العدوان على غزة والمصالحة

9999476889.jpg
حجم الخط

 

تقود حيثيات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، حتى الآن، إلى سوء تقدير الاحتلال في حساب النتائج المتوخاة بهدف عرقلة المصالحة الفلسطينية وفي محاولة لكسرّ إرادة الشعب الفلسطيني وتصفية المشروع الوطني وفرض إملاءات التسوية وفق الرؤية الصهيونية.

فليس مصادفةً أن يسقط هذا العدد من الشهداء والجرحى في استهداف العدو أحد أنفاق حركة "الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، وليس مصادفةً توقيت الهجوم السياسي، والأمر نفسه ينسحب على الأسلوب الذي اتبعته في تدمير هذا النفق (صواريخ بتقنية جديدة).

العدوان على غزة يطرح السؤال الاساسي الذي يدور حول طبيعة المشهد والنتائج المحققة وماذا عن المستقبل، هل هو بهدف تقييد المقاومة وتجميدها في مرحلة اولى، تمهيدا الى الغائها واجتثاثها في مرحلة لاحقة ما يمكنه من تصفية القضية على هواه، ولكن تيقن جميع الفصائل والقوى بانهم لن يغادروا الخنادق ويسلموا رأس مقاومتهم، وخاصة ان الساحة الفسطينية تشهد اليوم حراكا لانهاء الانقسام وتطبيق اتفاقات المصالحة  والبناء عليها بالمزيد من وحدة الموقف .

لذلك نرى ان العدوان على نفق غزة جاء بهدف ضرب المصالحة الفلسطينية ، وهذا يستدعي الحذر ،، والعمل من اجل استكمال الحوار الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية واستعادة الدور للقضية الفلسطينية ووهجها، وان تقييد المقاومة في الضفة الغربية لن تنجح  ، لان المقاومة هي مقاومة امة وشعوب من اجل تحرير الارض والانسان.

وامام كل هذه الظروف نرى أن التصدي للعدوان الإسرائيلي يتطلب دعماً عربياً لصمود المقاومة، وليس تضامناً سياسياً فقط، من أجل تعزيز الثبات على الأرض وقلب حسابات العدو ودفعه ثمناً، مثلما يستلزم تحقيق المصالحة ووضع إستراتيجية وطنية موحدة لمجابهة الاحتلال وعدوانه.

مع القراءة السريعة للتصعيد الصهيوني على جبهة قطاع غزة, واستمرار الاعتداءات والاعتقال في الضفة المحتلة, والتي كان أخرها إعدام محمد عبد الله موسى من مدينة سلفيت ومع تمادي الاحتلال في حملة التهويد المسعورة بالقدس المحتلة, وتسارع بناء المستوطنات في الضفة المحتلة, لم يبقى للفلسطيني إلا خيار المقاومة والوحدة, لمواجهة كل هذه المخاطر المحدقة, فالعدو الصهيوني يستعد لمعركة كبيرة, للسيطرة على القدس وهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم.

وفي المحصلة، فإذا كانت الهجمّة الإسرائيلية المحمّومة ضدّ الشعب الفلسطيني تستهدف إعاقة المصالحة حدّ إفشالها، فإن حساب عنصر الزمن، الذي يعدّ عند كثيرين التحديّ الأكبر أمام إنجازها، قياساً بسقفه وديناميات سرعته، لا يستقيم، مهما طال أو قصر، مع ملفات داخلية شائكة تم تأجيلها من مشاهد "توافقية" سابقة، وفي مقدمتها الأمن ومنظمة التحرير والانتخابات، التي يرتبط الاحتلال بها، بشكل أو بآخر، ما لم تتوفر الإرادة الجادّة لتغليب هدف تحقيق وحدة وطنية تشكل أسّاس لمرحلة التحرر الوطني من الاحتلال.

ختاما : في ظل هذه الاوضاع  لا بد من التوجه سريعا للقيام ببناء خطوات ايجابية وإجراءات بناء الثقة بعد العدوان من خلال تعزيز وحدة وطنية حقيقية  تعطش الشعب الفلسطيني لها  ويجب البناء عليها بسرعة من اجل مواجهة غطرسة الاحتلال وعدوانه المستمر، والمضي في اجراءات الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، وبناء ما دمره الاحتلال في غزة وإعادة الثقة للفلسطينيين في نظامهم السياسي من خلال اعادة بناء المؤسسات الفلسطينية التمثيلية