حــــــــان موسم الــقــطــاف

صادق الشافعي.jpg
حجم الخط

وكأن الثمر قد اينع واستوى وحان موسم قطافه.
وفي مواسم القطاف تنهمك كل الأطراف المعنية بتحضيراتها للقيام بدورها في عملية القطاف وضمان حصتها من ذلك الثمر، سواء كانت الحصة مباشرة او غير مباشرة. وفي زمن القطاف يكثر المتطفلون والطامحون، وحتى المتسولون.
في سورية اينع الثمر وحان موعد القطاف وتنشغل كل الاطراف بضمان حصتها فيه. والأطراف كثيرة وكل طرف منها له موّاله، المختلف عن مواويل الأطراف الأُخرى وربما المتناقض مع بعضها، ومعظمها نشاز.
منها الدولي الذي يغني موّال مصالحه الاستراتيجية ومصالح حلفائه وأصدقائه، وتوازنات القوى الكونية.
ومنها الإقليمي الذي غيّر موّاله عندما تغير ميل ريح الاحداث على ارض الواقع، فبعد ان كان الطامح الاول والبوابة الاهم لعبور شخوص ومستلزمات ومقومات العدوان تحول الى الباحث عن حصة وترتيبات بادعاء ضمان امنه الوطني.
ومنهم المحلي الذي غنى موّال البحث عن حقوق تراعي خصوصياته القومية في اطار الدولة الواحدة وسيادتها، فاصبح في موسم القطاف يغني موالا مختلفا تماما ويطالب بحصة من الموسم لا تستثني الانفصال عن الدولة الواحدة. وهو في مواله يضرب بسيف القوة الدولية الاولى، ويقدم مؤشرات على استعداده ان يكون حاضنة الناجين والفارين من قوى الإرهاب المهزومة بلباس جديد، ومؤشرات على جاهزيته ان يكون البديل المحلي لتلك القوى بشكل وهيئة واهداف تلبس ثوبا جديدا. وهو في ذلك لا يتعظ باستعداد القوة الدولية الأولى لخذلانه وبيعه في اول مساومة تنخرط فيها كما حصل في تجارب سابقة.
ومنها قوى المعارضة السورية، السياسية والمسلحة ( لم تعد تفرق) يبحثون عن موّال لهم يغنونه في موسم القطاف بعدما اضاعوا مواويلهم وتفرقوا وتحولوا الى ملاحق للقوى والدول الدولية والاقليمية، وبعدما نضب الى حد كبير عمقهم الجماهيري الوطني.
ثم هناك، تلك القوة العدوة تمدّ برأسها محاولة اقتحام المشهد تغني موال امنها وضماناته، وتسعى وراء دور ومصالح ولو من موقع المستظل بحلفائه الدوليين.
وحدها الأطراف الحليفة التي ناصرت الشعب والدولة الوطنية السورية لم تغير موالها.
فقد استمرت تغني نفس موّال وحدة سورية وسيادتها واستقلالها ووحدة وتعايش مجتمعها بكامل تنوعه وغناه، منذ بداية الحرب على سورية وطوال سني احداثها، بغض النظر عن امكانية وجود طموحات لدى البعض منها بتحالفات سياسية دائمة. وما زالت تغني نفس الموال في موسم القطاف.
 ما كان للثمر ان يونع ولموسم القطاف ان يحل لولا، بداية، القرار الوطني السوري بالصمود والتصدي دفاعا عن وللحفاظ على الدولة الوطنية السورية وسيادتها ووحدة أراضيها ووحدة وتعايش مجتمعها بكامل تنوعه وغناه.
وما كان للقرار ان يعطي مفاعيله لولا احتضانه من قبل اهل الوطن السوري مقترنا مع استعدادهم دفع كل ثمن في سبيل تحقيقه.
وما كان ذلك ممكن التحقق، الا على اكتاف الجيش العربي السوري بكل تشكيلاته، النظامية والأهلية المساندة، والتضحيات التي قدموها. والا مع الدعم والاسناد السياسي والاقتصادي والعسكري الواسع والمتواصل من قبل قوى حليفة فاعلة وقادرة.
ما كان للثمر ان يونع ولموسم القطاف ان يحل، الا بعد ان انجز الجيش العربي السوري مدعوما من حلفائه تحرير والسيطرة على الاغلبية الكبرى من مساحة أراضي الوطن العربي السوري. والا بعد ان انهى بتحرير مدينة البوكمال سيطرته بذلك على كل مدن سورية، وبذلك وبالتكامل مع إنجازات قوات الدولة العراقية وسيطرتها على كل مدن العراق، اتم انهاء وجود دولة «داعش» الإرهابية.
ما تبقى خارج السيطرة المطلقة إما مناطق معزولة فاقدة القدرة على تأخير الموسم ومنع القطاف، وإما مناطق لا حول لها ولا خيار امام القوى المتحكمة بها الا الالتحاق بقطار التسوية السياسية الذي تشكل الدولة عنصر التوازن والحسم، وبيضة القبان فيها .
على سطح الحركة السياسية في موسم الحصاد تكثر المنصات وتتعدد الاجتماعات واللقاءات والمشاريع . فهناك هذه الايام اجتماع جنيف اواخر هذا الشهر، وهناك قمة سوتشي، وهناك اجتماع قوى المعارضة لتوحيد موقفها ومشروعها، والذي حصل قبل بدايته استقالة 9 من قادتها المعروفين، وهناك المشروع التركي حول عفرين وادلب، وهناك طموحات قوى سورية الديموقراطية كما تمت الاشارة له.
 هذه الحركة السياسية بكل مفرداتها وغيرها، تلتقي على موال « الحل السياسي».
يحصل ذلك بعد ان أصبحت جميع الاطراف تعلن استحالة الحل العسكري( في الواقع بعد ان حسم العمل العسكري معظم الامور الجوهرية وفرض حقائقه الحاسمة على ارض الواقع) ، وبعد ان تخلت معظم الأطراف عن معظم شروطها ومشاريعها السابقة.
اما عن الحل السياسي الممكن القابل للحياة والتطبيق فهو ذلك الذي يأتي بمكونات سورية خالصة وبطعم ونكهة سوريتين ويتمسك بوحدة الوطن السوري واستقلاله وسيادته.
وهو الحل الذي يفتح الباب الى أوسع مشاركة جماهيرية، والى تعميق الديموقراطية بكل تعبيراتها وتجلياتها واعتمادها أساسا وطريقا الى إدخال ما يلزم من تطوير على النظام ومكوناته . والذي يعلن في الوقت ذاته ان اي خروج عن الدولة السورية ووحدتها وسيادتها، مهما كان ادعاء أسبابه وظروفه ومراميه، هو خروج غير دستوري ينتهك السيادة الوطنية ويستدعي التعامل معه على هذا الأساس، ولا يجب قبوله والاعتراف به.
 وهو الحل الذي يتناسب مع حجم المعاناة والآلام التي عاشها الشعب العربي السوري بكل أشكالها ومستوياتها، ويفتح أمامه الآفاق واسعة نحو التعمير والبناء والنهضة الشاملة، وهو قادر عليها وأهل لها.