أبو مازن يواجه أكبر أزمة سياسية منذ 45 عاما

ناصر-اللحام.jpg
حجم الخط

 

جاوز الصهاينة المدى ، وأوغلوا في قهر الشعب الفلسطيني وسرقة تاريخه ومدنه وأرضه وهويته ، وبدأوا بتنفيذ مخططات لضمان تحطيم مستقبل الأجيال الفلسطينية القادمة ، وقد استغل اليهود المستعمرون سيطرة الصهيونية العنصرية على البيت الابيض في تحطيم كل القيود الدولية التي منعتهم من نهب خيرات فلسطين وتحويل شعبها الى أسرى داخل غيتوهات تحاصرها المستوطنات . أمّأ قرار الليكود ضم الضفة ( يحاول اليهود استخدام مصطلح الضفة الغربية وغور الاردن باعتبار أن غور الاردن ليس جزء من الضفة ، وكأن القدس ليست جزء من الضفة الغربية ) . ان قرار الليكود ضم الضفة الغربية يعني أن حكومة المستوطنين قررت فتح بورصة النهب والسيطرة أمام شركات الاستيطان ، وأمام الارهابيين اليهود لسرقة ما تبقى من أرض ومياه وجبال وأغوار في الارض الفلسطينية ، وفرض أبارتهايد الحكم العسكري على الفلسطينيين لعشرات السنوات القادمة . ويمكن لنا تشبيه هذه الفترة التي نعيشها الان بفترة انتفاضة 1936-1939 . حين كانت بريطانيا ( أمريكا اليوم ) تحارب وتقهر الشعب الفلسطيني بيد ، وتقوم باليد الأخرى بتسليح اليهود وتمكينهم من السيطرة على الأراضي والمدن والمطارات والموانئ .

في اذار 2015 انعقد المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله واتخذ 6 قرارات ، نالت اعجاب القوى والفصائل الفلسطينية .  القرارات هي : تحميل الاحتلال مسؤولية احتلاله للاراضي الفلسطينية ( ولكن المجلس المركزي لم يعرف كيف يمكن تحميل الاحتلال هذه المسئولية طالما ان السلطة قائمة وتتحمل المسؤوليات ) ،  ووقف التنسيق الامني مع اسرائيل ( ولكن المجلس المركزي لا يعرف كيف يوقف التنسيق الامني مع اسرائيل لان أداء السلطة مرتبط عضويا بالتنسيق مع الاحتلال ) . وقرر المجلس المركزي أيضا ، تحديد سقف زمني لانهاء الاحتلال من خلال الامم المتحدة والمجتمع الدولي ( ولكن المجلس المركزي لا يعرف كيف يمكن دفع الامم المتحدة لتنفيذ هذا القرار في ظل وجود ترامب وزبانيته ) . وقرر المجلس رفض يهودية الدولة ، والتوجه للمحاكم الدولية ، وقرر ايضا مقاطعة المنتجاات الاسرائيلية ( ولكن السلطة لا تزال تشتري الوقود والغذاء والماء والكهرباء والدواء من اسرائيل !!! ) .

لقد مرّت منظمة التحرير بظروف صعبة مشابهة لهذه في العام 1983 بعد خروج الفدائيين من لبنان الى اليمن وليبيا والجزائر وتونس . وقد عانت حينها من شح الدعم وترهل المؤسسات واهتزاز الثقة بالنفس وتناثر القيادات وعبث اجهزة المخابرات العربية والدولية بالبيت الداخلي الفلسطيني من خلال الانقسام والانشقاقات والتشكيك والاحباط و... .

ان الأزمة الراهنة أكبر بكثير من امكانيات اللجنة التنفيذية الحالية ، واكبر بكثير من قدرات المجلس المركزي مع الاحترام للتاريخ النضالي لكل عضو من اعضائه ، وان المخططات الصهيونية الراهنة أخطر بكثير مجرد قرار عابر .

وحتى منتصف الشهر الجاري ، موعد إنعقاد المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله . سيقف الرئيس عباس أمام أفكار ومقترحات أخطر من بعضها البعض ، ولن يكون هناك قرارات سهلة ،ولن يكفي القول بالذهاب الى المنظمات الدولية ،  و سيجد أن كل الخيارات صعبة لدرجة الخطورة . وأن باقي القوى والفصائل والتنظيمات الموالية أو المعارضة تلمس وتعيش نفس الأزمة رغم العناوين الارتجالية التي تطلقها هنا وهناك . وان  الإبقاء على السلطة بشكلها الحالي مصيبة ، لكن الذهاب الى حل السلطة مصيبة أكبر . والان يحتاج أبو مازن وتحتاج القضية الى أصدقاء الثورة الفلسطينية في جميع انحاء العالم ، وبحاجة الى تحالفات تاريخية عميقة تقف الى جانبه ولا تبيع ضميرها  في لحظات الحسم التاريخي . والان أبو مازن لا يحتاج  الى ولاءات ديماغوجية سخيفة . بل يحتاج الى كفاءات صادقة بمستوى فلسطين واهل فلسطين الطيبين .