عندما أدرك المبتكران الفلسطينيان عصمت تفاحة والمهندسة لما منصور أن أحلامهما بخصوص تحقيق النجاح لن تتحقق بسبب القيود المفروضة على بلدهما غادراه لايجاد مكان لمنتجاتهما على الساحة العالمية.
ونقل كل من لما منصور وهي مستشارة تطوير أعمال وعصمت تفاحة وهو مهندس شركتهما الناشئة للابتكارات من الأراضي الفلسطينية إلى استونيا لإنهاء عائق يتمثل في المعوقات القانونية الاسرائيلية ونقاط التفتيش والقيود المفروضة على استيراد السلع. وسبق للما وتفاحة أن ابتكرا شاحن هاتف خفيفاً وعملياً وسريعاً أسمياه "ذا نوت".
وعلى الرغم من أن شركتهما "بولد جادجيتس" تبيع عدداً من المنتجات التقنية فان أشهر منتج لها هو "ذا نوت" أو العقدة لأنه واحد من حلول شحن بطاريات الهواتف المحمولة بطريقة نادرة ذات منافع كبيرة حيث انه سريع ومُعَمر وقابل للحمل وأنيق. ويشحن "ذا نوت" الهواتف من خلال منفذ "يو.إس.بي" بسرعة مضاعفة بالمقارنة مع الكوابل الأخرى.
وبمجرد أن يتم شحن الهاتف بالكامل يبدأ الشاحن بشحن بطارية داخلية مخفية تلعب دور مصدر طاقة للطوارئ يكفي للعمل بشكل مستقل نحو ثلاث ساعات.
وكل من لما منصور وعصمت تفاحة في الثانية والعشرين والتقيا في الجامعة, وأسسا شركتهما في عام 2014 لكنهما أُحبطا من القيود المفروضة على الحدود قرب منزليهما, بالتالي جاء تفكيرهما في نقل شركتهما إلى مكان آخر.
وعن ذلك قالت لما منصور المؤسسة المشاركة لشركة بولد جادجيتس "لو أردنا على سبيل المثال طباعة نماذج محاكية مثل أغطية أو أغلفة في فلسطين فعلينا أن نشحنها من خارج البلاد وذلك يستغرق شهراً, الآن لدينا طابعة ثلاثية الأبعاد هنا في المكتب. بوسعنا طباعتها في دقيقة واحدة لتصبح في أيدينا, كدولة حرة مفتوحة الحدود, إذا كان هناك مؤتمر في هلسنكي بوسعنا الذهاب هناك بحرية, في فلسطين لا يكون ذلك ممكنا. نحن مقيدون جغرافياً بهذه المنطقة وهي منطقة فقيرة جدا فيما يتعلق بالموارد".
وانتقل المبتكران إلى استونيا في مارس /آذار 2015 حيث بدأ انتاج أول نموذج لمنتجهما الفائز في غضون شهرين, وفي نفس الوقت تمكنا من جمع مال من خلال موقع جمع التبرعات "انديجوجو" على الانترنت.
وأتاحت لهما حملة التبرعات فرصة أثبتت لهما أن انتقالهما كان مستحقا. وأشارت لما منصور إلى أنه كان أمامهما ثلاثة شهور لتحقق شركتهما تقدما خلال الفترة الأولى المسموح لهما بالاقامة فيها في استونيا بموجب تأشيرة الدخول.
وقالت لما وعصمت إنهما أنجزا خلال شهرين فقط في استونيا ما كان يمكن أن ينجزاه خلال عام كامل في الضفة الغربية. أضافت لما منصور لتلفزيون رويترز "استونيا بها نظام ودود ومتعاون فيما يتعلق بالشركات الناشئة. الجميع متعاون للغاية, الكل يساعد, قرأنا عنها قبل حضورنا إلى هنا واكتشفنا أنه شيء رائع بالفعل أن تكون في أوروبا.. ليس وسط أوروبا بالفعل لكنها لا تزال مفتوحة لكل الموارد. كأن هناك فارقاً شاسعاً بينها وبين البلاد التي جئنا منها".
من جانبه تطرق عصمت تفاحة شريك لما بالتفصيل إلى بعض المزالق التي كانت ستتعرض لها شركتهما الناشئة في الأراضي الفلسطينية. وقال "الأمر مكلف للغاية. إذا أخفقت في فلسطين فان كل شخص يقول لك: ألم أقل لك ذلك..ألم أقل لك ان ذلك لن ينجح. أما هنا فاذا أخفقت فالناس ينظرون لك باعتبارك رجل صاحب تجربة وخبرة. لكن هناك المسألة مكلفة من جميع الأوجه".
ويتميز شاحن "ذا نوت" أيضاً بصغر حجمه المناسب للجيب كما يمكن استخدامه كسلسلة مفاتيح أو زينة يمكن ارتداؤها الأمر الذي يجعله الحل الأنسب أثناء التنقل على جميع المستويات.
وقال عصمت تفاحة إنه نظراً لنقص الكهرباء في الأراضي الفلسطينية فان شاحن "ذا نوت" هام للغاية هناك. أضاف تفاحة "بنك الطاقة المتوفر في السوق كبير الحجم..ضخم..مثل صندوق كبير من البلاستيك.
لذا فإننا حاولنا انتاج شيء يكون أقرب للاندماج مع الأسلوب اليومي لحياة الشخص. الجميل هنا أن هذه الأمور موجودة معا هنا (في شاحن ذا نوت), يمكنك وضعه في حقيبتك أو سلسلة مفاتيحك أو في سروالك الجينز.
هذا أمر لا يتاح في المنتجات الأخرى, شئ آخر هو أن "اليو.إس.بي" نفسه مدمج في المنتج وبالتالي يمكنك شحن هاتفك بشكل طبيعي. يمكنك شحنه وما ان تنتهي من ذلك تأخذ الشاحن معك. هاتفك مشحون ومعك نحو 30 بالمئة (من طاقة الشحن) إضافية في الشاحن (ذا نوت) نفسه".
وبعد بضعة أسابيع من طرح اسم المنتج على موقع "انديجوجو "طلب الشاحن (ذا نوت) نحو ألف عميل وهو عدد تجاوز الأهداف الأولية للشركة. وأتاح المال الذي حصلت عليه الشركة الناشئة من التبرعات لها أن تنتج بأسرع من المتوقع وأن تتعامل مع شركات أخرى في أنحاء العالم.
وعبرت لما وتفاحة عن سوء حظهما لعدم تمكنهما من العمل قرب وطنهما لكنهما قالا انهما يركزان على العمل مع شركاء في مناطق أخرى من الشرق الأوسط .
وقالت لما منصور "ما زلنا نريد التوسع في الشرق الأوسط. أتصور أن لنا ميزة هي أننا من المنطقة وليس هناك شركة مثلنا في المنطقة. أرى ان لدينا هذه الميزة..أننا من هناك..ننتمي للثقافة وأيضا نحب تجربة دخول هذه الأسواق".
ويأمل المتبرعون لانتاج شاحن (ذا نوت) أن يُسَوق خارج أوروبا بحلول أكتوبر/ تشرين الأول القادم متمنين أن يساعد ذلك صاحبي شركة الابتكارات الناشئة على تقديم مزيد من الابتكارات مستقبلاً.