لقاء غولد ـ عشقي العلني: ما الذي يدور خلف الكواليس؟

20150706203043
حجم الخط

08 حزيران 2015

ما الذي خرج من اللقاء المغطى إعلاميا (في واشنطن، وليس صدفة) بين مدير عام وزارة الخارجية د. دوري غولد، وبين الجنرال (احتياط) السعودي د. أنور عشقي؟ فقد صعدا الى منصة مشتركة في مجلس العلاقات الخارجية؛ حدث نادر في عصر المقاطعة الاكاديمية ضد إسرائيل، وألقيا خطابين ملتهبين، وبثت لغة الجسد لديهما اشارات واضحة بأن هذه ليست المرة الاولى التي يلتقي فيها الواحد مع الآخر. كما ان الإسرائيلي والسعودي لم يجيبا على أسئلة من الجمهور، كي لا تظهر خلافات الرأي بين الرياض والقدس.
بالضبط مثل نتنياهو في الكونغرس، وقف غولد وعشقي في واشنطن عشية التوقيع على الاتفاق مع ايران كي يعرضاها كعدو مشترك، خطير. اوباما مسؤول عن هذا التعاون المفاجئ. فقد خان السعودية، تنازع مع نتنياهو، وتسكع مع ايران. «أفضل عدواً ذكياً»- يعلن السعودي، ويلمح إلى اسرائيل «على عدو جاهل يجلس في طهران».
ولكن لوسائل الاعلام، حيث ركزت الكاميرات على المصافحة بين غولد وعشقي، ذاكرة قصيرة. فحين توجت «اللقاء التاريخي» و «المفاجأة الدراماتيكية»، نسيت لقاء مشابها تم بالضبط قبل سنة في بروكسل بين رئيسي الاستخبارات السابقين: عاموس يدلين من جانبنا والامير تركي الفيصل من الجانب السعودي.
يبدو أن الامير والجنرال من السعودية اجتازا اختبار نار مسبقا. يقال إن قادة الاستخبارات، حتى لو جاءوا من دول لا تقيم علاقات مفتوحة، من السهل عليهم ايجاد لغة مشتركة. فهم يعرفون الواحد الاخر من الأوراق، يعرفون كيف يحددون من العدو الذكي ومن العدو حامي الرأس. نجحنا في نهاية الاسبوع في التعرف على أن هذا هو اللقاء الخامس لغولد وعشقي، نوع من تبادل الاوراق والتقديرات عن المخاطر والتحديات الأمنية في المنطقة. ويعرف الجنرال ان غولد قريب من اذن نتنياهو.
قبل ثلاثة اسابيع، في المؤتمر الاقتصادي في الدولة، أجريت مقابلة صحافية مع عشقي. وكانت هذه مقابلة اولى لمسؤول سعودي مع صحيفة اسرائيلية، والحقيقة هي انه لم يكن صعبا إقناعه. فقد أصر عشقي على أن ينقل رسالة واضحة الى نتنياهو: حان الوقت لتعترف اسرائيل بمبادرة السلام السعودية التي بدأت تصدأ منذ 13 سنة، حيث يتجاهلها رؤساء الوزراء في القدس أو يفرون منها.
وكشف النقاب في المقابلة عن أن الملك الجديد سلمان يؤيد هو ايضا خطة السلام التي تقوم على أساس «اعطونا كل المناطق المحتلة، وستحصلون على تطبيعا كاملا مع 22 دولة في العالم العربي». كما أعلن عشقي بأن اعادة انتخاب نتنياهو وحكومة اليمين التي تشكلت في القدس لن تفزعا اصحاب القرار في الرياض، «إذ فقط اليمين عندكم قادر على صنع السلام ودفع الثمن».
على مدى سمو مكانة عشقي، رئيس مركز بحوث الأمن في جدة، يصعب  مد خط من الشك. فمن جهة تجده يحتفظ بجملة من القاب «السابق»؛ ومن جهة اخرى حتى بعد أن انكشفت اتصالات مع الاسرائيليين فانه يذهب ويأتي في بلاده بلا مشاكل؛ ومن جهة ثالثة لم تذكر كلمة في السعودية – لا في الصحف ولا في المواقع الاجتماعية – عن المقابلة مع «يديعوت احرونوت» وعن الدوافع الكامنة خلف الظهور المفاجئ مع غولد. ووحدها مواقع الاخبار في طهران كرست عناوين رئيسة لاذعة لتحذيرات غولد ضد البرنامج النووي وتحذير عشقي من أن «ايران تسعى الى السيطرة على المنطقة».
أخذ عشقي على نفسه تحديا غير بسيط. فهو متفانٍ لخدمة مبادرة السلام السعودية. ليس مؤكدا أنه نجح في اقناع غولد ونتنياهو بانه حانت لحظة الحقيقة. فهما متمسكان بالموضوع الايراني. وبالمقابل، فان صمت القصور في الرياض والرقابة على الاعلام السعودي اكثر صخباً.
عن «يديعوت»