حصلت مصر على ملياري دولار تمثل قيمة الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي، البالغ 12 مليار دولار، الذي جرى الاتفاق بين القاهرة والصندوق على ضخه في خزينة مصر في غضون 3 سنوات.
وأعلنت بعثة صندوق النقد الدولي في بيان لها، الجمعة، اتفاقها مع الحكومة المصرية، على صرف الشريحة الجديدة من القرض، بعدما أنهت المراجعة الثانية لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي يدعمه الصندوق.
ويخضع الاتفاق المعقود على مستوى الخبراء لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق.
وتخطط الحكومة المصرية لتوجيه حصيلة الاقتراض من الصندوق لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة دون تحديد أوجه إنفاق محددة، بينما يستفيد البنك المركزي المصري بالمقابل النقدي بالعملة الأجنبية لهذا التمويل لدعم رصيد احتياطي العملة الأجنبية لديه.
وتسلمت مصر في نوفمبر ويوليو الماضيين دفعتين من قرض الصندوق النقد الدولي بلغ مجموعهما 4 مليارات دولار، ليصل بذلك إجمالي ما حصلت عليه مصر 6 مليارات دولار تمثل 50 بالمئة من قيمة القرض.
واختتمت بعثة صندوق النقد الدولي القاهرة زيارتها للقاهرة التي استمرت نحو أسبوع، عقدت خلالها لقاءات مكثفة مع وزراء الحقائب الاقتصادية في الحكومة المصرية لمناقشة سير برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري ومدى تحقيق المستهدفات الاقتصادية والمالية المتفق عليها، وأهمها ارتفاع معدل النمو الحقيقي خلال الربع الأخير من 2016-2017 إلى نحو 4.8 بالمئة، وانخفاض معدلات البطالة إلى 11.9 بالمئة في يونيو 2017 مقابل 12.7 بالمئة في يونيو 2016، وخفض العجز الأولي بنحو 50 بالمئة خلال 2016-2017 ليصل إلى 1.8 بالمئة من الناتج المحلي مقابل 3.6 بالمئة من الناتج المحلي في العام المالي السابق، وارتفاع قيمة الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى معدلات قياسية تتعدى 36 مليار دولار وهو ما يغطى نحو 7 أشهر من فاتورة الواردات.
وتوقع الصندوق الشهر الماضي أن ينمو اقتصاد مصر 4.5 بالمائة في السنة المالية 2017-2018، وأن يبلغ متوسط التضخم في أسعار المستهلكين بمصر في السنة ذاتها نسبة 21.3 بالمائة.
يأتي ذلك بالتوازي مع إعلان مؤسسة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، الجمعة، عن قيامها بمراجعة النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من "مستقر" إلى "إيجابي"، مع الإبقاء على درجة التصنيف الائتماني بكل من العملتين الأجنبية والمحلية عند درجة -B.
وتعتبر هذه المراجعة الإيجابية الأولى من نوعها منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في عام 2016، خاصة أن النظرة المستقبلية الإيجابية تعكس احتمالية كبيرة لرفع درجة التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري خلال الـ 12 شهرا المقبلة، مع استمرار القاهرة في تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية والمالية والنقدية.
كما أشار تقرير "ستاندرد آند بورز" إلى استمرار وجود عدد من التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري التي يمكن أن تؤثر سلبا على النظرة المستقبلية، على رأسها تباطؤ وتيرة تنفيذ الإصلاحات المستهدفة لضبط المالية العامة وخفض مؤشرات الدين العام، وكذلك انخفاض مستويات الاحتياطي النقدي الأجنبي، أو حدوث اضطرابات سياسية من شأنها التأثير على وتيرة التعافي الاقتصادي.
الجدير بالذكر أن بعثة من مؤسسة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني زارت مصر خلال شهر أكتوبر الماضي، ضمن عملية المراجعة السنوية لجدارة التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري.
رهان الحكومة
وتراهن الحكومة على أن تساهم تلك التطورات الإيجابية في تعزيز درجة الثقة في الاقتصاد المصري، وتعزيز استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي، لدفع النشاط الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، لخلق فرص عمل جديدة حقيقية تحتوى الداخلين الجدد بسوق العمل، إضافة إلى تحسين القدرات المالية للدولة لزيادة القدرة على الانفاق على الخدمات الأساسية في قطاعي التعليم والصحة، وكذلك الانفاق على الاستثمارات في البنية التحتية لتطوير مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين بشكل حقيقي وملموس، بما في ذلك مشروعات الإسكان الاجتماعي لأصحاب الدخل المتوسط والمنخفض، وتطوير العشوائيات والقرى الأكثر فقرا والطرق، والمواصلات العامة، والمياه والصرف الصحي، وغيرها من الخدمات الأساسية المقدمة للمصريين.
ويستهدف البرنامج الاقتصادي المصري الشامل المتفق عليه مع الصندوق، تحقيق معدلات نمو اقتصادي تصل إلى نحو 5.5 بالمئة في العام المالي 2018-2019، وبما يسمح بخفض معدلات البطالة من خلال تطبيق عدد من الإصلاحات الهيكلية التي تسمح بزيادة تنافسية الاقتصاد المصري وزيادة نسبة ومعدلات التصدير وكذلك تحسين مناخ الاستثمار، مع خفض عجز الموازنة الأولى (بعد استبعاد الفوائد) من معدل 3.5 بالمئة من الناتج المحلى عام 2015-2016، ليتحول إلى فائض بدءا من عام 2017-2018، وخفض حجم الدين الحكومي إلى نحو 90 بالمئة من الناتج المحلى عام 2018-2019، بحيث تساعد هذه التطورات - بالإضافة إلى السياسة النقدية المتبعة - في تحقيق استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلى وخفض معدلات التضخم بحلول عام 2018-2019.
وتركز تفاصيل المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري على إيجاد برامج متكاملة للحماية الاجتماعية خاصة برامج الدعم النقدي، ودعم الخبز والسلع الغذائية، وبرامج الدعم الأخرى التي تراعى تحسين أساليب الاستهداف للوصول إلى الفئات الأولى بالرعاية، والعمل على مساندة قطاعي التصدير والصناعة لخلق فرص عمل حقيقية للشباب، والعمل على دفع معدلات الاستثمار وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، والعمل على توفير موارد الطاقة بشكل مستدام وكفء، وزيادة القيمة المضافة ومساهمة قطاع الطاقة في النشاط الاقتصادي، والعمل على زيادة معدلات وقيمة الصادرات المصرية وقدرة المنتج المصري على النفاذ إلى الأسواق العالمية، ورؤية الدولة لتشجيع القطاعات الإنتاجية المختلفة بما فيها الصناعات الصغيرة والمتوسطة.