ظواهر داخلية مقلقة تحتاج الحل

صادق الشافعي.jpg
حجم الخط

هل تكون الأولوية لقانون "حرية الجريمة الإلكترونية" الذي صدر وبدأ تنفيذه، والذي يثير جدلا خلافيا واسعا حول خلفياته واستهدافاته، ويواجه باعتراض ومقاومة شرائح واسعة من المجتمع الفلسطيني؟ ام تكون الأولوية لتشريعات وقوانين ولوائح تعالج ظواهر اجتماعية محلية مقلقة لا تخلو الصحف ووكالات الأنباء من أخبار يومية عنها وعن تكرارها وانتشارها في اكثر من منطقة ومدينة؟ ما يلي نماذج من تلك الأخبار: مع التأكيد أنها مجرد نماذج محدودة، وانها تغطي فترة زمنية تقل عن الشهر.
في مجال التغذية والغذاء:
- ضبط طنيّ لحوم عجل فاسدة في بيت لحم. ضبط نحو طني لحوم عجل فاسدة بالخليل.  بلدية جنين تتلف 3 طن طحين فاسد. ضبطت طواقم الضابطة الجمركية 300 كغم حلويات وسكاكر غير صالحة للاستهلاك الآدمي. أتلفت طواقم الضابطة الجمركية ومديرية الاقتصاد في محافظة طولكرم نصف طن مواد غذائية ومشروبات منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك الآدمي. وزارة الزراعة قامت بالتحفظ على 180 طن بصل دخلت عبر معبر كرم ابو سالم بدون ترخيص، علما بان إدخال البصل من الطرف الآخر موقوف حفاظا على المنتج الوطني.....
– تقرير: أحالت وزارة الاقتصاد الوطني خلال شهر أيلول الماضي 39 تاجرا للنيابة العامة .... وخص التقرير اتجار البعض منهم بمواد منتهية الصلاحية.
– بيان للضابطة الجمركية أفاد بأنه تم إتلاف 40 طنا من المواد المنتهية الصلاحية وغير مطابقة وغير صالحة للاستخدام. تم ضبط طنين من منتجات المستوطنات الممنوعة من التداول وكذلك 9600 لتر سولار مهرب غير مطابق للمواصفات.
في مجال تراثنا وآثارنا التاريخية الوطنية:
الشرطة تضبط 90 قطعة أثرية داخل منزل في الخليل - ضبطت الشرطة قبل ثلاثة أيام 50 قطعة أثرية كانت بحوزة تاجر آثار في مدينة دورا وآخر التعبيرات عن هذه الظاهرة هو الاعتداء المجرم على الآثار الرومانية في "سبسطية" وعلى موقع "تل السكن" في غزة.
في مجال آفة المخدرات:
ضبط مشتل للمخدرات وضبط 99 شتلة. ضبط 5 كغم و83 شتلة ماريغوانا والقبض على 5 أشخاص بحلحول. ضبطت الاستخبارات العسكرية والشرطة يوم الأربعاء الماضي، ما يقارب ألف شتلة يشتبه انها أشتال الماريغوانا المخدرة بداخل مشتل اعد لزراعة المخدرات في منطقة حدودية شمال مدينة أريحا. ضبط جهاز الأمن الوقائي في محافظة الخليل مشتلا لزراعة  الماريغوانا في "بيت أمّر" - ضبطت الشرطة قرابة نصف كغم مواد يشتبه انها مخدرات والقت القبض على شخص في جنين.
في مجال سلامة الطرقات وارتفاع معدلات الحوادث عليها:
- تقرير: في أيلول الفائت قتل 10 أشخاص وأصيب 670، 24 منهم إصابات خطيرة، ووقع 987 حادثا. وفاة مسنة دهسا في رام الله. مصرع طفلة بحادث سير شرق غزة وإصابة 4 برفح.
يوم السبت 7/10 فقط: 4 إصابات في حادث سير بالخليل، 10 إصابات في حادث طرق شرق رفح، إصابة اربع مواطنين في حوادث سير شرق رفح - ويدخل في هذا المجال تكديس المركبات للركاب بأكثر من حمولتها خصوصا تلك التي تنقل طلاب المدارس والحضانات.
لن يتم التعرض هنا الى مجال "تسريب الأراضي"، بالذات في منطقة القدس وجوارها. فهذا موضوع من الأهمية والخصوصية ما يستدعي تناوله بشكل مستقل وواف ومسؤول، والأفضل من قبل ذوي اختصاص او اطلاع.
وجود هذه الأخبار من جهة، وبمعدلات أعلى من الطبيعية من جهة أخرى، يثير التساؤلات عن الخلفيات والدوافع والميسّرات، وأسئلة اكبر واهم عن المعالجة وعن تمكين أجهزة السلطة وتزويدها بالصلاحيات والقوانين اللازمة للقيام بدورها وواجباتها على اكمل وجه وبأعلى مما تقوم به حتى الآن، ثم أسئلة عن دور هيئات قوى المجتمع المدني.
أول الأسئلة، تلك المتعلقة بارتباط الكثير منها بشكل من التعاون بين بعض النفوس من طرفنا، مع نظراء لهم من الطرف الآخر. مدفوعين الى ذلك بدوافع نفعية ومصلحة ذاتية بحتة ومتعللين بتبريرات واهية.
وثانيها، ذلك المتعلق بضعف التوجيه، المقترن مع إجراءات معيقة، والأدق رادعة، حول مقاطعة منتجات دولة الاحتلال بشكل عام ومنتجات المستوطنات بالذات. خصوصا وان معظم، ان لم نقل كل المنتجات، لها بدائل وطنية محلية الصنع ولا تقل جودة.
فليس معقولا ان نحرض العالم وندعوه الى مقاطعة منتجات المستوطنات بينما يقبل مواطنونا على منتجات دولة الاحتلال بما فيها منتجات المستوطنات، ويندفع الآلاف منهم، وبالذات في المناسبات يشترون بضائع بمئات آلاف الشواكل وربما الملايين.
ويبقى التساؤل الأهم، هو المتعلق بالملاحقات والتشريعات والعقوبات الجادة، الصارمة والعادلة تجاه كل من يرتكب أيا من المخالفات المشار إليها.
ان حجم المخالفات المشار لها وتكرارها وتدني العقوبات حولها رغم قيام الأجهزة المعنية بواجباتها في حدود الصلاحيات المتاحة لها، يؤكد ان التشريعات والقوانين أولا، تحتاج الى تطوير باتجاه زيادة صلاحيات الأجهزة في الملاحقة، وباتجاه تغليظ العقوبات على المخالفين.                                                                                                            فما الذي يعيق مثلا تعديل قانون السير باتجاه زيادة الضوابط والممنوعات، وتغليظ العقوبات على من يتجاوزها ويخالفها، حفاظا على أرواح المواطنين وسلامتهم.
ونفس السؤال يصح في مجال المخدرات وزراعتها، ومجال الاعتداء على آثارنا والمتاجرة فيها؟
مع ان جدل الأولوية افتراضي، فانه لو تم سؤال الناس، او لو كان المجلس التشريعي في وضعه الطبيعي لكانت الأولوية بلا جدال لتشريعات تعالج هذه الظواهر الاجتماعية.