دعا الأسير مروان البرغوثي عضو مركزية حركة "فتح"، السلطة الوطنية والحكومة والأجهزة الأمنية إلى تكريس سيادة القانون واحترام استقلال القضاء وحقوق الإنسان والمواطن، بالإضافة إلى إعادة النظر في وظائف السلطة بما يخدم وينسجم مع مرحلة التحرر الوطني .
وأضاف البرغوثي من سجنه في رسالته في الذكرى الثلاثين للانتفاضة الفلسطينية الأولى: "تأتي ذكرى الانتفاضة الأولى في وقت ما زال شعبنا وأرضنا ومقدساتنا ترزح تحت الاحتلال، والاستيطان يتضاعف يوماً بعد يوم، ويجري تهويد القدس، ولحصار على غزة مازال مستمرًا".
وفي سياق آخر قال البرغوثي على "فتح" و "حماس" الدخول في حوار عميق وشامل وصريح ومغلق يهدف الخروج بوثيقة العهد والشراكة الكاملة في إطار "م.ت.ف" التي يشارك فيها الجميع، وتتولى الحكومة إدارة الشأن الداخلي والخدماتي، على أن يعقب هذا الحوار عقد مؤتمر وطني للحوار الشامل.
نص الرسالة كاملا:
بيان صادر عن القائد الوطني مروان البرغوثي
بمناسبة ذكرى الانتفاضة الشعبية الكبرى
في الذكرى الثلاثين للانتفاضة الشعبية الباسلة المجيدة التي سطر فيها شعبنا العظيم ملحمة جديدة في سفر النضال والكفاح الوطني المتواصل منذ بداية الغزو الصهيوني لبلادنا، فاننا نتوجه بتحية الإجلال والإكبار لشهداء الانتفاضة الأولى، وفي مقدمتهم أمير الشهداء القائد خليل الوزير (أبو جهاد)، وكل شهداء شعبنا وأمتنا والأصدقاء، كما نتوجه بكل التحية لأسرى الانتفاضة الأولى وجرحاها وقادتها ومناضليها وللشعب الفلسطيني الذي صنع هذه الملحمة البطولية، ونتوجه بالتحية إلى شعبنا الذي احتشد بمئات الآلاف في الحادي عشر من تشرين الثاني لإحياء ذكرى الشهيد القائد المؤسس ياسر عرفات، الذي تجدد فيه العهد والقسم على مواصلة مسيرة الحرية والعودة والاستقلال.
تأتي ذكرى الانتفاضة الأولى في وقت ما زال شعبنا وأرضنا ومقدساتنا ترزح تحت الاحتلال، والاستيطان يتضاعف يوماً بعد يوم، ويجري تهويد القدس، وتكريس الاحتلال، وتواصل الاعتقالات والاقتحامات، وإستمرار الحصار الظالم على قطاع غزة، وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية، ومصادرة الأرض، وإهانة المواطنين على الحواجز وهدم البيوت وإقتلاع الأشجار، ويأتي ذلك كله في إطار إستراتيجية استعمارية إسرائيلية تهدف إلى تقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وتهدف لتكريس الاحتلال في حدود فلسطين الإنتدابية وعزل الفلسطينيين في كانتونات تخضع لسلطة فلسطينية ذات صلاحيات مدنية وإدارية وشرطية خاضعة كلياً لسطوته. وتأتي ذكرى الانتفاضة الكبرى في وقت انطلقت فيه المصالحة الوطنية برعاية مصرية مشكورة، وتأتي هذه الذكرى في ظل متغيرات دولية وإقليمية وعربية وإنشغالات كبيرة وتحديات مصيرية غير مسبوقة، وتأتي بالتزامن مع مرور مائة عام على جريمة وعد بلفور، وكذلك في ذكرى مرور نصف قرن للإستعمار الصهيوني الإسرائيلي واحتلال الأراضي العربية عام 1967، ومرور 69 عام على النكبة الفلسطينية والتطهير العرقي. وقد سجل عام 2017 الذي يحيي فيه شعبنا الذكرى الثلاثين للانتفاضة الأولى حدثين هامين، هما معركة الحرية والكرامة التي خاضها الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال وسطر فيها الأسرى ملحمة بطولية وخاضوا أطول وأشرس إضراب عن الطعام منذ نصف قرن، وكذلك معركة القدس والأقصى الباسلة التي خاضها شعبنا في القدس دفاعاً عن الحق الفلسطيني والمقدسات.
وبهذه المناسبة فانني :-
1- أدعو شعبنا العظيم في كل مكان إلى إحياء الذكرى الثلاثين للانتفاضة الوطنية الكبرى عبر تنظيم المسيرات والاعتصامات والتظاهرات والندوات والمؤتمرات تأكيداً على التمسك بروح هذه الانتفاضة وقانونها الذي يقضي باستحالة التعايش مع الاحتلال والاستيطان، ورفض هذه الحالة، وواجب مقاومته، والإصرار على الحق المقدس لشعبنا في تقرير مصيره والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس، والتمسك بخطاب التحرير الوطني والتعامل وفق شروط حركة التحرر الوطني.
2- دعم ومساندة المصالحة الوطنية، ودعوة شعبنا إلى حمايتها وتحصينها، وتنظيم المسيرات والاعتصامات والمؤتمرات دعماً لها والإصرار على طي صفحة الانقسام الأسود، والتمسك بمبدأ الشراكة الوطنية الكاملة في إطار (م.ت.ف) والسلطة والتشريعي والوطني على قاعدة التعددية الديمقراطية، ولا يجوز تفويت هذه الفرصة التاريخية، والتاريخ لن يغفر لمن يعطل المصالحة والوحدة الوطنية. وندعو إلى تتويج المصالحة بإجراء إنتخابات رئاسية وتشريعية ولعضوية المجلس الوطني، لتجديد شباب النظام السياسي الفلسطيني وضخ دماء جديدة فيه وفي عروقه اليابسة، وحماية الديمقراطية في فلسطين.
3- دعوة اللجنة المركزية لحركة فتح، والمكتب السياسي لحركة حماس، وبمشاركة جميع أعضاءها دون إستثناء للدخول في حوار عميق وشامل وصريح ومغلق يهدف للخروج بوثيقة العهد والشراكة الكاملة في إطار (م.ت.ف) التي يشارك فيها الجميع، وتتولى الحكومة إدارة الشأن الداخلي والخدماتي، على أن يعقب هذا الحوار عقد مؤتمر وطني للحوار الشامل بمشاركة كافة الأطراف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وممثلي كافة الشرائح والقطاعات.
4- اهتداءا واقتداءا بروح الانتفاضة المجيدة، وبروح المقاومة الشعبية التي يخوضها شعبنا في العديد من المناطق، واستلهاماً بروح هبة القدس والأقصى التي سجل فيها شعبنا وبخاصة في مدينة القدس ملحمة بطولية دفاعاً عن المقدسات، فاننا ندعو شعبنا إلى توسيع دائرة المشاركة في المقاومة الشعبية السلمية، واعتبار التصدي للاحتلال والاستيطان أولوية مقدسة لشعبنا، ودعوة السلطة وحكومتها إلى توفير كل مقومات الدعم والمساندة لهذه المقاومة والدعوة لمقاطعة جادة وشاملة للبضائع والمنتجات الإسرائيلية، ودعم المنتج الوطني، وتبني الخطاب السياسي والوطني والإعلامي والرسمي لحركة التضامن والمقاطعةBDS والعمل على فرض عقوبات على إسرائيل، والعمل على الإنضمام لكافة الوكالات والمؤسسات الدولية.
5- دعوة السلطة والحكومة والأجهزة الأمنية إلى تكريس سيادة القانون واحترام استقلال القضاء، وحقوق الإنسان والمواطن، وحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وحرية الفكر والإعتقاد، وحقوق المرأة، وحرية الفضاء الإلكتروني، وحرية الإجتماع وتنظيم المسيرات والإعتصامات دون أية عوائق واحترام كافة الحقوق التي يكفلها القانون الأساسي للسلطة الوطنية وكافة القوانين المعمول بها.
6- إعادة النظر في وظائف السلطة بما يخدم وينسجم مع مرحلة التحرر الوطني لتكون السلطة جسر عبور للحرية والاستقلال والعودة، من خلال إعتبار الأولوية المقدسة لها هي توفير كل مقومات وشروط الصمود والمقاومة للاستعمار والاستيطان، وتكريس كل الإمكانيات لتحقيق الهدف ومنح الأولوية لقطاعي الصناعة والزراعة ودعم المنتوج الوطني، وتقديم الدعم للفلاحين الذين يقفون في الخندق الأول في مواجهة الاستيطان ومصادرة الأرض، إضافة إلى التمسك بقرار وقف التنسيق الأمني الضار والمؤذي للمصالح الوطنية العليا لشعبنا، والتسريع بخطوات تنفيذ إتفاق المصالحة بشكل أمين ومخلص ودقيق، والشروع بتشغيل المعبر وإعادة الكهرباء وبناء البنية التحتية للقطاع والعمل على رفع الحصار الاسرائيلي الغاشم وإطلاق عملية الإعمار، وإنّ الله والشعب والتاريخ لن يغفر لمن سبب الإنقسام ولن يرحم من يعطل المصالحة الوطنية.
أخوكم مروان البرغوثي
سجن هداريم
زنزانة رقم 28