كشف يوسف ندا ، المفوض السابق للعلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمين، عن استعداده "لاستقبال من يريد الخير لمصر وشعبها"، وذلك في إشارة منه على ما يبدو أنه مستعد للوساطة أو المصالحة لإزالة حالة الاحتقان بين الجماعة في مصر والسلطة القائمة، دون أن يذكر ذلك صراحة.
وقال ندا في رسالته التي دونها مطلع شهر يونيو الجاري : "أذّكر بالآية الكريمة (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) ، وأنا جاهز ومستعد لاستقبال من يريد الخير لمصر وشعبها وقادر على ذلك إن شاء الله".
وخاطب الرجل الغامض في الجماعة من أسماهم "المخلصين من أبناء الجيش المصري" قائلًا": "إن تمسكنا بالشرعية هي لحمايتكم وحمايه ذريتكم وأبناء مصر جميعًا من المصير الذي تجرفنا هذه الفئة إليه"، واستدرك ندا (البالغ من العمر 84 عامًا ويتواجد خارج مصر منذ سنوات) قائلًا: "أنا لا أدعي أن الجيش المصري فاقد الوطنية وفاسد، ولكن أقول بوضوح أن بعض قياداته المتحكمة فيه هي كذلك".
وتابع في السياق ذاته: "إن كان منكم (قيادات الجيش المصري) من يريد إعاده ترتيب الأوراق، والتجاوب مع حقوق هذا الشعب ومصالحه، فليس هناك شرعية أخرى تقف أمام ذلك أو تعارضه، ولا بد أن تكون هناك وسائل كثيرة لتثبيت الشرعية في فترات تختلف عن الوسائل في فترات أخرى"، دون أن يعطي مزيدًا من التوضيح لتلك الوسائل بشأن التعامل مع الشرعية".
واعتبر أن "مهمة القوات المسلحة في كل دول العالم هي فقط الدفاع عن الدولة ضد أي عدو خارجي، وليس الدفاع عن الحكومة ضد الشعب الذي يقتطع من قوته ليعزز ويسلح ويجهز هذا الجيش، أما في مصر فمن آن لآخر تظهر مجموعات من الجيش تكافئ الشعب الذي يطعمهم ويسلحهم بأن ينقلبوا عليه ويسلبوه حريته وقوته بل ومستقبله ويفرضوا وصايتهم بعنف واستعلاء وقسوة".
وحذر ندا من أن "تتحول مصر إلى دولة فاشلة أو دويلات بدائية تتحارب مع بعضها"، مشيراً إلى أن "الوضع مرشح في مصر للانفجار مرة أخرى، وستكون نتائجة مدمرة لمصر لعقود" على حد قوله.
ولفت إلى أن توقعه للانفجار يأتي في ظل "أن القائمين على الدولة غير قادرين على معالجة الأمور الاقتصادية رغم المنح والقروض والايداعات من الدول العربيه أو الأجنبية المساندة للحكم الحالي بامتيازات ونسب فوائد مرتفعة وبيع أملاك مهمة للأمن الوطني (لم يحددها)".
وكشف مصدر إخوانى فى بريطانيا أن ندا يتحرك منذ فترة فى إطار عدد من المحاولات لحلحلة الوضع فى مصر، على حد تعبيره، مضيفا: هناك اتصال سعودى تونسى للتوصل لحل للأزمة أو مصالحة فى مصر».
وأكد المصدر أن تحركات ندا ليست بعيدة عن تحركات الشيخ راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة «إخوان تونس» الذى يزور المملكة العربية السعودية فى الوقت الراهن، مشيرا إلى أنه «يبذل جهودا مع المسئولين بالمملكة فى محاولة لعدم تصعيد الأزمة فى مصر»، خاصة بعد إحالة أوراق مرسى للمفتى.
وحول ما إذا كان ندا مفوضا من قبل قيادات المكتب الإدارى لإخوان مصر بالخارج، قال المصدر «تدخل ندى أكبر من مكتب الإخوان المصريين الذى يتخذ من اسطنبول فى تركيا مقرا له».
من جانبه، علق أنور عشقى رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بجدة على المساعى التى يقوم بها الغنوشى لإقناع السعودية بالقيام بدور وساطة ورعاية مصالحة فى مصر، قائلا: «ما يقوم به الغنوشى نوع من الأمل الذى يريد تحقيقه على أساس اتفاق المملكة ومصر حول هدف واستراتيجية عليا وهى الأمن القومى العربى واستقرار الأوضاع فى المنطقة».
وتابع عشقى، المقرب من دوائر صنع القرار فى المملكة أن المصالحة دائما مطلوبة ونتمنى أن ينخرط إخوان مصر فى العملية السياسية ووقف التصعيد، وان تكون لغة الصناديق هى الحاكمة فى مصر، مشيرا إلى أن المملكة لا تمارس ضغوطا على القاهرة أو أى طرف وإنما تقدم نصيحة وتبدى رأيا لأنها تريد ان يكون الجميع على وفاق.
ومنذ نحو عامين، طرحت أحزاب وقوى سياسية مختلفة وشخصيات دينية وعامة وهيئات دبلوماسية غربية، أكثر من مبادرات للمصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الحالي، غير أنها لم تظهر للنور وسط إصرار من الطرفين على أن الأمر "غير قابل للمصالحة".