنسية الفلسطينيين نوعا من الاستقرار على صعيد الجنسية".