خلال كلمته في عشاء الميلاد المجيد

الحمدالله: بيت لحم والقدس رمزاً للتعايش والمحبة والوحدة رغم الاستيطان والجدران

الحمدالله.jpg
حجم الخط

قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: "ستظل بيت لحم ومعها القدس رمزا للتعايش والمحبة والوحدة رغم الاستيطان والجدران التي تطوقها، وستظل بلادنا عنوانا للعبادة وتسامح الأديان مهما مر من وقت أو عظمت التحديات".

جاء ذلك خلال كلمته في عشاء الميلاد المجيد، مساء اليوم الأحد، بدير الفرنسيسكان في بيت لحم، وحفل الاستقبال بمناسبة عيد الميلاد المجيد الذي اقامته بلدية بيت لحم في ساحة كنيسة المهد، بحضور رئيس الأساقفة بيرباتيستا بيتسبالا، المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية في القدس، ونائب حراس الأراضي المقدسة الأب بوبرومير جاستل، ووزير الخارجية المالطي كارميلو أبيلا، وزيرة السياحة والآثار الأردنية السيدة لينا عناب، وعدد من الشخصيات الدينية والاعتبارية والوزراء ومدراء المؤسسة الأمنية.

واضاف الحمد الله: "يسعدني أن أكون بينكم في كنف مدينة بيت لحم، وعلى مقربة من القدس المحتلة، مهد الديانات وزهرة المدائن، العاصمة التاريخية والأبدية لدولتنا، اليوم تلتفت أنظار العالم نحو بيت لحم، التي من على أرضها انطلقت رسالة المحبة والسلام إلى العالم أجمع، لنا عظيم الفخر، أن ترتبط هذه الاحتفالات المجيدة بأرضنا، وأن ننحدر من مهد الأنبياء والقديسين".

وتابع: "نيابة عن فخامة الأخ الرئيس محمود عباس، أهنئ أبناء شعبنا وكافة شعوب العالم بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، وأحيي ضيوفنا الكرام الذين يشاركوننا اليوم فرحة الميلاد، ويشرفنا أن يكون بينهم معالي وزير خارجية جمهورية مالطا السيد كارميلو أبيلا، ومعالي وزيرة السياحة والآثار الأردنية السيدة لينا عناب، ممثلة عن جلالة الملك عبد الله الثاني، وجودكم هنا بيننا هو رسالة تضامن هامة مع حقوق شعبنا وقضيته العادلة".

وبيّن الحمدالله: "لقد ارتبطنا مع الأردن بعلاقات أخوية وصداقة تاريخية متينة، وبشراكة وتعاون استراتيجي نما وتطور ليصل إلى كافة المجالات والأصعدة، وللأردن ايضا دور تاريخي وريادي في صنع السلام ودعم حقوق شعبنا في كافة المحافل. ورغم الظروف السياسية الصعبة والمعقدة، فقد حافظت المملكة الاردنية الهاشمية من خلال الوصاية الهاشمية على دورها الراسخ في حماية القدس، ودعم صمود أهلها، والحفاظ على المسجد الأقصى المبارك، وصون مقدساتنا الإسلامية والمسيحية".

واستدرك: "إننا هنا بعد أكثر من ألفي عام على ميلاده، نؤكد على الرسالة التي حملها وجسدها سيدنا المسيح عليه السلام ولنقول للعالم، أننا صامدون باقون على هذه الأرض المقدسة التي باركنا الله بها، متمسكون بهويتنا الإنسانية والحضارية وبقيم التعايش والمحبة والوحدة، هذا هو تاريخنا وأرثنا الذي لن نحيد عنه، وسنعمل يدا بيد، مسلمين ومسيحيين وسامريين، للدفاع عن أرضنا ومقدساتنا، فنحن أصحاب الأرض والمؤتمنون على حمايتها".

وأوضح: "نجتمع على هذه الأرض المقدسة التي تعاني من الألم والظلم والطغيان، فالقدس وبيت لحم مدينتا السلام والمحبة، اللتان احتضنتا التعايش والمحبة على مدار العصور، تعيش اليوم على وقع العزل وقساوة الحصار والجدران والتمييز، وتنفصلان لأول مرة منذ نشأة المسيحية، إذ تلتف حوالي ثماني عشرة مستوطنة استعمارية غير قانونية حول بيت لحم وحدها، بينما يترك جدار الفصل العنصري الذي يمتد في قلب المدينة ونحو وادي كريمزان، آثاره الموجعة على حياة العائلات الفلسطينية، وخاصة المسيحيين منا، ولا تزال هذه المعاناة مستمرة بل ومتفاقمة مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في توسعه الاستيطاني، وفي مصادرة الأرض والموارد،

وفي استهداف شعبنا الأعزل وحرمانه من العيش بحرية وكرامة في وطنه، ومنعه أيضا من الوصول إلى أماكن العبادة وممارسة شعائره الدينية".

واردف الحمدالله: "وبدلا من لجم هذا العدوان الإسرائيلي، واحترام مكانة القدس كأرض للأنبياء وللرسالات السماوية الثلاث، قررت الإدارة الأمريكية أن تكافئ إسرائيل على ممارساتها الاحتلالية وعلى خرقها للقانون الدولي ولمبادئ حقوق الإنسان، عبر قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، بل وراحت تهدد وتتوعد الدول المناصرة لقضيتنا والرافضة لهذا القرار الأحادي غير المسؤول".

واستطرد: "لقد أكد فخامة الأخ الرئيس بموقف ثابت وحازم، على أننا لن نقبل بالولايات المتحدة وسيطا في عملية السلام، فهي لن تستند إلى حل الدولتين على حدود عام 1967 أو إلى القرارات الدولية والأممية، التي تعتبر جميعها الأساس لأي حل سياسي عادل ومتوازن، بل تسعى إلى تجاوزها بخلق وقائع جديدة على الأرض".

وقال: "ان العالم مطالب اليوم، وهو يحارب التطرف والعنصرية والإرهاب، بوقف الانتهاكات لحرمة هذه الأرض المباركة، وحماية ما عليها من مقدسات، بل تكريس مكانتها التاريخية كمبعث للأمل والميلاد والسلام، ووضع حد لما يتعرض له شعبنا وتراثه الحضاري والثقافي من مخاطر حقيقية جراء الممارسات الإسرائيلية، فلا يمكن للمجتمع الدولي أن يستمر في صمته عن وضع تستباح فيه المقدسات وتصادر الحريات وتسيطر فئة على أخرى بالعنجهية وبجبروت القوة، إن السكوت عما يحدث في بلادنا، يسيء إلى ثقافة التسامح والتفاهم بين الأديان، ويؤجج الصراع على نحو لن تحمد عقباه".

وأضاف الحمد لله: "إننا نثمن عاليا الموقف الصلب والحر الذي أبدته الدول الشقيقة والصديقة، بالتصدي للقرار الأمريكي رغم كل الضغوط التي مورست عليها، ونوجه التحية للكرسي الرسولي وللبابا فرنسيس على موقفه المشرف برفض قرار الرئيس الأمريكي ودعوته الجميع إلى الالتزام بالوضع القائمِ في القدسِ. إن هذا الإجماع الدولي، إنما يعطي قضيتنا المزيد من القوة والعنفوان، ويمد شعبنا بالثبات والعزيمة والإصرار".

وأردف الحمد الله: "نتوجه كذلك بكل الشكر والتقدير لقيادات ورؤساء الكنائس في فلسطين التي تلتف حول قيادتنا الوطنية وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس، وتخدم كافة أبناء شعبنا وتكرس الوحدة المسيحية الإسلامية في أعلى صورها، إننا بمثل هذه الروح من الوحدة والثبات، نؤكد أنه لا يمكن لأي قرار أن يغير من وضع ومكانة القدس الروحية والدينية والوطنية، فهي مدينة فلسطينية عربية إسلامية مسيحية، ولا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية دون أن تكون القدس عاصمة لها، ودون ذلك لن يكون هناك سلام في المنطقة أو في العالم بأسره".

وتابع: "سنواصل العمل مع أحرار العالم، ومع أصدقائنا وشركائنا من كافة أصقاع الأرض، لنيل حريتنا واستقلالنا وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 والقدس عاصمتها الأبدية، وسنواصل التنسيق الدائم مع المملكة الأردنية الهاشمية للحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وجميع أماكننا المقدسة المسيحية والاسلامية".

وأضاف: "يتزامن احتفالنا هذه السنة مع مرور 800 عام على الوجود الفرنسيسكاني في فلسطين، هذه الرهبنة التي أسسها القديس فرانسيس الأسيزي. هذه مناسبة هامة للتأكيد على أهمية وجود الرهبان الفرنسيسكان، وعلى حيوية نشاطاتهم وعملهم في الأراضي المقدسة، خاصة في كنيستي القيامة والمهد. ونثمن مساهمتهم في خدمة المجتمع المحلي بكافة مكوناته وفي العديد من المجالات".

واختتم الحمدالله كلمته قائلا: "من على أرض السلام والأنبياء والقديسين، نجدد نيابة عن فخامة الأخ الرئيس تهنئتنا لدول وشعوب العالم بالأعياد المجيدة، وكلنا أمل في غد يعم في ظله التعايش والعدل والسلام، ويسقط الاستعمار والتمييز والاستحواذ إلى غير رجعة، وتزدهر فيه الطاقات وتتوحد للبناء والإعمار لا للتدمير والهدم والتشريد".

إلى ذلك، تفقد الحمد الله، اعمال الفسيفساء التي يتم ترميمها في كنيسة المهد. كما حضر رئيس الوزراء قداس العيد للطائفة الانجليكانية في كنيسة مار جريس، بحضور مطران الطائفة الانجليكانية ولفيف من الآباء ورجال الدين، والقنصل البريطاني العام في القدس.