باشرت إسرائيل في الأسبوعين الأخيرين إجراء اتصالات دبلوماسية مكثفة في مسعى لمنع أو تأجيل إصدار قرار أوروبي بوضع علامات تميز المنتوجات المصنعة في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس والجولان المحتل.
وذكرت صحيفة "هآرتس" صباح اليوم أن إسرائيل تسعى جاهدة لإحباط إصدار القرار في المفوضية الأوروبية التي وصفتها بالذراع التنفيذي للاتحاد الأروربي، في ما يخص تسويق منتوجات المستوطنات في الدول الأوروبية.
ويأتي التقرير في “هآرتس” في ما يبدو محاولة من أطراف في الخارجية الإسرائيلية وفي الاتحاد الأوروبي دفع إسرائيل إلى تجديد العملية السياسية مع إسرائيل، والتحذير من أن "الجمود السياسي" مع السلطة الفلسطينية سيكون له تداعيات اقتصادية وسياسية كبيرة، وذلك بعد أيام قليلة من قرار شركة أورانج الفرنسية وقف تعاقدها مع شركة بارتنر الإسرائيلية.
وقالت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى للصحيفة ورفضت الكشف عن هويتها إن وزارة الخارجية تقود الجهود الدبلوماسية في أوروبا عبر سفاراتها، لافتة إلى أن هذه القضية على رأس أولويات وزارة الخارجية في الوقت الراهن.
وانطلقت هذه الجهود في أعقاب الجلسة الأخيرة لمجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الثامن عشر من أيار/ مايو الماضي، إذ تلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية معلومات تفيد بأن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أبلغت زملائها في ٢٨ دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أنها تعتزم الدفع في قضية وضع علامات تميز منتوجات المستوطنات، وأنها ستصدر تعليمات في هذا الشأن. وعلى الرغم من أن موغيريني لم تحدد موعدا لنشر هذه التعليمات، إلا أن تقديرات وزارة الخارجية الإسرائيلية ترجح بأن تصدر خلال أسابيع، وحتى قبل بدء العطلة الصيفية في أوروبا في شهر آب/ أغسطس المقبل.
ومن المفترض أن تصوت المفوضية الأوروبية على هذه التعليمات فور الانتهاء من إعدادها، فيما يقوم السفير الإسرائيلي لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، دافيد فيلتسر، ونائبه رونين غيلور، بإلتقاء مندوبي ٢٨ دولة في المفوضية الأوروبية، في محاولة لإقناعهم التصويت ضد قرار وضع علامات تميز منتوجات المستوطنات أو تأجيل التصويت، فيما تتركز الجهود الإسرائيلية في سبع دول أوروبية لم تحدد، وتأمل الخارجية الإسرائيلية إقناع أربع دول منها في التصويت ضد القرار أو تأجيل التصويت عليه بذريعة أن الوقت غير مناسب لذلك.
وترجح تقديرات الخارجية الإسرائيلية بأنه سيكون من الصعب جدا إلى درجة الاستحالة إحباط أو إرجاء إصدار قرار في هذا الشأن، فيما نقلت “هآرتس” عن مصادر دبلوماسية إسرائيلية قولها إن مقربين من موغيريني أشاروا إلى أن الطريق الوحيد لإرجاء القرار هو المباشرة في عملية سياسية مع السلطة الفلسطينية.
والتقى السفير الإسرائيلي في مؤسسات الاتحاد الأوروبي مع المستشار القضائي للاتحاد الأوروبي بهدف استيضاح فحوى التعليمات الجديدة، فيما قال مسؤول أوروبي رفيع المستوى إن التعليمات ستكون قابلة للتأويل وأنه لن يكون لها “درجة عالية من التأثير” على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وتخشى إسرائيل من هذا القرار ليس لتداعياته الاقتصادية فحسب وإنما السياسية أيضًا، إذ يعتبر حجم صادرات المستوطنات لأوروبا كجزء صغير جدا من الصادرات الإسرائيلية، لكن الخشية هي أن شبكات التسويق الأوروبية سيكون من الصعب عليها التمييز والفصل بين منتوجات المستوطنات والمنتوجات الإسرائيلية الأخرى، وستضطر إلى عدم بيع منتوجات إسرائيلية ليست مصنعة في المستوطنات.
كما تخشى إسرائيل أن يؤدي القرار إلى المس في مكانتها السياسية أوروبيا وزيادة الضغوط الدولية عليها في كل ما يتعلق بالمستوطنات.
وفي هذا السياق، قالت "هآرتس" إن على الرغم من عدم صدور القرار بشأن منتوجات المستوطنات، إلا أن الاتحاد الأوروبي ألغى اعترافه منذ مطلع العام الحالي بصلاحيات وزارة الزراعة الإسرائيلية في الضفة الغربية وتحديدا في "الخدمات البيطرية" في الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧، وهو ما انعكس على وقف وحظر استيراد اللحوم ومنتوجات الحليب من المستوطنات، فيما يتوقع وقف استيراد المنتوجات المصنفة على أنها "عضوية" من المستوطنات في أعقاب عدم الاعتراف بصلاحيات وزارة الزراعة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، فيما توقع مصدر إسرائيلي أن يتسع حظر الاستيراد من المستوطنات حتى نهاية العام الحالي ليشمل منتوجات أخرى مثل النبيذ ومستحضرات التجميل المصنعة في المستوطنات.