سؤال يقف على ناصية الحلم

Pen-book
حجم الخط

ترتسم أحلام أبناء الوطن على شفاههم ...وفي عيونهم الحائرة ...ابتسامة تغيب طويلا ً...ولا تظهر إلا عندما يكتبونها على جدران المدارس والبيوت ...أو على جذوع الأشجار المتناثرة في الحي ...أو ربما على رمال شاطئ البحر اليتيم ...لتعلنها مفارقات الحياة أحلاما ً مؤجلة ...أو بعيدة المنال ...أو مستحيلة التحقيق ....فرمال البحر تهب عليها الأمواج  لتمحوها وتجددها ....

وكذلك جذوع الأشجار إما تقتلع أو تموت مع مرور الزمن ....وحتى تلك الجدران التي ظنناها يوما ً سندا ً صلبا ً وقاعدة ً قوية يمكن أن نسجل عليها ما نحلم وما  نفكر به ...باتت من الماضي مع أول غارة ٍجوية من قبل طائرات الاحتلال ...تسقط عليها ...فتهدمها وتمحو تلك الأماني  ...والذكريات ...والأحلام ...

تُرى ..لو فكر الغزي أن يبقى هذا الحلم في صدره فهل سيسلم جسده ويحفظ تلك الأمنيات  ؟؟وإن حفظها لوقت ٍ محدد هل سيستمر الحلم أو يتمدد؟؟؟

كثيرة تلك الأسئلة التي تجول في خواطرنا ...وتجعلنا نسترسل في أفكارٍ كثيرة تحملنا إلى عالم اللامعقول ...و اللاممكن في وطن ٍمحاصر ...محتل ...ومكسور الخاطر دائما ً ...إن لم يُجرح رأسه ...فحتما ً قدمه مصابة ...وإن لم تسلم أطرافه ...فلابد من وجعٍ  وألم ٍ في باطنه ...!! بتنا نتفقد هذا الجسد بعد كل نكبة  يعيشها هذا المنكوب ...لنبحث  عن مؤشرات السلامة والعافية إن وجدت ...وكيف نقوم بصيانتها ...

لا أقول عشرات الأسئلة تجتاحنا فقط ...بل ربما المئات منها ...تحفظها أذهاننا وربما تلفظها شفاهنا أولا تفعل ... تبحث عن إجابات ٍ شافية أو شبه مكتملة ...فنراها تسقط  سؤالاً خلف الآخر ..وتتهاوى.. وتُختصر في سؤال ٍ واحد على الأرجح في نهاية المطاف ...."كيف لنا أن نكون ما نريد ؟؟" هذا السؤال الصعب الذي اختزل آلاف الأسئلة ...وكتب عنه شعراؤنا قصائد مختلفة ...وألف فيه كتابنا وروائيونا  الآلاف من المقالات والروايات والقصص المتنوعة حسب تنوع حياة الفلسطيني ..ومراحل عيشه منذ ما يقارب القرن من الزمن ....

ربما لا أستطيع الحديث عن زمن يسبق هذا القرن ...وأنا ابنة هذا الزمان ..وهذا العصر ...وأنتم أيضا ً...ولكن يكفيني أن أمر على هذا العصر تحديدا ً لأستطيع أن أحلل وأرصد حياته وما مر به من كوارث وأزمات ..ومصاعب لأكتشف كيف يكون هذا الفلسطيني ما يريد ...

سؤال ٌ يقف على ناصية الحلم ...حلم درويش الذي رحل وهو ينتظر أن يحقق حلمه ...حلم بين البعيد المأمول ...وبين ما يصنعه الواقع من أزمات  يسير على ضوئها ...ويتلمس الطريق ...

كناج ٍ من ساحة المعركة ...نهض بجسده المثخن بالجراح وقادته قدماه للسير على مئات الجثث من تحتها ليعلن للشمس والسماء والأرض أن هناك من نجا ...وأن الحلم لن يموت ...مازالت هناك أنفاسٌ تخوض الأثير ...وشفاهٌ تتحدث ...وقلب ٌ ينبض بالحياة ...

أن ينهض الفلسطيني ليعلن عن ميلاده بعد الموت هي أعجوبة الزمان ....وهي قيامة الإنسان الذي يحمل قضية ً بين أضلعه ...مهما حاول الجاني إسكات صرخاته ستظل تدوّي في الفضاء ...ويتردد صداها لتسبب تلوثا ً سمعيا ً لأذن القاتل ...وستلازمه إلى أن يرحل ...ويتلاشى ....

ويبقى السؤال محور حياة الفلسطيني ...هدفاً ..وحلما ً ..وفكرا ً ..وعقيدة ً..و مبدأً ً يسير على  هداه ..ويتلمس خطاه ...متيقنا ً أنه لابد أن يتحقق يوما ً ...ويكتمل الحلم ...ويصل إلى منتهاه ...ليعلن ميلاد الوطن ...وميلاد فجر الحرية القادم ......