حركة مقاطعة إسرائيل تحدث ثورة بين يهود أميركا

Slingshot
حجم الخط

  08 حزيران 2015

الأخبار حول نية الملياردير شلدون ادلسون استضافة كبار المتبرعين اليهود في نهاية الاسبوع، من أجل بحث سبل مواجهة حركة المقاطعة ضد اسرائيل (BDS)، تشكل دليلا قاطعا أن العمل «من أجل اسرائيل» في الولايات المتحدة يدخل مرحلة جديدة؛ انتهى عهد إيران وبدأ عهد BDS.
بدأ عهد ايران في منتصف التسعينيات، وفي فترة الحرب الباردة عملت المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة بالذات ضد انظمة عربية وضد منظمة التحرير، ولكن بعد التوقيع على اتفاقيات السلام مع مصر والاردن وأوسلو، بقيت هذه المنظمات بدون الأعداء العرب المعروفين، واستجابوا لطلب رابين في التركيز على إيران.
في كتابه المهم عن العلاقات بين اسرائيل وايران (حلف خائن) يقتبس تريتا بارسي كلام شاي فلدمان، وهو خبير اسرائيلي للسياسة الخارجية في جامعة برندايس، وحسب هذا الكلام فان منظمة «آيباك» حولت ايران لمسألة مهمة، لانه لم يكن لديها علَم آخر لترفعه، وقد وصل الموضوع الايراني قمته خلال حقبة الرئيس محمود أحمدي نجاد. وريثه حسن روحاني يعمل منذ 2013 من اجل خلق انطباع معتدل عن ايران. وقد وجد في باراك اوباما شريكا متحمسا لانهاء الحرب الباردة بين الدولتين. ولا يزال ممكناً ان تفشل هذه الجهود، ولكن مع مراعاة إصرار الشخصين فان الاحتمال الاكبر هو أن يتوصلوا لاتفاق يكون من الصعب على بنيامين نتنياهو والكونغرس إفشاله.
هنا تدخل الى القصة حركة الـ BDS ، اذا كان تركيز المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة على ايران هو نتاج عملية السلام الاسرائيلية – الفلسطينية، فان نشوء الـ BDS هي نتاج موت هذه العملية. خلال ستة اعوام رفض نتنياهو فكرة اقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967 مع تبادل اراض، وفقد معظم الفلسطينيين الامل في ان الحوار مع اسرائيل سيؤدي لاقامة دولة فلسطينية، وبالمقابل فان غياب قدرة محمود عباس على انهاء الاحتلال عمل ضده.
هذا هو الشرخ الذي دخلت اليه BDS. تقترح حركة النشطاء الفلسطينيين تجاوز السياسيين المنقسمين والفاسدين وغير الفعالين. من خلال نقل الصراع ضد اسرائيل،- الاهداف الثلاثة  هي انهاء السيطرة الاسرائيلية على الضفة وقطاع غزة، مساواة المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل، وعودة اللاجئين الفلسطينيين – يتحدثون الى قلب الشعب الفلسطيني بجميع اجزائه، والحركة ليست عنيفة، بل تعتمد على مبادئ حقوق الانسان والقانون الدولي. وتستقطب BDS حلفاء ليبراليين لا يمكن ان ينضموا لمنظمة إسلامية اصولية.
تغير الـ BDS الحياة اليهودية المنظمة في الولايات المتحدة، اولا: تحول واشنطن الى أقل أهمية وكذلك «ايباك». فقوة «ايباك» تستند إلى العلاقة بين اعضائها وبين اعضاء الكونغرس، لكن الـ BDS تتجاوز الكونغرس لصالح الجامعات، ومسيحيين ليبراليين واتحادات مهنية.
ردا على ذلك تحركت المنظمات اليهودية، ففي العام 2010 اقيمت «الفيدراليات اليهودية» من اجل محاربة «نزغ الشرعية» عن اسرائيل، وما زالت «ايباك» مسيطرة في واشنطن.
نتيجة اخرى لصعود BDS ستكون ازدياد اهمية المنظمة اليهودية «اصوات يهودية من اجل السلام» (جي ستريت)، واليوم تمثل «جي ستريت» اليسار اليهودي الأميركي في نظر اليهود الذين يتبعون للمؤسسة، ولكن لكونها المنظمة اليهودية الأميركية الاهم التي تؤيد BDS فمن المتوقع ان تزداد اهميتها جنبا الى جنب مع الـ BDS ذاتها. ومن الان تقول الـ BDS إن «اصوات يهودية من اجل السلام» هي دليل على انه ليس كل يهود الولايات المتحدة يعارضون مطالبها، والصراعات المتوقعة بين هذه المنظمة وبين المؤسسة اليهودية سوف تقدم «جي ستريت» كمنظمة منضبطة ومعتدلة.
في النهاية سوف تثير الـ BDS جدالا في اوساط يهود الولايات المتحدة حول الصهيونية ذاتها. واعتاد اليهود في الولايات المتحدة على نسب الفلسطينيين لسكان الضفة وقطاع غزة، لكن الكثير من الفلسطينيين الفاعلين في BDS يسكنون في الغرب او جاؤوا من اسرائيل نفسها. ويعتبرون ان حقوق الفلسطينيين داخل اسرائيل لا تقل اهمية عن حقوق الفلسطينيين في «المناطق» المحتلة. وقف الاحتلال لا يهدد إسرائيل كدولة يهودية؛ بالعكس قد يضمن ذلك استمرارها، ولكن كلما ازدادت اهمية BDS سيزداد الجدل حول مواطني دولة اسرائيل، الفلسطينيين واللاجئين. هذا الموضوعان يبرزان التوتر بين الطابع الديمقراطي لاسرائيل وبين سياستها التي تفضل اليهود في مواضيع مثل الهجرة او الوظائف العامة.
الرد الأول للمؤسسة اليهودية في الولايات المتحدة على التحدي الذي تفرضه BDS كان الصراخ «لاسامية». لكن هذا الرد يحمل في طياته سرا مظلما صغيرا: نشطاء مؤيدون لاسرائيل لم يفكروا كثيرا في التوتر بين الطابع اليهودي لاسرائيل وبين القيم الديمقراطية. لذلك لا يعرفون كيفية الدفاع عن الصهيونية امام جمهور ليبرالي غير يهودي. هذا الدفاع ليس امرا مستحيلا. لكن ليس سهلا من الناحية الثقافية او الاخلاقية. وسيتطلب من اليهود الأميركيين المؤيدين للمؤسسة الدفاع عن مبادىء تعاملوا معها خلال فترة طويلة كامور مفروغ منها. ومن بين التأثيرات الكثيرة لـ BDS على يهود أميركا، سيكون هذا الاكثر اهمية من بينها جميعا.

عن «هآرتس»