20 حزيران 2015
وقع في يدي (هكذا كان السالفون يقولون) باكورة «نخلة الشبر» مجلة أطفال مصورة تصدر في القدس، استحياء من شخصية بهذا الاسم، يبثها «تلفزيون القدس التربوي» على حلقات.
هذا حزيران النكسوي - النكبوي الـ 48، وفي حزيران الأول، قال الشاعر العروبي السوري، سليمان العيسى، أنه سيكرس أدبه للاطفال.
سننتظر خريف هذا العالم، لنرى كيف ينظّر المفكر الفلسطيني عبد الرحمن بسيسو لـ «أدب الأطفال، بين كتابة الانشاء وانشاء الكتابة» عن «دار ابن رشد».
لا أعرف، كم مجلة تكرسه للاطفال (٥٠٪ من الاجمالي الديموغرافي العربي)، لكن قرأتُ أن «مؤسسة القطان» اقامت في غزة اكبر مكتبة لكتب الاطفال.
هذا زمن، وفيه يعلّم الاولاد الصغار آباءهم كيف يتعاملون مع أجهزة الاتصال الحديثة، والآباء الموسرون يضعون في غرفة الاولاد تلفازا ثانيا لقنوات الاطفال.
كان علينا، في الابتدائي والاعدادي، ان يساهم كل تلميذ بشراء كتاب لمكتبة الصف، لما لم يكن هناك مجلات خاصة بالاطفال والصغار.
يعيبون على «أمة تقرأ» انها لا تقرأ، وأن متوسط قراءة العربي هو ثلث صفحة، وأن ما يصدر من كتب بالعربية لا يتعدى الـ ١٪ مما يصدر ببقية اللغات.
خلينا في مجلات الاطفال، وكانت بدايتها، على ما اذكر: «سوبرمان» و«ميكي ماوس» وربما في وقت لاحق «اسامة»، ثم ملحق «العربي الصغير» عن مجلة «العربي» الشهرية الصادرة في الكويت.
اعترف انني لا أوفّر مطالعة ملحق «يراعات» عن «مؤسسة الأيام»، المهم، أن باكورة «نخلة الشبر» تضمنت مقولة فرنسية قديمة، ولعلها تقادمت «كادوك» وتقول: «ان نصف الكتب لا تنشر، ونصف الكتب التي تنشر لا تباع، ونصف الكتب التي تُباع لا تُقرأ، ونصف الكتب التي تُفهم يساء فهمها».
هل هذا صحيح؟ أتذكر حسرة كمال جنبلاط أمام مكتبته العامرة «يا عمي .. بدها عمر ثاني لقراءتها». هذه الحسرة ذكرتني بفضيحة لأدعياء الثقافة في لبنان، حيث يجلدون امهات الكتب بغلاف فاخر .. لكن لمجرد الديكور، دون محتويات الكتاب؟ (كما يفرغون الذبيحة من احشائها)!
أحياناً، يسألون مثقفاً عن كتب أثرّت فيه، ويبدو انني والشاعر السوري نزيه ابو عفش لنا ذاكرة مشتركة في قراءة كتاب «الامير الصغير» Lepetite prince، وفيها سخرية لاذعة من ثقاة القوم الكبار. المؤلف جان ميرموز كان طياراً في بدايات عصر الطيران وسقطت طائرته في الصحراء، لكن كتابه عن مفارقات سفره الى كواكب بعيدة المهم، ان باكورة «نخلة الشبر» مجلة للاطفال، أوحت لأديب الاطفال، خالد جمعة، شعراً بسيطاً كأنه اهزوجة او اغنية، وهاكم بعضها:
«نخلة الشبر اسمي / قد الشبر جسمي»
«طالع على بالي / اعمل بلد باسمي»
«بلد ما فيها حرب / ولا فيها لون كاكي»
«واللي ما عجبه / يروح يبنيلو بلد»
ابنتي صارت أماً، ولما كانت طفلة، كتبتُ لها قصة اطفال بقيت عالقة في ذهنها، وخلاصتها كالتالي: شقوا طريقاً مسفلتاً في حقل غير مضاء، وعندما أعود ليلاً الى بيتي أطأ بنعلي حلزونات، لكن عندما أنام أجدها صعدت الى سريري وتمشي على وجهي، كما في فيلم «العصافير» لمخرج الرعب الفرد هتشكوك.
ذكرتني «نخلة الشبر اسمي» بنشيد آخر تعلمته في مدرسة ابتدائية لـ «الاونروا» وكان أبي يحبّه، ولا أذكر منه سوى «أنا علي المعوّل» والمعوّل يا سادتي هو المستقيل.
كنت «دودة كتب» في صغري، وفي هذا العمر انظر الى مكتبتي واتحسر كما فعل جنبلاط.
حسن البطل