في قصة مطولة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، بعنوان "الأطفال المفقودين من توام"، يكتب دان باري، حكايات عن "بيت الأمهات العازبات وأطفالهن" في مدينة توام الإيرلندية، والقصص المثيرة التي وقعت فيه، في النصف الأول من القرن العشرين.
في تلك الفترة كنّ النساء اللائي يحملن دون زواج يرسلن إلى هذا البيت كنوع من العقاب على فعلهن، حيث يعملن كخادمات هناك وفي المرافق المجاورة، ويتم إعادتهن لأهلهن بعد عام على الأقل يكن قد "تأدبن" خلاله.
لكن أطفالهن الرضع الذين يتم إنجابهم في فترة المكوث ببيت الأمهات العازبات، كانوا يعيشون في ظروف سيئة للغاية، ومروعة لدرجة أن المئات منهم ماتوا جراء الإهمال شبه المتعمد.
وفي العادة فإن هؤلاء الأطفال وعندما يموتون كان ينظر إليهم على أنه من العار دفنهم في المقابر المحلية لعامة السكان من الشعوب الكريمة، حيث يعامل وضعهم باعتباره مخجلاً جداً.
وقبل عدة سنوات، اكتشفت مؤرخة إيرلندية تدعى "كاترين كورليس" القصة الحقيقية التي تتخفى وراء منزل توام، وذلك بعد سنوات من البحث والتقصي المضني. حيصث وجدت أن الاطفال الذين ماتوا في المنزل لم يدفنوا في المقابر المحلية وإنما تم دفنهم داخل أنظمة الصرف الصحي التابعة للمنزل.
ويقدر عدد الأطفال الذين دفنوا في المجاري بـ 796 ضحية، ذنبهم فقط أنهم ولدوا بطريقة غير شرعية
يعود تاريخ بناء منزل توام الذي وقعت فيه هذه الجرائم، التي اكتشفتها كاترين، إلى عام 1846 وكان في البدء يستقبل الجوعى والفقراء، ولاحقا أصبح ثكنة عسكرية لخدمة الحكومة الإيرلندية الجديدة التي تشكلت بعد معاهدة بين المتمردين الإيرلنديين وبريطانيا العظمى في عام 1921، وعلى جداره أعدم ستة من معارضي الاتفاق.
ومن ثم أعادت الحكومة بناء المبنى ليكون من بين المؤسسات التي تهدف إلى أن تصبح من موانئ الخلاص التعسفي للنساء المنكرات في المجتمع، بحيث تموله الدولة ويدار من قبل الكنسية ويخدمن فيه الراهبات.
كان الحمل غير الشرعي في تلك الفترة ينظر إليه ليس كعيب أخلاقي فحسب، بل أيضا يتعلق بمسائل اقتصادية بحتة كميراث الأرض، لأن هذا الطفل الجديد سوف يخرب خطة العائلة في توزيع الأراضي والمزارع.
وإذا سلمت الأنثى الحاملة من الادعاء بأن الطفل لشقيقتها أو تمكنت من الهرب إلى إنجلترا فسوف يكون ملاذها الأخير تلك الدار حيث نظام صارم من التقاليد ذات الجذور الفرنسية.
ويوصف الوضع هناك بأنه حفرة فظيعة، وحشية، حيث تثقل الأم بالواجبات التي ينبغي القيام بها كخادمة فبعد تناول عصيدة الصباح والشاي الروتينيين، يكون على الأم أن تنظف طفلها ومن ثم تمسح الأرضيات وتغسل الملايات القذرة الملطخة بالبول، وغيرها من التكاليف.
وفي سبتمبر من عام 1961 كان إعصار نادر وشرس قد ضرب جميع أنحاء إيرلندا، وأسقط خطوط الكهرباء، ودمر حقول الشعير، وانهارت كذلك الأكواخ، وتطايرت سقوف منزل الأطفال، لتكون تلك ساعة سعد بأن تغلق تلك الدار إلى الأبد، بعد أن قررت مقاطعة غالواي عدم التجديد للمنزل، لاسيما أن العاملين عليه لم يكونوا مدربين بما يكفي.
تم تشميع المبنى الهائل، وحتى الكنسية المجاورة أصبحت مرتعاً للعب الأطفال، ومع مضي السنوات تقدمت المقاطعة بمشروع لهدم المنزل وبناء بيوت مدعومة مكانه للفقراء، لتسكن مكان أصوات الأطفال وصراخهم هسهسات الأشباح الليلية لجماجم الصغار المدفونة في المكان.