قدمت هدى عثمان أبو غوش قراءة في ديوان الشاعرة فاطمة نزال.
" اصعد إلى عليائك فيّ" ديوان شعريّ للشاعرة الفلسطينيّة فاطمة نزال، عن دار النّشر مكتبة كل شيء-حيفا 2017.
"إصعد إلى عليائك فيّ" عنوان مُميز، ملفت للنظر، فيه أغراء للسّامع، فيه صوت انثى تخاطب الذكر بجُرأة بصيغة الأمر، وتطلب منه أن يصعد إلى مجده وذروته من خلالها.
قسّمت الشّاعرة ديوانها الشّعري إلى ثلاثة أقسام: ففي القسم الأول عبّرت عن علاقتها ومشاعرها بأُمِّها وقضايا إنسانيّة أُخرى، القسم الثاني يتطرق إلى وجدانيّة الشّاعرة وقلبها، أمّا القسم الثالث فاحتوى على قصائد قصيرة جدا غير معنونّة تحمل صورا شعريّة جميلة أيضا ذات طابع وجدانيّ.
القسم الثاني من الدّيوان يجذب القارئ أكثر من الأقسام الأُخرى لما فيه من جُرأة في التعبير عن العاطفة، العشق والإشتياق.
تأتي الشّاعرة بصور شعريّة تمزج صور العشق بالإشارات الدّينية لتعبّر عن حنينها عشقها ولوعة اشتياقها للحبيب وأثر الفراق، وتمنيت لو أنّ الشّاعرة ابتعدت عن زجّها بتلك الإشارات لما فيها من قداسة .
تقول في قصيدة "أوّل الغيث":
تفقد كفيّ روحي
إنهما يرسمان
لوحة عشق على جسدي.
وتتابع الشاعرة فتقول:
"كيف أتلمّس دفأهما
كيف أُلاحق شبق عدوهما
على مرابع صباي
كيف بسعيهما بين صفاي ومرواي
قد فّجرا ينابيع حنيني
إلى قُبلة من شفتيك".
وفي قصيدة "غواية" تقول:
"طاف الكون بلفتها
أضحت بؤرة
أمست كعبة العشاق
وقِبلةَ نساك التماهي".
وأيضا فإنّها استخدمت إشارات من القرآن الكريم من "سورة يوسف" في قصيدة" نهاية".
تأثرت بالأساطير فذكرت( عنات، إنكي،ّ اينانا).
تتكرر كلمة القُبلة عدة مرات في هذا القسم من( 118، 106 ، 108)للتأكيد على الفقد ووجع الفراق.
تقول في قصيدة "قُبلة":
"وأحنُّ لذلك الوعد
على شفا قبلة
انتظرتك".
وفي قصيدة "صرتهم"تقول:
"....
تلفنا عتمة
شجرة
تستر قُبلتين مسروقتين".
وفي قصيدة وهم:
"حين قبلتك ذات عناق لمقلتينا
لم أدرِ أن تلك القبلة
ستفتح النار
من كل الجبهات".
استخدمت الشّاعرة في صورها الشّعريّة ايحاءات جنسيّة فاستخدمت عدة كلمات توحي بذلك.(فض بكارة، رعشة ،رجفة جسد ،ألعق ما ألعق على شفتيّك،شهد العناق،.....).
جاءت بعض القصائد مقيّدة أنفاسها منقطعة بحيث تحرم القارئ من التخيّل والتّأمل كما في قصيدة "مرايا" حين تسأل وتجيب دون أن تتيح للقارئء أن يقرأ المشهد الشعريّ.
تقول: "أتبحث عنّي في عيون العاشقين
إذن دخلت متاهة لن تخرج منها ".
نجحت الشّاعرة في استخدام الإستعارات الجميلة وأكثرت من المناداة والخطابة .
حسب رأيي الشّخصي، لم يكن هنالك حاجة لمقدمة الكتاب "شاعرة قلبها بألف باب". لأن القارئ يريد أن يكتشف فحوى الكتاب وقدرة الشّاعرة بمفرده.
بقي أن أقول أنّها شاعرة كانت حُبلى بالعواطف الجيّاشة فولدتها فوق مساحات الذكرى،الحنين والفراق.