مصير الاقتصاد الفلسطيني بين الفهد والسلحفاة

مصير الاقتصاد الفلسطيني بين الفهد والسلحفاة
حجم الخط

القطاع الاقتصادي يعتبر أهم الأسس في بناء الدولة المستقلة, وتسعى القيادة دائمًا لتشجيع رجال الأعمال والصناع والتجار على زيادة فرص الإنتاج بتحفيزهم عبر تسهيلات ملموسة للنهوض بالواقع الاقتصادي, من أجل تأمين تنمية مستدامة تساهم بالحد الأدنى في دفع عجلة الإنتاج, وخلق موارد جديدة وتطوير وتعدد الصناعات والمنتجات الزراعية للتصدير إلى الأسواق العالمية, لزيادة نسبة الدخل القومي من الناتج المحلي, إضافة إلى أنه يستوعب أعداد هائلة من العمال والخريجين, ويساهم في خفض نسب البطالة, وبالتالي تعود الفائدة على الوطن والمواطن.

رأس المال الوطني يعتبر الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الدول النامية في العالم, وحسب التعريف الاقتصادي له يعد مالًا يوظف ضمن حدود الدولة, للاستفادة منه على الصعيدين الحكومي والشعبي, فالتجربة الفلسطينية تزخر بالعديد من الشركات الوطنية التي تركت بصمة واضحة معالمها في الاستثمار المحلي وتطوير نوعية الخدمات التي تقدمها للجمهور بشتى الطرق, مع مراعاتها لمواكبة التطور في الدول المحيطة والعالم.

من المؤكد أن المنافسة التي يشهدها الشارع الفلسطيني منذ سنوات بين شركتي الهاتف المحمول "جوال, والوطنية" تعد المثال الأبرز على حقيقة الحفاظ على المصالح الوطنية, فالأولى "جوال" ولدت من رحم مجموعة الإتصالات الفلسطينية التي تكونت برأس مال وطني بحت, وحققت بفضله نجاحات كبيرة في وقت قياسي, وواكبت التطور التكنولوجي بكل السبل وصولًا إلى تقديم أفضل الخدمات, ولازال في جعبتها المزيد, رغم أن الاحتلال يضع في طريقها العراقيل بمنعه حتى يومنا السماح لها بادخال المعدات اللازمة لتشغيل ترددات الجيل الثالث التي تم الاتفاق مؤخرا على تشغيلها بين وزارة الاتصالات الفلسطينية وتكنولوجيا المعلومات والجانب الاسرائيلي, بمشاركة الولايات المتحدة الأميركية والرباعية الدولية, لتكون خدماتها متاحة في السوق الفلسطينية, فضلًا عن الانجازات التي قامت بها على صعيد المسؤولية المجتمعية, ورفدها لكافة القطاعات الإغاثية والإنسانية, والصحية والتعليمية, وحرصها على التخفيف من حجم المعاناة على المواطنين بتأهيل شارع الرشيد "كورنيش البحر" الذي أصبح متنفس أهل غزة الوحيد في ظل الحصار الذي عانوه منذ أكثر من أحد عشر عامًا, من هامش الربح الذي حققته بفضل نجاحها المستمر, بينما تحاول شركة "الوطنية موبايل" التي أسست برأس مال خارجي "مجموعة أريدو القطرية بنسبة 45% وصندوق الاستثمار الفلسطيني بنسبة 35% ومساهمة العامة بنسبة 15%" أن تدخل حيز المنافسة مستندة على الدعم الخارجي, إلا أن خسارتها فاقت كل الحدود, في الضفة الغربية, وتسعى جاهدة الآن للرهان على السوق الغزي من أجل تعويض ما خسرته في الضفة الغربية.

ويبرز هنا حجم المخاطرة بالمال الوطني الذي يُوظَّف لصالح مجموعات اقتصادية خارجية, فمن حق المواطن أن يعلم أن النسبة الأكبر من الربح والتي تقارب النصف ستؤول إلى الخارج, فماذا ستستفيد الدولة؟, ومن المسؤول عن سرقة المال الوطني وتصديره إلى الخارج "مجموعة أريدو في قطر" دون عودة؟.

حالتنا الفلسطينية وما نعانيه من حصار وإحتلال يتطلب منَّا بذل أقصى الجهود للاستثمار الداخلي وتوظيف رأس المال وطنيًا, بعيدا عن التدخلات الخارجية للتمكن من النهوض بواقعنا الاقتصادي المؤلم, دون توظيف مئات الأشخاص لجني الأموال من جيوب المواطنين وتصديرها للخارج, في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه إلى دعم خارجي لترميم ما دمره الاحتلال عبر عقود من الزمن, "وضعنا بأمس الحاجة لكل دولار يصرف دعمًا لصمودنا".

المتتبع للحالة الاقتصادية في فلسطين, يتساءل عن هدف شركة مثل "الوطنية موبايل" التي تسعى بكل جهودها وعلاقاتها من أجل تعويض خسارتها التي منيت بها في الضفة الغربية على مدار تسع سنوات, من الدخول إلى سوق جديدة في قطاع غزة, الذي يعد أكبر سوق استهلاكي على مستوى العالم, الأمر الذي يضع اجابة واحدة لا ثانية لها, حيث أن هدفها يكمن في تعويض خسارتها, وليس تقديم منافسة شريفة, مع نظيرتها "جوال" التي عملت قرابة عقدين من الزمن, وتحملت أعباء المسؤولية وناضل العاملين فيها, في الحرب والسلم لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين, وأنقذوا القطاعات الحيوية من الانهيار إبان الحروب, والأزمات.

وبالتزامن مع انطلاق "الوطنية موبايل" في غزة, أعلن سوق رأس المال الفلسطيني اليوم عن نتائج الإفصاح عن البيانات المالية لشركة الوطنية موبايل في الربع الثالث من 2017، وجاءت النتائج بتراجع كبير في الأداء حيث تكبدت الشركة حتى نهاية أيلول/سبتمبر الماضي خسائر بقيمة 1.8 مليون دولار مما يعتبر هبوط شديد مقارنة مع عام 2016 التي بلغت فيه الأرباح 1.1 مليون دولار, فيما يرى مراقبون أن الوطنية موبايل تُعوّل على دخولها لقطاع غزة لتعويض الخسائر  التي تكبدتها, سيما أنها أمام استحقاق مالي كبير يقضي بدفعها مبلغ 10 مليون شيكل نهاية العام الحالي للحكومة الفلسطينية كجزء من رسوم ترددات شبكتها في قطاع غزة, "القضية أصبحت واضحة ولا تحتاج إلى تفسير".

وإذا تتبعنا قيمة رسوم الرخصة التي تؤهلها للعمل ضمن  أراضي الدولة الفلسطينية فرسومها تبلغ 355 مليون دولار, لم تدفع منها سوى 40 مليون, وحصلت على تسهيلات من السلطة الفلسطينية للبدء بالعمل رغم حجم المديونية الملقاة على عاتقاها, فيما دفعت شركة جوال 50% من قيمة رخصتها التشغيلية, وقسطت الباقي على دفعتين 25% لكل منها, ورغم كل التسهيلات التي تمتعت بها "الوطنية موبايل" إلا أنها تتهاوى في الخسارة حسب تقرير سوق رأس المال الفلسطيني, في المقابل تصرف شركة جوال من هامش ربحها أضعاف خسارة "الوطنية موبايل" للمساهمة في المسؤولية المجتمعية التي وضعتها على أولى اهتماماتها.

وتمهيدًا لحملة انطلاق "الوطنية موبايل" في قطاع غزة, منذ أشهر ونحن نسمع ونرى شعاراتها "جايين يا غزة", باعتقادي لو انطلقت سلحفاة من الضفة الغربية لوصلت القطاع قبل أن تصل الوطنية التي اتحفتنا بشعاراتها الزائفة والإعلانات المستمرة كل شهر عن تأجيل موعد الافتتاح الذي انتظره المواطنين منذ شهر حزيران/يونيو الماضي, الأمر الذي يعكس فشلها الذريع في تقديم الخدمات, إذا ما قورنت بشعاراتها, فيما يسابق الفهد "جوال" الزمن لتحقيق الانجازات.

وفي خضام الشعارات المستمرة, لاحظنا عدة لافتات رئيسية كتب عليها "الكبير وصل", الأمر الذي استوقفني دقائق وأنا أفكر بأن غزة التي خاضت حروب وتحملت الحصار والجوع, وربطت على بطنها من أجل الصمود, هل كانت بحاجة إلى "كبير" لكي ينقذها, أرجو عدم الاستخفاف بكرامة المواطنين أكثر, والتلاعب بمشاعرهم, وصدق المثل القائل, "على الميدان يا احميدان".

وختامًا, البهرجة الزائدة, والشعارات الزائفة, وحجم الحضور القطري والفلسطيني للمشاركة في حفل انطلاق "الوطنية موبايل" لن يروي ظمأ الغزيين, فغزة عرفت بالأصالة في طبعها, وشموخها وصمودها, ولم تعد تؤمن بالشعارات مثلما تبحث عن أرضية ملموسة, لكن هل تستطيع "الوطنية موبايل" منافسة شركة عريقة بحجم "جوال" الذي قدمت ولازالت تقدم من أجل فلسطين وشعبها, الأيام بيننا, ولكل حدث حديث.

القطاع الاقتصادي يعتبر أهم الأسس في بناء الدولة المستقلة, وتسعى القيادة دائمًا لتشجيع رجال الأعمال والصناع والتجار على زيادة فرص الإنتاج بتحفيزهم عبر تسهيلات ملموسة للنهوض بالواقع الاقتصادي, من أجل تأمين تنمية مستدامة تساهم بالحد الأدنى في دفع عجلة الإنتاج, وخلق موارد جديدة وتطوير وتعدد الصناعات والمنتجات الزراعية للتصدير إلى الأسواق العالمية, لزيادة نسبة الدخل القومي من الناتج المحلي, إضافة إلى أنه يستوعب أعداد هائلة من العمال والخريجين, ويساهم في خفض نسب البطالة, وبالتالي تعود الفائدة على الوطن والمواطن.

رأس المال الوطني يعتبر الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الدول النامية في العالم, وحسب التعريف الاقتصادي له يعد مالًا يوظف ضمن حدود الدولة, للاستفادة منه على الصعيدين الحكومي والشعبي, فالتجربة الفلسطينية تزخر بالعديد من الشركات الوطنية التي تركت بصمة واضحة معالمها في الاستثمار المحلي وتطوير نوعية الخدمات التي تقدمها للجمهور بشتى الطرق, مع مراعاتها لمواكبة التطور في الدول المحيطة والعالم.

من المؤكد أن المنافسة التي يشهدها الشارع الفلسطيني منذ سنوات بين شركتي الهاتف المحمول "جوال, والوطنية" تعد المثال الأبرز على حقيقة الحفاظ على المصالح الوطنية, فالأولى "جوال" ولدت من رحم مجموعة الإتصالات الفلسطينية التي تكونت برأس مال وطني بحت, وحققت بفضله نجاحات كبيرة في وقت قياسي, وواكبت التطور التكنولوجي بكل السبل وصولًا إلى تقديم أفضل الخدمات, ولازال في جعبتها المزيد, رغم أن الاحتلال يضع في طريقها العراقيل بمنعه حتى يومنا السماح لها بادخال المعدات اللازمة لتشغيل ترددات الجيل الثالث التي تم الاتفاق مؤخرا على تشغيلها بين وزارة الاتصالات الفلسطينية وتكنولوجيا المعلومات والجانب الاسرائيلي, بمشاركة الولايات المتحدة الأميركية والرباعية الدولية, لتكون خدماتها متاحة في السوق الفلسطينية, فضلًا عن الانجازات التي قامت بها على صعيد المسؤولية المجتمعية, ورفدها لكافة القطاعات الإغاثية والإنسانية, والصحية والتعليمية, وحرصها على التخفيف من حجم المعاناة على المواطنين بتأهيل شارع الرشيد "كورنيش البحر" الذي أصبح متنفس أهل غزة الوحيد في ظل الحصار الذي عانوه منذ أكثر من أحد عشر عامًا, من هامش الربح الذي حققته بفضل نجاحها المستمر, بينما تحاول شركة "الوطنية موبايل" التي أسست برأس مال خارجي "مجموعة أريدو القطرية بنسبة 45% وصندوق الاستثمار الفلسطيني بنسبة 35% ومساهمة العامة بنسبة 15%" أن تدخل حيز المنافسة مستندة على الدعم الخارجي, إلا أن خسارتها فاقت كل الحدود, في الضفة الغربية, وتسعى جاهدة الآن للرهان على السوق الغزي من أجل تعويض ما خسرته في الضفة الغربية.

ويبرز هنا حجم المخاطرة بالمال الوطني الذي يُوظَّف لصالح مجموعات اقتصادية خارجية, فمن حق المواطن أن يعلم أن النسبة الأكبر من الربح والتي تقارب النصف ستؤول إلى الخارج, فماذا ستستفيد الدولة؟, ومن المسؤول عن سرقة المال الوطني وتصديره إلى الخارج "مجموعة أريدو في قطر" دون عودة؟.

حالتنا الفلسطينية وما نعانيه من حصار وإحتلال يتطلب منَّا بذل أقصى الجهود للاستثمار الداخلي وتوظيف رأس المال وطنيًا, بعيدا عن التدخلات الخارجية للتمكن من النهوض بواقعنا الاقتصادي المؤلم, دون توظيف مئات الأشخاص لجني الأموال من جيوب المواطنين وتصديرها للخارج, في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه إلى دعم خارجي لترميم ما دمره الاحتلال عبر عقود من الزمن, "وضعنا بأمس الحاجة لكل دولار يصرف دعمًا لصمودنا".

المتتبع للحالة الاقتصادية في فلسطين, يتساءل عن هدف شركة مثل "الوطنية موبايل" التي تسعى بكل جهودها وعلاقاتها من أجل تعويض خسارتها التي منيت بها في الضفة الغربية على مدار تسع سنوات, من الدخول إلى سوق جديدة في قطاع غزة, الذي يعد أكبر سوق استهلاكي على مستوى العالم, الأمر الذي يضع اجابة واحدة لا ثانية لها, حيث أن هدفها يكمن في تعويض خسارتها, وليس تقديم منافسة شريفة, مع نظيرتها "جوال" التي عملت قرابة عقدين من الزمن, وتحملت أعباء المسؤولية وناضل العاملين فيها, في الحرب والسلم لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين, وأنقذوا القطاعات الحيوية من الانهيار إبان الحروب, والأزمات.

وبالتزامن مع انطلاق "الوطنية موبايل" في غزة, أعلن سوق رأس المال الفلسطيني اليوم عن نتائج الإفصاح عن البيانات المالية لشركة الوطنية موبايل في الربع الثالث من 2017، وجاءت النتائج بتراجع كبير في الأداء حيث تكبدت الشركة حتى نهاية أيلول/سبتمبر الماضي خسائر بقيمة 1.8 مليون دولار مما يعتبر هبوط شديد مقارنة مع عام 2016 التي بلغت فيه الأرباح 1.1 مليون دولار, فيما يرى مراقبون أن الوطنية موبايل تُعوّل على دخولها لقطاع غزة لتعويض الخسائر  التي تكبدتها, سيما أنها أمام استحقاق مالي كبير يقضي بدفعها مبلغ 10 مليون شيكل نهاية العام الحالي للحكومة الفلسطينية كجزء من رسوم ترددات شبكتها في قطاع غزة, "القضية أصبحت واضحة ولا تحتاج إلى تفسير".

وإذا تتبعنا قيمة رسوم الرخصة التي تؤهلها للعمل ضمن  أراضي الدولة الفلسطينية فرسومها تبلغ 355 مليون دولار, لم تدفع منها سوى 40 مليون, وحصلت على تسهيلات من السلطة الفلسطينية للبدء بالعمل رغم حجم المديونية الملقاة على عاتقاها, فيما دفعت شركة جوال 50% من قيمة رخصتها التشغيلية, وقسطت الباقي على دفعتين 25% لكل منها, ورغم كل التسهيلات التي تمتعت بها "الوطنية موبايل" إلا أنها تتهاوى في الخسارة حسب تقرير سوق رأس المال الفلسطيني, في المقابل تصرف شركة جوال من هامش ربحها أضعاف خسارة "الوطنية موبايل" للمساهمة في المسؤولية المجتمعية التي وضعتها على أولى اهتماماتها.

وتمهيدًا لحملة انطلاق "الوطنية موبايل" في قطاع غزة, منذ أشهر ونحن نسمع ونرى شعاراتها "جايين يا غزة", باعتقادي لو انطلقت سلحفاة من الضفة الغربية لوصلت القطاع قبل أن تصل الوطنية التي اتحفتنا بشعاراتها الزائفة والإعلانات المستمرة كل شهر عن تأجيل موعد الافتتاح الذي انتظره المواطنين منذ شهر حزيران/يونيو الماضي, الأمر الذي يعكس فشلها الذريع في تقديم الخدمات, إذا ما قورنت بشعاراتها, فيما يسابق الفهد "جوال" الزمن لتحقيق الانجازات.

وفي خضام الشعارات المستمرة, لاحظنا عدة لافتات رئيسية كتب عليها "الكبير وصل", الأمر الذي استوقفني دقائق وأنا أفكر بأن غزة التي خاضت حروب وتحملت الحصار والجوع, وربطت على بطنها من أجل الصمود, هل كانت بحاجة إلى "كبير" لكي ينقذها, أرجو عدم الاستخفاف بكرامة المواطنين أكثر, والتلاعب بمشاعرهم, وصدق المثل القائل, "على الميدان يا احميدان".

وختامًا, البهرجة الزائدة, والشعارات الزائفة, وحجم الحضور القطري والفلسطيني للمشاركة في حفل انطلاق "الوطنية موبايل" لن يروي ظمأ الغزيين, فغزة عرفت بالأصالة في طبعها, وشموخها وصمودها, ولم تعد تؤمن بالشعارات مثلما تبحث عن أرضية ملموسة, لكن هل تستطيع "الوطنية موبايل" منافسة شركة عريقة بحجم "جوال" الذي قدمت ولازالت تقدم من أجل فلسطين وشعبها, الأيام بيننا, ولكل حدث حديث.

بقلم: إياد العبادلة