نظم مركز شؤون المرأة في غزة لقاء لمناقشة نتائج ثلاث دراسات أجراها خلال العام 2017، أظهرت جميعها تواصل معاناة النساء الفلسطينيات وخاصة في قطاع غزة، إذ بينت أن 82% من النساء في قطاع غزة ساءت ظروفهن المعيشية والاقتصادية بسبب أزمة انقطاع التيار الكهربائي، كما أظهرت دراسة أخرى أن العنف ضد النساء ينتقل من جيل إلى جيل، فيم أكدت الثالثة أن المساعدات القانونية التي تقدمها المؤسسات لها تأثير إيجابي على حياة النساء اللواتي تلقين الخدمة.
وحضر اللقاء العديد من الأكاديميين/ات من مختلف جامعات قطاع غزة، وباحثين/ات، وممثلي عن مؤسسات المجتمع المدني والدولي، واعلاميين/ات، ومحاميين/ات.
وقالت آمال صيام، مديرة المركز" منذ بداية إنشاء مركز شؤون المرأة عام 1999م كان يعطي اهتماما واضحا للبحث العلمي، وبشكل خاص الدراسات البحثية المتعمقة في المرأة والمجتمع، حيث لدينا الكثير من الدراسات والأبحاث على مستوى قطاع غزة تخص المرأة والمجتمع، ومنذ ما يقارب 4 سنوات سعى المركز إلى استقطاب باحثين/ات من الخارج مع الاستمرار بعمل الأبحاث الداخلية أيضاً".
وعن استقطاب الدراسات لهذا العام بينت صيام أنه تم الإعلان في بداية العام عن مسابقة للأبحاث حيث شارك في تقديم الطلبات والأفكار 42 مقترحا منهم 3 من الضفة، وبحسب تحرير الإطار العام للدراسات ولتحديد قالب يربط الدراسات مع بعضها البعض فتم اختيار عنوان عريض عند اختيار الافكار وهو "العنف المبني على النوع الاجتماعي".
وأوضحت أنه تم اختيار مقترح يهتم بتأثير انقطاع الكهرباء على النساء ومدى زيادة العنف عليهن بسبب ذلك، وهو يعتبر أول بحث على مستوى فلسطين يقيس هذا التأثير وهذا النوع من العنف، أما البحث الثاني وهو أيضاً يعتبر نقلة للمركز في الأبحاث ولأول مرة يتم عرضة وهو مدى دور الرجال في الحد من العنف الممارس ضد المرأة، والبحث الثالث كان مناصفة ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتناول أثر الخدمات القانونية التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني على واقع المرأة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وذكرت في ختام حديثها أن اليوم هو ليس فقط لعرض النتائج بل أيضا أخذ التوصيات والتوجيهات ووجهات النظر حول الدراسات للأخذ بهم في المستقبل بما يخص الأبحاث وبما يخص الدراسات القامة.
الدراسة الأولى حملت عنوان "أثر انقطاع الكهرباء على العنف الأسري في قطاع غزة" للباحث شادي الكفارنة، وكشفت أبرز نتائجها انتشار أشكال مختلفة من العنف الأسري نتيجة انقطاع الكهرباء، إضافة إلى تحمل مسؤولية الحفاظ على تماسك الأسرة فضلًا عن تردي أوضاعهن الصحية نتيجة للأزمة.
وكشفت الدراسة تزايد الأعباء المنزلية على النساء نتيجة انقطاع الكهرباء إضافة إلى شعورهن بالخوف وعدم الأمان، إضافة إلى انشغالهن بأولويات الحياة اليومية على حساب احتياجاتهن الخاصة، وأيضًا عانين من فساد الأطعمة وعدم الحصول على النوم الكافي بسبب أزمة الكهرباء بنسبة 61%.
وأوصى الباحث المنظمات الإنسانية بضرورة تقديم الدعم اللازم للمواطنين في قطاع غزة وخاصة للأسر الفقيرة وللعاطلين عن العمل بما يسهم في رفع قدرتهم على تغطية متطلبات الحياة الأساسية ودفع ثمن استهلاك الكهرباء وتوفير جزء من التمويل لصالح الطاقة.
كما أوصى بتقديم استشارات نفسية واجتماعية للنساء ولأفراد الأسرة، والضغط على وسائل الإعلام لمراعاة حقوق النساء في تغطيتها والحفاظ على خصوصياتهن وعدم انتهاك كرامتهن، ووضع استراتيجية إعلامية واضحة للتصدي للعنف المجتمعي، والعمل على نشر الوعي لفهم حقوق النساء.
أما الدراسة الثانية والتي حملت عنوان "دور الشباب الذكور في الحد من العنف المبني على النوع الاجتماعي"، للباحث محسن أبو رمضان، فأكدت أبرز نتائجه أن العنف ظاهرة منتشرة نتيجة لعدة أسباب أهمها النظرة الدونية للمرأة المستمدة من الموروث الثقافي وبنية المجتمع المحافِظة، كما يتزايد العنف كلما تزايد الفقر وانخفض مستوى المعيشة وفقًا لنتائج الدراسة.
وأوضحت الدراسة أن هناك علاقة عكسية بين العنف والمستوى التعليمي، إذ يتسم التعليم في انخفاض نسبة العنف ضد النساء، ويقود إلى اتباع أساليب أكثر ديمقراطية دخل الأسرة مثل العلاقة المبنية على الشراكة والمساهمة في أعمال المنزل وإشراك النساء في صنع القرار وضمان حقوقهن في الميراث والصحة اللائقة والتعليم المناسب.
وأوصت الدراسة بإدماج الذكور في العائلات ضمن برامج المؤسسات الأهلية النسوية وزيادة برامج التدريب والتثقيف من أجل توعيتهم بخطورة العنف الموجه ضد النساء، إضافة إلى أهمية وجود حلقات متكاملة تستهدف الذكور وتبدأ بالاهتمام بالأطفال والفتية وصولًا إلى الشباب وتهتم بتثقيفهم على مناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي.
كما أوصت بضرورة تجديد بعض البرامج الناجحة في مجال توعية الذكور وأبرزها تجربة تشكيل لجان الحماية تجاه موضوع الحرمان من الميراث، وتعزيز دور هيئات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات ومنظمات أهلية في تعزيز مشاركة المرأة وتمثيلها وتمكينها اقتصاديًا وتنمويًا ومعرفيًا وتعزيز التمثيل الإيجابي لها في كافة بنى وهياكل مؤسسات المجتمع المدني.
الدراسة الثالثة جاءت بعنوان "أثر الخدمات القانونية التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني على واقع المرأة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة"، للباحثة ميسون حلبية من القدس المحتلة عرضتها الباحثة ريهام عودة من غزة، وأكدت أبرز نتائجها أن برامج الخدمات القانونية لها تأثير إيجابي على حياة النساء اللواتي تلقين الخدمة حيث بلغ مستوى تأثيرها 81% وبرز هذا التأثير في نواحي متعددة منها تخفيف حدة التوتر والضغط النفسي وزيادة الثقة بالنفس والقدرة على حل المشكلات.
وأظهرت النتائج أن أكثر المشكلات التي تعانيها النساء في سعيهن للحصول على العدالة هي الظروف الاقتصادية الصعبة بنسبة 84% إضافة إلى قلة الوعي بالحقوق والإجراءات بنسبة 83% وطول أمد التقاضي بنسبة 81% وأيضًا العادات والتقاليد بنسبة 80%.
أما أبرز توصيات الدراسة فكانت ضرورة تنظيم لقاءات وتدريبات توعوية على مستوى المؤثرين في الأطر غير الرسمية لتعزيز دور رجال الإصلاح في القضايا الخاصة بالمرأة، وتوسيع أنشطة المؤسسات العاملة في مجال تعزيز وصول النساء للعدالة في مختلف المناطق خاصة النائية.
كما أوصت الدراسة بتوسيع الخدمات القانونية وعدم اقتصارها على تلك المتعلقة بالأسرة والعمل على تحسين البيئة القانونية الداعمة للوصول إلى العدالة وخلق حالة من الحراك المجتمعي القانوني لتعديل بعض القوانين التي يشوبها القصور في قضايا المرأة.
يذكر أن المركز اختار ثلاث دراسات بعد الإعلان عن مسابقة بحثية لعام 2017 حول دراسات في قضايا العنف المبني الاجتماعي، وتم تقديم (42) مقترحاً بحثياً، وبعد دراسة المقترحات البحثية تم اختيار الثلاث دراسات من قبل لجنة مختصة، استناداً لمعايير أهمها الارتكاز على قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي في الإشكالية البحثية المقدمة، طرح إشكالية بحثية من زاوية جديدة لم يتطرق لها مركز شؤون المرأة في أبحاثه السابقة، أن يغطي البحث الشريحة الأكبر من النساء الفلسطينيات كفئة مستهدفة.
ويعتبر مركز شؤون المرأة أن هنالك أهمية كبيرة لإعداد الدراسات والأبحاث التي تتعلق بقضايا المرأة، لتحديث قاعدة المعلومات والبيانات الخاصة بالمرأة الفلسطينية، والتي تساهم بدورها في رسم السياسات ومن شأنها أن تكون أداة حقيقية للتغيير، ودأب على طرح المسابقة ليتمكن باحثات وباحثين جدد خوض المجال للتعمق في قضايا المرأة، ولتعزيز مهاراتهم/ن إضافة إلى رفد الحركة النسوية بدراسات حديثة حول واقع المرأة الفلسطينية.